بين عشية وضحاها، وجد الإعلامي الساخر باسم يوسف نفسه تحت القصف الإعلامي، بعدما نشر في جريدة الشروق مقالا بعنوان "لماذا لا يهتم بوتين؟، تبين أنه مسروق من مقال للكاتب البريطاني "بن جودا"، سبق أن نشره في مجلة بوليتيكو قبل نحو ثلاثة أسابيع.
وأثارت الواقعة غضب وسخرية نشطاء وإعلاميين، بسبب عدم أمانة باسم، وكذلك اختياره مقالا للباحث "بن جودا"، المعروف بانتمائه للحركة الصهيونية.
وأعلن الدكتور أحمد عبدالحميد، مدير قسم الترجمة في موقع "ساسة بوست"، أن مقال باسم يوسف مقتبس بشكل كامل من مقال تم ترجمته على الموقع، وبنفس التسلسل، ولم يتعب باسم نفسه في ترجمة المقال، باستثناء المقدمة واستخدامه العامية المصرية في بعض الأجزاء".
وأضاف: "حتى المقدمة التي كتبها باسم يوسف للمقال، ورد بها خطأ معلوماتي، حيث خلط بين أزمة خليج الخنازير، وأزمة الصواريخ الكوبية".
باسم موحد الخصمين
وللمفارقة، فإن باسم يوسف الذي اعتاد طوال السنوات الثلاث الأخيرة، السخرية من كل الشخصيات السياسية والإعلامية والفنية، جاء دوره ليشرب هو من الكأس التي سقى منه الجميع.
وربما كان هذا هو السبب الذي جعل تلك الواقعة، توحد - للمرة الأولى منذ يونيو الماضي - مؤيدي قائد الانقلاب العسكري السيسي، وأنصار الرئيس المنتخب محمد مرسي، الذين وجهوا كلهم تقريبا انتقادات لاذعة لباسم، بعدما أصبح خصما للجانبين.
وفي مشهد نادر في مصر، يمكنك أن تجد شخصين على مواقع التواصل الاجتماعي، أحدهما يضع صورة السيسي والثاني يضع شعار رابعة، وقد اتحدا ضد باسم يوسف وصبا عليه جام غضبهما.
كما تبادلت الصفحات المؤيدة والمناهضة للإخوان – ربما للمرة الأولى في التاريخ – الصور والتعليقات الساخرة من سرقة باسم للمقال.
شماتة بلا حدود
وحظيت القضية باهتمام وسائل الإعلام المصرية، التي أظهر معظمها الشماتة في باسم، حيث دخل المذيع إبراهيم عيسى على الخط قائلا على حسابه على تويتر لباسم: "لما انت ناوي تسرق مقالات، كنت إديني رنة وأنا كنت زبطتك، أحسن ما تسرق من واحد صهيوني يفضحك، الفضحية السودة دي".
ولم يفوت المذيع أحمد موسى - أحد أكثر الشخصيات التي تهكم عليها باسم مؤخرا – الفرصة وشن عليه هجوماً حادا قائلاً: "ما فعله باسم يوسف هو "شغل لصوص"، مضيفا " هذه الواقعة تثير تساؤلات عديدة عن المقالات الأخرى، التي كتبها باسم يوسف".
وأضاف "هذه السرقة تم اكتشافها، لكن ما خفي كان أعظم، مؤكدا أن الشعب المصري عرف حقيقة باسم يوسف بعدما أوقع نفسه بنفسه".
أما عمرو أديب فقال: "إن غلطة الشاطر بألف، ولست أذكى الموجودين، وطريقتك في سرقة المقال كانت "مفقوسة جدا"، وفيما يشبه الابتزاز، طلب أديب من باسم الانضمام مجددا إلى معسكر الإعلاميين الذين يهاجمون الإخوان، بعد أن افتضح أمره.
بدوره لم يغب الملحن عمرو مصطفى هو الآخر عن "الحفلة"، وقال على "فيس بوك": "اللى هيسرق بوست بعد كده من غير ما يقول هو ناقله من مين، هنقوله (بس يا باسم)".
#باسم_طلع_حرامي
وتقدم يوسف باعتذار عبر حسابه على تويتر قائلا: "أتحمل المسؤولية لعدم إضافة مرجع المقال في النهاية، تمت إضافته لاحقا، أعتذر بشدة".
ومع تواصل الهجوم عليه، اضطر باسم إلى نشر توضيح قال فيه: "إن عدم ذكر مصدر في المقال، حدث بسبب ضغط العمل في برنامجه البرنامج يوم الثلاثاء".
لكن إحدى الناشطات ردت عليه قائلة: "عبيد باسم يصدقون أي شئ، باسم اعتذر بسبب ضغوط العمل يوم الثلاثاء، فكيف حصل هذا الأمر والمقال تم تسليمه قبل الثلاثاء، حيث نشر في عدد الثلاثاء الذي يتم تنفيذه مساء الاثنين؟".
وأضاف "باسم" في اعتذاره: "قررت أن أجرب النقل عن موقع سياسي أجنبي، وجهة نظر مختلفة لأزمة القرم، وتنبهت بعدها لخطأ في أول المقال، فقمت بتصحيحه، لكن للأسف سقط مني سهوا ذكر مصادر المقال، لم أتنبه للخطأ إلا متأخرا بسبب ضغط العمل، وتم التصحيح في النسخة الإلكترونية للجريدة، واعتذرت على حسابي على تويتر".
لكن نشطاء انتقدوا باسم أيضا وتساءلوا، لماذا لم يعترف بالسهو منذ البداية، وعمد إلى "التدليس" عبر تعديل المقال، بعد اكتشاف سرقته، وأضاف عدة أسطر عليه ليوهم القراء أنها كانت موجودة بالفعل، قبل أن يكتب مصدر المقال.
أما الكاتب الصهيوني صاحب المقال الأصلي بن جودا، فسخر من باسم بسبب تلك الواقعة قائلا له - عبر تويتر¬ – "إن ما فعلته يعتبر اتصالا بالكيان الصهيوني"، فرد عليه باسم قائلًا: "اعتذر عن الواقعة، ولكني بالفعل أضفت المرجع في نهاية المقال، ولكن لا أحد قرأ المقال لنهايته".
وبعد اعتذار باسم قال له بن جودا: "قبلت اعتذارك لكن لا تفعلها ثانية".
وعقب تفجر الأزمة دشن نشطاء هاشتاجات للتعليق عليها، أبرزها هاشتاج #باسم_طلع_حرامي، الذي أصبح أحد أبرز الهاشتجات على مواقع التواصل الاجتماعي، وجذب عشرات الآلاف من التعليقات والمشاركات.
وتنوعت تعليقات النشطاء بين الجادة والساخرة، كما انقسم المعلقون حول قبول اعتذار باسم، بين من رآه كافيا لإغلاق القضية، وبين من رآى أن باسم اعتذر بعد اكتشاف سرقة المقال وليس قبلها.
مصداقية باسم يوسف تنهار بعد اكتشاف المزيد من سرقاته
بعد اكتشاف سرقة باسم يوسف لمقال كتبه باحث بريطاني، حفزت تلك الواقعة نشطاء وسياسيين للبحث في تاريخ الإعلامي الساخر، للتأكد مما إذا كانت هناك سرقات أخرى في حياته.
وتحول باسم من صياد إلى فريسة، فبعد أن كان يبحث للشخصيات العامة عن مقاطع فيديو قديمة تثبت كذبهم أو حتى تحول مواقفهم، أصبح هو الآن محل بحث وتحري، حيث أعلن نشطاء عن تفتيشهم في ماضيه للتأكد من صحة المعلومات الشخصية التي أعلنها من قبل، والشهادات العلمية التي ادعى الحصول عليها، وحتى البرامج التي قدمها خلال السنوات الثلاث الماضية.
مفاجآت في تاريخه المهني
وقال الناشط زياد بسيوني: "إنه اكتشف بعض المفاجآت عندما بحث على الإنترنت عن أي أوراق بحثية باسم "باسم يوسف"، باعتباره طبيبا وحاصل على الماجستير والدكتوراه - كما يعرف نفسه - للتأكد مما إذا كانت رسالة الماجستير والدكتوراه هي أيضا
مسروقة أم لا.
وأوضح بسيوني" باسم لا توجد له أي ورقة بحثية باسمه على الإنترنت، وإن المؤتمر الطبي الوحيد الذي شارك فيه كان عام 2014، وقدم فيه فقرة بصفته مذيع تلفزيوني وليس طبيبا".
وتابع: في بداية ظهوره ادعى يوسف أنه يعمل في مستشفى كليفلاند الأمريكية - وهي أفضل المستشفيات في العالم من الناحية العلمية - ثم أعلن أنه تخرج في كليفلاند، وبعدما أصبح مشهوراً تتبع كل صفحاته على فيس بوك وويكيبيديا وغيرها وحذف منها علاقته بكليفلاند.
وأضاف بسيوني أن باسم أعلن بعدها أنه حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة، لكن بالبحث تبين أن اسمه ليس مسجلا في أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة كما يدعي، ولا توجد دكتوراه مسجلة باسمه على قاعدة بيانات الجامعة.
واختتم الناشط زياد بسيوني كلامه قائلا: "إنه اكتشف أن باسم يوسف تخرج من جامعة بني سويف، وأن اسمه مسجل في قاعدة بيانات كلية الطب بقسم جراحة القلب، لكنه يحمل درجة الماجستير فقط وليس الدكتوراه كما يزعم".
"البرنامج".. أيضا مسروق
ووجه نشطاء اتهامات لباسم بسرقة أعمال أخرى سابقة نسبها لنفسه، حيث قال نشطاء إنه سرق برنامجه "البرنامج" بما فيه فكرة وديكور ونصوص من برنامج للأمريكي جون ستيورات، حتى أن باسم يقلد مقدم البرنامج في كل حركاته وطريقة أدائه.
ونشر النشطاء صورة تثبت تطابق الديكور والفقرات وطريقة عرض مقاطع الفيديو بين البرنامجين، حتى أنهم عرضوا فقرة بكاملها قدمها باسم من أسبوعين سبق تقديمها في البرنامح الأمريكي منذ أكثر من عام ونصف.
وشكك عدد من الإعلاميين والسياسيين في تاريخ باسم، حيث قال المذيع أحمد موسى - أحد أكثر الشخصيات التي تهكم عليها باسم مؤخرا - "هذه السرقة هي فقط ما تم اكتشافه لكن ما خفي كان أعظم".
كما قالت ناشطة ومدونة تسمى نفسها "Ghadeer USA" إنه ”سرق” اسم مدونتها الشخصية "أمريكا بالعربي" وأطلقه على برنامجه الذي أُذيع في شهر رمضان الماضي.
ونشرت الناشطة صورة من محادثة سابقة بينها وبين باسم يوسف، أخبرها فيها أنه لم يكن يعلم بوجود تلك المدونة وأن الأمر تم بالصدفة، وداعبها بقوله إن هذه المصادفة ربما تكون سببا في شهرة المدونة.
لماذا يسرق باسم؟
ومثلت تلك الواقعة ما يمكن اعتباره "صدمة ثقة" بين الأخير وجمهوره، وتساءل الملايين "وماذا يمنع باسم يوسف من سرقة أعمال أخرى إذا كان قد فعلها من قبل؟".
وما زاد من إدانة باسم يوسف، ما رصده النشطاء لتوقيتات التعديلات التي أدخلها على
المقال على الموقع الإلكتروني للشروق، ومحاولة إخفاء الحقيقة قبل أن يفتضح أمره، وأصبحت دليل إدانة إضافي ضده يثبت تعمده التدليس.
واضطر باسم للاعتذار بعدما نقل مقالا عن الكاتب البريطاني الصهيوني "
بن جودا" سبق أن نشره في مجلة بوليتيكو قبل نحو ثلاثة أسابيع، دون الإشارة لصحاب المقال الأصلي، وهو ما جر عليه هجوما شديدا.
وتساءل المرشح السابق لرئاسة الجمهورية الفريق أحمد شفيق، عبر فيس بوك، قائلا "تفتكروا حلقة باسم يوسف القادمة، هتكون عن نفسه بما إنه يهتم بما يشغل الرأي العام؟".
وينتظر كثيرون الطريقة التي سيتناول بها باسم القضية في حلقة الجمعة من برنامجه، متساءلين هل سينتقد نفسه أم يعتذر ويشرح ملابسات الواقعة بشكل جاد؟ أم يتجاهل الأمر برمته.
لكن تسريبات صحفية من حلقة الجمعة أشارت إلى أنه سيسخر من نفسه أكثر من مرة على مدار الحلقة، التي تم تصويرها مساء الأربعاء، معلنا أن بعض "الإفيهات" التي يطلقها هي أيضاً مسروقة.