ليس جديدا أن تقرأ دعوات للاستفادة من مخزون
الطاقة الشمسية في
مصر، فالمطالبات باستغلال هذا المصدر الهام، ربما تعود لثمانينات القرن الماضي، لكن الجديد هذه الأيام هو تحول تلك المطالبات إلى خطوات عملية، خاصة بعد
انقطاع متكرر للكهرباء في كل محافظات مصر.
وتسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء إبان فترة حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي في حالة من الغضب الشعبي، يعتبره البعض كان أحد الأسباب التي مهدت لعزله، بعد عام واحد فقط من فترة حكمه التي بدأت في يونيو/ حزيران من عام 2012، وانتهت في نفس الشهر من عام 2013.
وبينما شعر المواطن المصري بتحسن في الخدمة، بعد عزل مرسي، بدأ الانقطاع فى
الكهرباء يعود هذه الأيام إلى ما كان عليه فى عهد مرسي، بل وربما أسوأ وفق رأي البعض.
ومع اقتراب فصل
الصيف، يتوقع أن يزداد حجم المشكلة، تنطلق إثرها موجة من الغضب لدى المواطنين في حال استمرار الأمر دون حلول.
وكان محمد شعيب، العضو المنتدب لقسم الطاقة في شركة القلعة المصرية والرئيس السابق للشركة القابضة للغاز الطبيعي، قال في تصريحات صحفية نشرت في فبراير/ شباط الماضي إنه "يتوقع أن يكون انقطاع التيار الكهربائي هذا الصيف أسوأ بكثير مقارنة بالصيف الماضي".
وأضاف شعيب أن "فصل الصيف المقبل من المتوقع أن يكون أحلك صيف شهدته مصر في أي وقت مضى، لأن الطلب على الكهرباء أكثر مما يمكن أن تقدمه الحكومة".
وقبل أن يحدث ذلك، بدأت الحكومة المصرية فى البحث عن حلول بديلة، فكان التفكير في اللجوء للطاقة الشمسية كأحد البدائل لإنتاج الكهرباء.
وفي هذا الصدد، أطلقت ليلى اسكندر، وزيرة البيئة المصرية، في وقت سابق من الشهر الجاري، حملة قومية لدعم الاقتصاد المصري عبر الإنارة بالطاقة الشمسية، وذلك بالتعاون مع المبادرة الأهلية "يلا شمس" التي أطلقها منتمون للقطاع الخاص المصري.
وتعمل المبادرة على ثلاث مسارات، أولها دعوة الشركات والمصانع لاستخدام الطاقة الشمسية كطاقة بديلة لكل أو جزء من احتياجاتهم، دعما للاقتصاد المصري، بحسب طارق حاتم الأستاذ بالجامعة البريطانية بالقاهرة، وأحد مؤسسي الحملة.
وقال حاتم: "الدعم الذي تقدمه الدولة للكهرباء يستفيد أصحاب الشركات الخاصة والمصانع من 80 % منه، بينما يعود 20 % فقط منه للأفراد".
وأضاف: "ما نهدف له هو أن يوفر أصحاب الشركات والمصانع جزءا من الطاقة التى يحصلون عليها مدعومة، في حدود 10 أو 15 %، عبر استخدام أنظمة الطاقة الشمسية".
وأوضح حاتم أن "تلك الشركات لو قامت بهذه الخطوة، ستحل مشكلة الطاقة في مصر؛ لأن أزمة الطاقة تكمن في نسبة عجز حوالي 15 %، يمكن أن تسدها أنظمة الطاقة الشمسية حال استخدمتها الشركات والمصانع".
وكانت الجامعة البريطانية بالقاهرة أنارت بعض مبانيها بالطاقة الشمسية في إطار هذه الحملة، التي تشارك فيها، أيضا، وزارة السياحة المصرية، تأسيسا على أن الإنارة بالطاقة الشمسية تدعم جهودها نحو تنمية ما يعرف بـ "السياحة الخضراء".
وأشار حاتم إلى أن "المسار الثاني للمبادرة هو دعم يقدم لغير القادرين لمساعدتهم على تركيب أنظمة الطاقة الشمسية".
واتفقت الجامعة البريطانية في إطار هذا المسار مع بعض الشركات على تخصيص جزء من أرباحها يقدر بـ 2 % لدعم تركيب أنظمة للطاقة الشمسية في بعض القرى الفقيرة التي لن تتمكن الدولة من توصيل الكهرباء لها، في ظل العجز الذي تعاني منه شبكة الكهرباء الوطنية، بحسب حاتم.
أما المسار الثالث للمبادرة، كما يوضحه الأستاذ بالجامعة البريطانية، فهو تشجيع الأفراد القادرين على استخدام أنظمة الطاقة الشمسية، خاصة أن أسعارها بدأت تنخفض في العالم كله.
ولم تكن مبادرة "يلا شمس" هي الجهد الوحيد من نوعه في هذا الإطار، حيث أعلنت الحكومة المصرية عن سعيها الاستفادة من تطبيقات الطاقة الشمسية، عبر إنارة مبانيها بالطاقة الشمسية.
وافتتحت وزارة الكهرباء في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، مشروعا لإنارة مبانيها بالطاقة الشمسية، حيث قالت وزارة الكهرباء في بيان لها إن هذه الخطوة تدشين لمشروع يستهدف إنارة كافة المباني الحكومية بالطاقة الشمسية، بهدف توفير 14 % من إجمالي الطاقة المستهلكة.
وقال أكثم أبو العلا، المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء المصرية: " إن التوجه للطاقة الشمسية، لم يعد ترفا، بل إنه ضرورة تفرضها الظروف، وليس أدل على ذلك من تغيير اسم الوزارة في حكومة المهندس إبراهيم محلب الحالية، ليصبح اسمها "وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة".
وكشف أبو العلا، عن السعي نحو اتخاذ خطوات سريعة في المبادرة الحكومية التي أعلن عنها - مؤخرا - لإنارة ألف مبنى حكومي بالطاقة الشمسية.
وبالتزامن مع هذه الخطوة، أعلن أبو العلا عن خطة تهدف إلى إنارة عدد من القرى التي لا تصل لها شبكة الكهرباء الوطنية، وذلك بدعم من دولة الإمارات، وبتكلفة إجمالية تصل إلى 140 مليون دولار.
وتعد مصر من أغنى دول العالم بالطاقة الشمسة، كونها تقع جغرافياً بين خطي عرض 22 و31,5 شمالاً، وبهذا فإنها تعتبر في قلب الحزام الشمسي العالمي، وهو ما يجعل الطاقة الشمسة حلا سهلا وسريعا لأزمة الكهرباء في مصر، بحسب نجوى خطاب، أستاذ الطاقة الشمسية بالمركز القومي للبحوث.
وأوضحت خطاب أن "الخلايا الشمسية أسرع وسيلة لاستغلال الطاقة الشمسية، حيث تنتج الكهرباء منها فور تركيبها، ويجب المضي بسرعة في هذا الحل، لأن استغلال الطاقة الشمسية عبر انشاء ما يعرف بـ (المحطات الحرارية) يحتاج لوقت من أجل انشاء هذه المحطات، لا يقل عن ثلاث سنوات ".
وبدأ بعض الأفراد القادرين في استخدام الخلايا الشمسية لعلاج مشكلة الانقطاع المتكرر للكهرباء، ويتكلف النظام المستخدم كبديل حال انقطاع الكهرباء لساعتين أو ثلاثة يوميا قرابة 15 ألف جنيه (ألفا دولار تقريبا)، بينما يصل سعر النظام الذي يمكن استخدامه طوال اليوم وينتج من كيلو إلى كيلو ونصف وات حوال 50 ألف جنيه (7 آلاف دولار تقريبا)، بحسب خطاب.
وأضافت أن "هذه الأسعار ورغم أنها تبدو للوهلة الأولى مرتفعة للغاية، لكنها تعد أوفر من الكهرباء التقليدية التي تنتجها الشبكة الوطنية على المدى البعيد، إذا وضعنا في الاعتبار أن صلاحية النظام تمتد لأكثر من 20 عاما ".
واقترحت خطاب أن تقدم الحكومة المصرية للمواطنين قروضا من البنوك لدعم هذا التوجه، أو أن تقوم بتحميل قيمتها على "فاتورة" شهرية، أشبه بتلك التي تدفع نظير الحصول على خدمة الكهرباء الآن.
وتحتاج مصر إلى 1.1 مليار دولار شهريا لشراء كميات الوقود اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، ويؤدي أي خلل في توفير هذه الاعتمادات المادية إلى سوء الخدمة.