أكدت منظمة حقوقية
سورية أن قوات النظام السوري استخدمت في
قصف المناطق المدنية
القنابل العنقودية في مئات الحالات.
وأوضحت
اللجنة السورية لحقوق الإنسان أنها تمكنت من توثيق 124 حالة، لكنها تعتقد أن العدد الحقيقي يتجاوز ثلاثة أضعاف هذا الرقم.
وأوضحت اللجنة في تقرير لها أن قوات بشار الأسد استخدمت "كافة أنواع الأسلحة الصغيرة والثقيلة، بالإضافة إلى تلك المحرمة دولياً، بقصد تحقيق أكبر قدر من الخسائر في صفوف
المدنيين وممتلكاتهم".
وأضافت: "مع بداية شهر تموز/ يوليو 2012 بدأت هذه القوات لأول مرة باستخدام القنابل العنقودية المحرّمة دولياً في هجماتها ضد المدنيين، ولم يتوقف هذا الاستخدام حتى تاريخ إعداد هذا التقرير".
ويوثّق هذا التقرير 124 استخداماً للقنابل العنقودية، "وإن كانت تقديرات اللجنة ترجح أن الرقم قد يبلغ ثلاثة أضعاف على الأقل، حيث أن الكثير من الهجمات كانت تشمل أكثر من قنبلة واحدة بفوارق زمنية محدودة، ولا يتمكن النشطاء من توثيق العدد الحقيقي للقنابل المستخدمة، بالإضافة إلى عدم توثيق عدد كبير من الهجمات، خاصة تلك التي تتزامن مع القصف العنيف ببقية أنواع الأسلحة".
وقال محرر التقرير الذي أصدرته اللجنة، محمود أرمنازي، إنّ "اللجنة اعتمدت في توثيقها على مشاهدة التسجيلات الخاصة بكل هجوم، بالإضافة إلى متابعة كل تسجيل مع النشطاء الميدانيين في كل منطقة، بالإضافة إلى مقارنة الفيديوهات مع
الانتهاكات الموثّقة في ذلك اليوم من قبل اللجنة"، موضحا أن اللجنة استبعدت "أكثر من 150 هجوماً لعدم تمكّنها من التوثيق الكامل للهجوم".
وذكر أرمنازي لـ"عربي21" أنّ "الهجمات العنقودية لم تتوقف في الفترات التي تواجد فيها المراقبون العرب والأجانب، ولكن يُلاحظ توقفها قبيل وأثناء مؤتمر جنيف، ولكن استخدامها تجدد وبشكل مستمر إلى اليوم، حتى بعد صدور قرار مجلس 2139 يوم 22/2/2014".
وتتعاضد نتائج هذا التقرير مع تقرير سابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش التي قالت في تقرير لها في شباط/ فبراير الماضي أن رصدت أيضا استخدام نوع من الصواريخ التي تحمل قذائف عنقودية ولم يكن معروفا من قبل أن النظام السوري يمتلكها.
والقنابل العنقودية تختلف في تركيبها من نوع إلى آخر، ولكنها تشترك في أنها عبوة (تزن حوالي ربع طن)، تنشطر إلى عدد كبير من القنابل الصغيرة. ويمكن أن تُقصف القنابل العنقودية من الطائرات أو براجمات الصواريخ الأرضية.
وتصل زنة القنبلة الصغيرة الواحدة حوالي 5 كليوغرامات، بطول 20 سم تقريباً، ويمكن أن تحتوي العبوة الواحدة على حوالي 50-70 قنبلة صغيرة.
وقد دعَت الاتفاقية الدولية حول الذخائر العنقودية لعام 1988 إلى حظر استخدام وإنتاج وتخزين ونقل الذخائر العنقودية، وإلزام الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات محددة لضمان عدم تسبّب هذه الأسلحة في وقوع ضحايا في المستقبل. وسورية ليست طرفاً في هذه الاتفاقية. وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ عام 2010 بعد أن وقعت أو صدّقت عليها 113 دولة.
وتقول هيومن رايتس ووتش إن القنابل العنقودية المستعملة هي من نوع RPK250، وهي من صنع سوفياتي، وقديمة جداً، ولا تتوفر معلومات عن كيفية وصولها إلى سورية، ولكنها خطيرة جداً لأنها كذخيرة قديمة نادراً ما تنفجر، ولكنها تبقى خطيرة على المدنيين والأطفال على مدى أسابيع وأشهر، وأحياناً على مدى سنوات.
كما تُشير الأدلة، بحسب تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان، إلى أن قوات النظام السوري أطلقت قذائف قنابل عنقودية من عيار 122 ملم تحتوي على ذخائر صغيرة باستخدام قاذفة صواريخ متعددة الفوهات من نوع غراد BM-21، وهو نظام يتم تحميله على شاحنة، ويستطيع إطلاق 40 صاروخاً في وقت واحد تقريباً، بمدى يصل إلى ما بين 4 إلى 40 كيلومتراً. وقاذفات صواريخ غراد معروفة بعدم قدرتها على إصابة أهدافها نظراً لافتقارها لنظام توجيه.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 ظهر نوع جيد من الذخائر العنقودية تسمّى ZAB 2.5 ، وهي ذخائر عنقودية حارقة كانت تصنع في الاتحاد السوفييتي السابق ويتم تعبئتها في قنابل عنقودية من نوع RBK-250/RBK-250-275، وقد صُممت هذه الذخائر لتدمير الدعائم الاسمنتية والمستودعات والأبنية العسكرية الأخرى، وقد صنّفها النشطاء من غير المختصين كقنابل فسفورية أو حارقة، لأنّها تبدو كذلك عند احتراقها.
وفقاً لتوثيق اللجنة السورية لحقوق الإنسان، بدأ استخدام القنابل العنقودية من قبل قوات النظام السوري ضد المدنيين في مختلف المحافظات السورية مع بداية شهر تموز/ يوليو 2012، ولم يتوقف استخدامها منذ ذلك الحين. وقد تركّز استخدام القنابل العنقودية في المحافظات الشمالية، وخاصة في إدلب وحلب، بالإضافة إلى حمص.
وتُقدّر اللجنة السورية لحقوق الإنسان عدد ضحايا القنابل العنقودية بـ2100 شخص على الأقل، بالإضافة إلى آلاف من الجرحى، "والذين سيحمل كثيراً منهم إعاقات دائمة بسبب هذه القنابل العشوائية" حسب تأكيد التقرير.