اعتبر الكاتب
الإسرائيلي تسفي برئيل أن الوضع في المناطق
الفلسطينية المحتلة ليس فصلا عنصريا من قبل "إسرائيل" بل
احتلال أقسى بكثير من
الفصل العنصري.
وقال برئيل في مقاله المنشور في صحيفة هآرتس، الأربعاء: "أصبح الفصل العنصري تعبيرا مستوعبا ورمزيا ينطوي في ظاهر الأمر على كل شر الاحتلال وقسوته. لكن الفصل العنصري برغم السياقات القاسية التي يثيرها المصطلح، هو فقط تعبير مغسول يحاول أن يخفي واقعا أقسى كثيرا هو الاحتلال".
وأكد برئيل أن الاحتلال بطبيعته يُحدث تمييزا عميقا وفروقا في الحقوق بين المحتل والواقع تحت الاحتلال، ولا يتعلق ذلك فقط بصورة تشكيل الاحتلال لصورة الحياة اليومية، أو بالقيود التي يلقيها على حرية الحركة وحرية التعبير والحقوق القانونية التي يستحقها الواقع تحت الاحتلال. إن الاحتلال يحبط بل يؤخر تحقيق المطامح القومية إلى الاستقلال والسيادة لكنه لا يخفيها غير أن الفصل العنصري في مقابله يحطم أساس المساواة بين مواطني الدولة نفسها.
وأشار إلى أن الاحتلال البريطاني لمصر والهند، واحتلال فرنسا للجزائر، والاحتلال الأمريكي للعراق كان يمكن أن يعتبر فصلا عنصريا بسبب الفروق في الحقوق بين المحتلين والواقعين تحت الاحتلال، وبرغم ذلك لم يُعرف أحد هذه النظم بأنها فصل عنصري.
وسبب ذلك بحسب برئيل هو إدراك أن الاحتلال ليس وضعا طبيعيا أو أبديا حتى لو استمر عشرات السنين؛ ولهذا يجب عليه أن يخضع للشروط التي تقررت في المواثيق الدولية التي تنظم وضع الاحتلال.
وفي قلب هذا الإدراك الاعتراف بأن السكان الواقعين تحت الاحتلال ليسوا جزءا أساسيا من الدولة المحتلة ولهم هوية وكيان قومي خاص ولا نية لتذويبها في هوية الدولة المحتلة وكيانها، وكل ذلك يخالف الفصل العنصري في جنوب إفريقيا حيث فرض مواطنو الدولة البيض نظام فصل رسميا متعدد المنظومات على أكثر مواطني الدولة بحسب تعبيره.
وهنا يكمن خطأ اليسار الإسرائيلي بحسب المقال إذ يرى اليسار أن الفصل العنصري خطر أفظع من الاحتلال نفسه وكأنه يطلب قائلا "أعطونا احتلالا متنورا نستطيع معايشته في سلام".
والمثير للاهتمام في هذا الأمر بحسب برئيل هو أنه إذا لم يمكن إنهاء الاحتلال فستنشئ دولة ذات شعبين تضطر الحكومة فيها إلى إعطاء الفلسطينيين حقوقا سياسية ومدنية مساوية، فهل سأل أحد ما الفلسطينيين هل يريدون دولة ذات شعبين؟ وهل تخلوا عن طموحهم إلى أن يكونوا شعبا حرا في أرضه؟.
ويختم الكاتب قائلا: "ليس استعمال تعبير الفصل العنصري أكثر من صرخة يأس وخيبة أمل بسبب العجز عن تغيير سياسة الحكومة، وهي تشبه صيحة استغاثة بالعالم لينقذنا من أنفسنا كي لا نصبح مثل جنوب إفريقيا، لأنه إذا كان العالم قد هب لتحطيم نظام فصل عنصري فربما يمكن أن يجند مرة أخرى لنفس الرسالة".
وتابع أن "الذي يبحث عن الفصل العنصري يستطيع أن يجده في الوعي الإسرائيلي اليهودي المتعلق بالمواطنين العرب في إسرائيل لا في المناطق المحتلة".