بعد التقارير التي أشارت إلى أن إيران ابتزّت الكثيرين من اللاجئين الأفغان المقيمين على أراضيها، من أجل التوجّه الى سوريا للقتال، أوردت تقارير أخرى أن طهران تعرض على فقراء أفغانستان راتبا قيمته 500 دولار في الشهر وتصريحات للإقامة على أراضيها، مقابل القتال.
وكشفت الصحافة الأمريكية عن أن المخابرات الإيرانية تركز حاليا على شيعة أفغانستان، للزج بهم في الحرب الدائرة في سوريا، مقابل وعود وأموال.
ومن ذلك ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير نشر الخميس، عن أن "إيران تجند لاجئين أفغاناً للقتال في سوريا".
وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين غربيين وأفغان، إن "إيران تعرض عليهم لقاء ذلك راتبا قيمته 500 دولار في الشهر وتصريحات للإقامة على أراضيها".
ولفتت إلى أن مكتب "محقق كابولي"، وهو زعيم ديني أفغاني في مدينة قم الإيرانية، كان قد أكد الخبر، مشيرة إلى أن "تفاصيل حملة التجنيد التي يقوم بها الحرس الثوري نشرت هذا الأسبوع على مدونة تعنى بشؤون اللاجئين الأفغان في إيران.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول غربي في إيران أن "تجنيد أفغان جزء من استراتيجية تقوم على إرسال جنود فقراء إلى الجبهة".
وأضاف المسؤول أن "الهدف هو الحد من الخسائر البشرية بين صفوف الحرس الثوري وحزب الله اللبناني"، مشيرة إلى أن "المجندين الأفغان هم من الشيعة ويدعمون الرئيس بشار الأسد".
وتعد إيران حليفا قويا لنظام الأسد في النزاع المستمر منذ ثلاث سنوات ضد معارضين مسلحين، إلا أنها تنفي بشدة تورط قواتها بشكل مباشر في النزاع في سوريا، بينما أقر حزب الله في نيسان/ إبريل 2013 بأن عناصره يقاتلون إلى جانب قوات الأسد.
ويقوم
الحرس الثوري بتجنيد وتدريب الميليشيات الشيعية للقتال في
سوريا.
وكان الحرس الثوري
الإيراني قد غيّر أسلوبه في إرسال عناصره إلى القتال في سوريا، خصوصا بعد أسر 44 من أعضائه عام 2012، على يد الجيش السوري الحر، وهم في طريقهم إلى إيران عبر المطار، وهو ما تحول إلى أزمة كبيرة انتهت بصفقة بين النظام السوري والجيش الحرّ.
ومنذ عملية الأسر تلك، تكتفي إيران بحسب تقارير صحافية بإرسال المستشارين، للحدّ قدر المستطاع من ذهاب قوات التعبئة (الباسيج)، الذين لا يعتبرون منضبطين كعناصر الحرس الثوري.
وتجنّباً لضغوط الشارع الإيراني، فقد بادر الحرس الثوري إلى تجنيد عناصر شيعية من العراق وأفغانستان بدلا من عناصره، للدفاع عن الأسد.
وما يجعل من تجنيد الأفغان قضية إنسانية، خلافا لوضع العراقيين المقاتلين في سوريا، هو طبيعة أوضاع
اللاجئين الأفغان في إيران، التي دفعت بهم للخضوع إلى مطالب الحرس الثوري، والذهاب إلى معارك الموت من أجل الحصول على الإقامة، وتأمين لقمة العيش لأُسرهم، وحق التعليم لأولادهم.
ومنذ سقوط طالبان في أفغانستان في 2001، بادرت إيران إلى إعادة اللاجئين الأفغان إلى أفغانستان، والذين كان يقدر عددهم بأكثر من مليون لاجئ، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، لكن حجم الدمار الذي أصاب أفغانستان، فضلاً عن عدم استتباب الأمن في كثير من المناطق التي بقيت تحت سيطرة طالبان، لم يتح عودة جميع اللاجئين الأفغان.
وهكذا بقي الكثيرون منهم في إيران متخفّين وهاربين من الشرطة التي تلاحقهم، خوفاً من شبح إعادتهم إلى بلدهم المدمر. وبطبيعة الحال فإن أولادهم لم يتمكنوا من دخول المدارس الإيرانية، الأمر الذي يجعلهم صيدا سهلا للمخابرات الإيرانية التي تدفع بهم لخوض معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.