أثارت زيارة ملك
البحرين الأخيرة إلى لندن جدلا واسعا في أوساط نشطاء
حقوق الإنسان، الذين انتقدوا استقبال المملكة المتحدة له؛ رغم ما اعتبروه سجلا حافلا بانتهاكات حقوق الانسان في البحرين.
وقد أمضى
ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ثلاثة أيام في لندن، بدءا من الجمعة الماضية، وجاءت الزيارة حسب ما ذكر موقع ميدل إيست آي لحضور عرض الخيل الملكي في وندسور، الذي يشارك فيه ابنه الأمير ناصر بن حمد آل خليفة، والذي فاز فيه الأخير بسباق التحمل الذي يبلغ طوله 120 كم.
وجاءت مشاركة الأمير ناصر بعد أيام من ورود أنباء باحتمال نزع الحصانة الدبلوماسية عنه في
بريطانيا، ومحاكمته بتهمة التورط في تعذيب متظاهرين بحرينيين، وهي تهم ينفيها ناصر بشدة.
في غضون ذلك ألغى أمير بريطاني (الأمير أندرو) مشاركته في حفلة ترويجية للبحرين كان من المقرر أن يلقي الخطاب الافتتاحي فيها، وذلك عقب اتهامات له في الاعلام البريطاني بدعم البحرين رغم انتهاكها لحقوق الانسان. وبرر الأمير أندرو اعتذاره عن المشاركة بارتباطه ببرنامج آخر في نفس وقت الحفل.
وتم تنظيم الحفل الترويجي من قبل الاتحاد البحريني لجمعيات المغتربين، واستمر لمدة يوم كامل، الجمعة الماضية، وتحدث فيه بحرينيون من مختلف الديانات. ويهدف الحفل إلى تغيير وجهة النظر السائدة لدى العالم حول البحرين والتي أثرت على الاقتصاد البحريني، وذلك وفق ما قالته أمين عام الاتحاد بتسي ماثيسون في حوارها مع موقع ميدل إيست آي.
وتتعرض البحرين لاتهامات بانتهاك حقوق الطائفة الشيعية التي تمثل نحو 60 بالمائة من الشعب البحريني الذي يبلغ تعداده 600 ألف نسمه.
وتتهم البحرين إيران بدعم وتدريب المعارضة الشيعية من أجل القيام بأعمال إرهابية، كما تكرر الولايات المتحدة نفس التهم.
ولكن يشكك آخرون في هذا الأمر. حيث يقول دبلوماسي بريطاني عمل في البحرين سابقا في تصريحات لموقع ميدل إيست آي أن تلك الاتهامات "مبالغ فيها" حيث أن الشيعة البحرينيين، من وجهة نظره، يعتبرون قيادتهم الدينية في العراق وليس إيران.
كما يقول البعض أن الحكومة البحرينية تريد إضفاء صبغة طائفية على المعارضة البحرينية؛ خوفا من مواجهة جبهة معارضة موحدة.
حيث يقول الكاتب توبي ماثيسين مؤلف كتاب "الخليج الطائفي" إنه في بداية الثورة البحرينية كانت الهتافات تؤكد على الوحدة مثل: "لا سنة ولا شيعة... فقط البحرين"، وأن الحكومة تدخلت سريعا لمنع تشكيل جبهة معارضة مؤلفة من مختلف التيارات الدينية.
وفي البرنامج الترويجي في لندن الجمعة الماضية حاول المنظمون تغيير هذه الفكرة، من خلال محاولة إلقاء الضوء على التنوع الديني في البحرين، حيث حضر البرنامج مواطنون يهود وبوذيون وهندوس ومسيحيون، وأشادوا جميعا بالحريات الدينية في البحرين.
ولكن الدبلوماسي البريطاني أوضح أن البحرين بالفعل فيها حرية دينية، ولكنه يرى أن ذلك لا يشمل المواطنين الشيعة.
وتقول صحيفة الميدل إيست آي إنه منذ بدء التظاهرات في البحرين عام 2011 دمرت السلطات 38 مسجدا شيعيا ولكنها قامت بإعادة تشييد 10 منها، وتعمل الآن على تشييد 17 مسجدا آخرا.
كما تضيف الصحيفة أن السلطات اعتدت على المتظاهرين باستخدام كافة أشكال القمع؛ مثل التعذيب، والضرب، والتهديد بالاعتداء الجنسي. وهذا وفقا لما وثقته لجنة حكومية بحرينية في تقرير لها حول أداء الحكومة في مواجهة التظاهرات.
وبالرغم من اتهامات للحكومة باستمرار الانتهاكات حتى بعد اصدار التقرير، يقول البعض من الحضور في البرنامج الترويجي إنه لم يعد هناك تعذيب في البحرين.
وبقول آخرون أنهم تم طردهم من البحرين؛ بسبب انتقادهم العلني لانتهاكات حقوق الانسان، كما لم يتلق بعض المغتربين البحرينيين المكافأة المالية السنوية التي تمنح للعاملين في الخارج لنفس السبب.
ويوضح أحد المحاضرين السابقين بجامعة البحرين أنه طرد من الجامعة ونفي من البحرين كما حرم من مكافئته السنوية، بسبب بعض كتاباته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وهو ما قالته الجامعة صراحة في خطاب إقالته كما نقلت الصحيفة. كما يضيف أنه تم فصل 60 من الأكاديميين في 2011 ، سادت على إثره أجواء من الخوف داخل الجامعات البحرينية.
ولكن أمين عام الاتحاد البحريني بتسي ماثيسون تنفي أن تكون هناك ثقافة خوف في البيئة التعليمية البحرينية، وتقول مؤكدة: "البحرين مجتمع رائع متعدد الثقافات ومنفتح وحر."
وعلى الجانب الآخر يواجه الاتحاد البحريني لجمعيات المغتربين اتهامات بالتمويل الحكومي، وأنه أداة لتجميل وجه النظام البحريني. كما قال الدبلوماسي البريطاني الذي حاورته ميدل إيست آي، إنه يجزم أن تمويل البرنامج الترويجي في لندن هو من قبل الحكومة لأن تكلفة استئجار القاعة مرتفعة للغاية، ولا يمكن أن يتحملها أفراد. إلا أن بتسي ماثيسون تنفي ذلك وتؤكد أن التمويل جاء من تبرعات فردية.
ويقول علاء شهابي من منظمة بحرين ووتش أن الحكومة البحرينية صرفت ما يزيد عن 50 مليون دولار في حملات الدعاية مع شركات دولية مثل Bell Pottinger "لتبيض وجه النظام"، ولكنه يعتقد أن الانتهاكات التي تقوم بها الحكومة تؤدي إلى فشل هذه المساعي.