حذرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية من مخاطر التطورات الجديدة في
العراق عقب التقدم الكاسح الذي حققه المسلحون الذين يتقدمون حسب تقارير نحو العاصمة بغداد بعد سيطرتهم على ثاني المدن العراقية الموصل ودخولهم مدينة تكريت بدون مقاومة.
وترى الصحيفة أن المخاطر تنبع من منظور انضمام العراق للحرب الأهلية على غرار ما يجري في سوريا والتي قد تندلع نتيجة للعمليات التي قام بها المسلحون والرد الحكومي المتوقع، محذرة أن المخاطر ستكون كبيرة على حلفاء أمريكا في المنطقة إسرائيل، تركيا، الأردن وحكومة إقليم كردستان، مشيرة أيضا أن فكرة نشوء منطقة آمنة للمتطرفين يمثل تهديدا عظيما على المصالح الأمريكية.
وانتقدت الصحيفة في السياق الرئيس باراك أوباما الذي ظل يردد طوال الأعوام الماضية أنه يستحق الشكر نظرا "لإنهائه الحروب" "وفي الحقيقة، كان يسحب القوات الأمريكية من الحروب التي لم تنته بعد، مما يجعل من الصعوبة بمكان الحفاظ على هذا الزعم".
في إشارة لتطورات يوم الإثنين وسيطرة المسلحين على مدينة الموصل بعد اشتباكات متفرقة استمرت ثلاثة أيام، وأدى دخول المقاتلين "الإسلاميين" المدينة إلى حركة نزوج جماعية للسكان وفرار نصف مليون نسمة من الرعب.
وركزت الصحيفة على مظهر الخوف من قيام كيان إسلامي في مناطق شمال العراق وسوريا حيث ستصبح مركز جذب للمقاتلين من أنحاء العالم، وتشير هنا إلى تصريحات جي جونسون، وزير الأمن الوطني الأمريكي الذي قال بداية العام الحالي "نعرف أن أفرادا من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا يسافرون لسوريا للمشاركة في النزاع"، و"في نفس الوقت، يحاول المتطرفون وبنشاط تجنيد الغربيين وتلقينهم أيديولوجيتهم كي يعودوا لبلدانهم بمهام متطرفة".
وتشير الصحيفة إلى إنه عندما دافع الرئيس باراك أوباما عن سياساته الخارجية في خطابه الذي ألقاه في الأكاديمية العسكرية -ويست بوينت- قبل أسبوعين، أثار كلامه نقاشا حول مزايا المشاركة العسكرية أو ضبط النفس.
وترى الصحيفة أن سياسات أوباما مهما كانت مشابهة لداويت أيزنهاور أو جيمي كارتر فهي مثيرة للقلق، خاصة أنه تجنب الحرب الأهلية السورية، مع أن سامنثا باور، سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة اعترفت أنها "أعطتنا أكبر كارثة إنسانية يشهدها أي منا في جيل".
وفعل نفس الشيء في ليبيا حيث انضم اوباما للحملة التي قامت بالإطاحة بالرئيس معمر القذافي وبعد ذلك تردد في تقديم الدعم الأمني للدولة التي تعيش على حافة حرب أهلية.
وفي العراق قرر أوباما عدم الاحتفاظ بقوات أمريكية يمكن أن تساعد في الحفاظ على الاستقرار السياسي. وفي الوقت الذي أكد فيه البيت الأبيض أن لا أسباب تدعو للقلق كان دينيس ماكدنو، نائب مدير الأمن القومي والآن رئيس طاقم البيت الأبيض يتحدث للصحافيين عام 2011 مخبرا إياهم أن اوباما قال: "ما نتطلع إليه هو عراق آمن، مستقر، يعتمد على نفسه وهو ما يوجد الآن بالضبط، ولا شك في أن هذا يعتبر نجاحا".
وتقول الصحيفة إن أوباما يطبق نفس الوصفة على أفغانستان: أي انسحاب كامل للقوات الأمريكية بحلول عام 2016، بدون أي اعتبار للأوضاع في هذا البلد.
وتعلق الصحيفة على كلام الرئيس أوباما في ويست بوينت الذي جاء فيه "ليست كل مشكلة تحل عسكريا"، "ومن الواضح أن هذا صحيح، وفي الحقيقة فهدف السياسة الأمريكية هو المساعدة على تشكيل الأحداث حتى لا نحتاج للجوء للحل العسكري، فقد ساعد وجود القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية على تحقيق السلام لأكثر من نصف قرن".
ولهذا تقول الصحيفة "قد يؤدي الانسحاب الشامل إلى ظهور تحديات كتلك التي تواجهنا اليوم في العراق، الذي يحمل فيه كل خيار من البقاء إلى مساعدة القوات العراقية مخاطر".
وتقول إن على الإدارة الأمريكية "القبول بالواقع الذي تتراكم فيه المخاطر في
الشرق الأوسط" وأن ترسم استراتيجية تبتعد عن شعار "إنهاء الحرب بحس مسؤول".