نقلت الصحيفة الإلكترونية البريطانية "ميدل إٍيست آي" (عين الشرق الأوسط) عن وزارة الداخلية
المصرية قولها إنها تجهز حاليا حملة لمكافحة "الأفكار الهدامة" على الإنترنت من خلال برنامج
رقابة مثير للجدل.
والبرنامج الذي تريد الوزارة استخدامه يستهدف مواقع التواصل الاجتماعي والاتصالات الخاصة للمصريين على شبكة الإنترنت.
وبرر وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة
محمد إبراهيم، البرنامج بالقول إنه "ضروري لمكافحة الإرهاب ولحماية الأمن القومي المصري".
كما أنه شبهه بالبرامج التي تستخدمها أمريكا وبريطانيا لحماية أمنهما القومي.
وتقول الصحيفة إن وسائل التواصل الاجتماعي في مصر تمثل بالنسبة للشباب مساحة من الحرية للتعبير عن آرائهم دون الخوف من الاعتقال، وهو ما أثار حفيظة النشطاء والمدافعين عن
حرية التعبير، الذين يتوقعون أن الرقابة على الإنترنت سوف تشمل ما هو أبعد من مجرد الحفاظ على الأمن القومي ومكافحة الإرهاب.
وفي حوار مع الصحيفة، قال الباحث في مجال
الحقوق الإلكترونية رامي رؤوف إن البرنامج المصري سوف يحاكي برنامج "بريزم" الأمريكي من خلال مراقبة الاتصالات الخاصة والعامة وتسجيل المعلومات بحجة الأمن والاستقرار في إطار حرب السيسي المعلنة على الإرهاب.
وأوضح رؤوف أن النظام المصري "يريد رصد المحتوى الإلكتروني الخاص والعام كي يتجنب أي مفاجئات أو أي آراء أو مواقف لم يكونوا على علم بها".
ووفقا للباحث فإن وزارة الداخلية المصرية سوف تقوم بجمع كمية ضخمة من المحتوى الإلكتروني وتخزنها ثم تحلل نتائج البحث.
وهو ما يصفه رؤوف بأنه امتداد للأدوات التي كانت تستخدمها الوزارة من قبل.
ولكن الصحيفة تضيف أن برنامج الرقابة المصري يهدف "ليس فقط إلى قمع أي آراء معارضة، ولكنه أيضا سوف يراقب المحتوى الإلكتروني الذي ربما ينظر إليه على أنه غير أخلاقي أو غير محترم".
فمن ضمن "الخطايا" التي يمكن أن يرتكبها مستخدمو الإنترنت وفقا للحكومة المصرية هي "السخرية".
ووفقا لكتيب الشروط الذي تم تسريبه إلى الصحافة مؤخرا، يهدف البرنامج المصري إلى مكافحة "الأفكار الهدامة" التي تمثل خطورة على المجتمع المصري، كما حذرت الداخلية من الآثار القوية للشبكات الاجتماعية على الشباب وصغار السن.
وهو ما يعطي مؤشرا على نوعية المستخدمين الذين سيتم مراقبتهم.
وتشمل الظواهر التي سيتم رصدها ما أسمته "تشجيع التطرف والعنف والاحتجاج"، ووسائل تعليم طرق صناعة المتفجرات، و"الفوضى"، وتكتيكات التظاهر.
ولكن الرقابة ستشمل رصد بعض الظواهر التي يمكن أن تفسر بأوجه متعددة مثل السخرية، واستخدام الألفاظ غير اللائقة، والدعوة إلى هدم دعائم المجتمع، ونقل تصريحات خارج السياق، وفق الصحيفة.
ويضاف إلى ذلك ازدراء الأديان ومخالفة الأخلاق العامة.
وتضيف الصحيفة أن الوثيقة المسربة تشير إلى أهمية الرقابة على برنامجي "واتساب" و"فايبر" مستقبلا.
وأعلنت الوزارة، الاثنين الماضي، أن سبعة شركات أجنبية قد قدمت مقترحات للحكومة المصرية للمساعدة في الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكنها لم تفصح عن أسماء تلك الشركات.
ويتابع التقرير بأن الأجهزة الأمنية المصرية كانت على صلة بشركة "جاما" البريطانية والمتخصصة في إنتاج برنامج رقابة على الإنترنت يسمى "فينفيشر Finfisher"، وهذا البرنامج يمكن السلطات من اختراق أجهزة الحاسب الآلي ومراقبة كافة الأنشطة التي يقوم بها المستخدم.
وتم فضح الاتفاق الذي لم يتم بعد بين الحكومة المصرية والشركة البريطانية عندما حصل نشطاء على نص مقترح تم تسريبه من داخل جهاز مباحث أمن الدولة، حيث عثر النشطاء على نسخة تجريبية من برنامج "فينفيشر" قدمتها شركة "جاما" إلى الأجهزة الأمنية المصرية.
وقالت الصحيفة إن السلطات المصرية لديها برامج رقابة بالفعل تستخدمها منذ عام 2012، مثل برامج " Bluecoat ProxySG" و" Remote Control System"، حيث يوضح رؤوف أن الحكومة المصرية كانت بالفعل تراقب الاتصالات الإلكترونية.
وعلى حد قوله فإن السلطات تهدف إلى معرفة ما يقوله المستخدمون وما يفعلونه وأصدقاؤهم، حتى يكون لديهم معلومات يستخدمونها لمعاقبة المستخدمين، وقتما شاءوا.
ويرى آخرون أن الوزارة لن يكون لديها القدرة على فرض رقابة شاملة على الإنترنت، حيث تقول "إفا دومونتيت" من مؤسسة الخصوصية الدولية إن الحكومة المصرية أشارت إلى موقع "جوجل" كنموذج لمواقع التواصل الاجتماعي وهو ما يدل على أنهم "ليس لديهم أدنى فكرة عما يتحدثون".
وتضيف أن "مسألة الرقابة على المحادثات الشخصية على فايبر وواتساب تتطلب بنية تحتية مختلفة تماما".
ولكن الصحيفة تؤكد على أن هناك تهديد حقيقي لحرية التعبير جراء الرقابة، حيث ستراقب السلطات النشاط الذي يقوم به المستخدم مثل الإعجاب بصفحات سياسية ما على "فيسبوك"، أو مشاركة محتوى معين، وحتى استخدام "هاشتاج" تعتبره مسيئا، وربما يتم إدراجه تحت مسمى "الأفكار الهدامة".