قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حول زيارة وزير الخارجية الأمريكية جون كيري لمصر، إن الوزير أشار الأحد بأن إدارة أوباما مستعدة لإصلاح العلاقات مع مصر تحت رئاسة عبد الفتاح السيسي، الجنرال الذي قاد
الانقلاب العسكري على حكم أول رئيس مصري منتخب.
وبعد قضاء 90 دقيقة مع السيسي، قال كيري في مؤتمر صحفي إنه جاء لتأكيد "الشراكة التاريخية" بين مصر وواشنطن، مضيفا: "نريد أن نرى الشعب في مصر ينجح".
وتابع: "عزمنا المتبادل في أن تعمل بلدانا معا في شراكة".
وعبر كيري عن ثقته التامة بأن الولايات المتحدة ستعيد إرسال المساعدات التي تبلغ 650 دولار كاملة، وهي القسط الأول من المساعدات العسكرية السنوية البالغة 1.3 مليار دولار في العام، والتي أوقفها أوباما جزئيا بعد الانقلاب.
وقال: "أنا واثق من أننا سنعود للسكة"، مشيرا إلى أنه لديه نفس الثقة بأن "طائرات الأباتشي ستأتي وأنها ستأتي قريبا جدا، جدا"، في إشارة إلى 10 طائرات أباتشي تم تجميد أرسالهن للجيش المصري.
وفيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، قال كيري إن الرئيس أوباما والولايات المتحدة "تلتزم بأن تساعد".
وبعد ثلاث سنوات من دعوة الرئيس أوباما للرئيس حسني مبارك أن يستجيب لمطالب الربيع العربي بتنحيه عن السلطة، تأتي تعليقات كيري لتقول إن الإدارة الأمريكية مستعدة للعمل مع رجل آخر قوي يدعمه العسكر.
وحاز السيسي على 97% من الأصوات في انتخابات كان فيها بالكاد منافسة، وقال المراقبون الممولون من أمريكا والاتحاد الأوروبي إنها لم تستوف المقاييس الدولية للديمقراطية.
ولكن كلام كيري يوحي بأن إدارة أوباما مستعدة للعمل مع حكومة مصر التي يدعمها العسكر، ويحثها في نفس الوقت بتحسين سجلها فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأقر كيري ضمنيا انتقادات الإدارة الأمريكية لسجل الحكومة المصرية الاستبدادي بما في ذلك القمع العنيف للمعارضة الإسلامية واللبرالية، وقال: "شددت على تأييدنا للحفاظ على الحقوق والحريات المتفق عليها دوليا لكل المصريين بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي والانتماء".
وقال كيري إنه ناقش الحكم المتوقع الاثنين في قضية الصحفيين الثلاثة، والذين سجنوا منذ كانون أول/ ديسمبر بتهم مسيسة بدون إبداء أي أدلة بوقوع جريمة ما.
كما أنه قال إنهما تحدثا عن المحاكم الجماعية السريعة والتي حكمت على حوالي 12 من قيادات الصف الأول في المعارضة الإسلامية ومئات من مؤيديهم بالإعدام، ما أثار تخوفات كبيرة من الحكم لدى الحكومات ومؤسسات حقوق الإنسان الغربية.
كما أنه أشار إلى تجريم الحكومة المصرية لعضوية الإخوان المسلمين، وهي التي فازت في الانتخابات الحرة، ولكنها الآن ممنوعة من المشاركة في الحياة السياسية.
وقال كيري: "لا شك أن المجتمع المصري يكون أقوى عندما يكون لكل المواطنين حق في الإدلاء بصوتهم ومصلحة في نجاحه".
ولكنه أشار وبشكل متعاطف إلى أن السيسي لم يكن في منصب الرئيس رسميا إلا لأيام متناسيا أن السيسي كان صاحب القرار الرئيسي منذ الانقلاب العسكري.
وقال بتفاؤل إن "الرئيس الجديد منحني شعورا قويا بأنه ملتزم بإعادة تقييم القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان وإعادة تقييم العملية القضائية".
وشكلت زيارة كيري للقاهرة المرحلة الأولى من زيارة يقوم بها للمنطقة لحشد الدعم لأزمة العراق، وحث العراقيين على المسارعة بتشكيل حكومة لا طائفية لتجاوز الأزمة.
واعتبرت الصحيفة أن كلمات كيري للرئيس السيسي في القاهرة كانت "دافئة مشكلة معلما كان ينتظره المسؤولون المصريون" منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بمرسي.
وكان المسؤولون المصريون الكبار يرددون دائما أنهم يتوقعون انتهاء الانتقادات الأمريكية، واستئنافا للمساعدات، وكان السيسي قال خلال حملته الانتخابية إن القوانين الأمريكية تعقد الأمور قليلا حيث تقتضي توقف المساعدات في حالة وقوع انقلاب عسكري.
ولكنه قال إنه طلب من الأمريكان بالنظر إليهم بعيون مصرية، ولا يطبقوا ثقافتهم وأنظمتهم وتطورهم، وتوقع أن تتحسن العلاقات بعد الانتخابات.
وفي واشنطن لا يزال أعضاء ذوي نفوذ في مجلس الشيوخ يهددون بمنع إعادة كامل المساعدات لمصر ما لم تأخذ الأخيرة خطوات وأضحى باتجاه الديمقراطية المفتوحة.
وما زالت وزارة الخارجية تبدي قلقها من قمع الحكومة المصرية.
ولا يزال المسؤولون الأمريكيون يختلفون مع الحكومة المصرية في زعمها أن مؤيدي مرسي من الإخوان المسلمين هم "إرهابيون"، وأنهم هم وراء موجة الهجمات ضد الجيش والشرطة".
وقال مسؤول رفيع المستوى من مرافقي كيري: "لا نتفق مع رؤية الحكومة المصرية حول وجود علاقة بين الإخوان الملسمين والمجموعات الإرهابية.. وليس لدينا أي دليل يثبت مثل هذه العلاقة".
وقال إن الإدارة الأمريكية تعتقد أنه "على الحكومة المصرية ان يكون لها توجه سياسي يشرك الجميع، وهذا يعني أنها تحتاج للبحث
عن طريقة في إشراك الإخوان المسلمين".
وقالت الصحيفة: "كيري والذي تبدوا تصريحاته الارتجالية متعاطفة مع الانقلاب أكثر من التصريحات التي تعدها وزارة الخارجية، فلا يقول علنا ما قاله العام الماضي من أن الجيش المصري أعاد الديمقراطية بعد أن أطاح بمحمد مرسي".
وكانت الشرطة المصرية قبل يوم من زيارة كيري استخدمت الغاز المسيل للدموع والهروات مدعمة "بمؤيدين" لها في ملابس مدنية يستخدمون الحجارة والقناني الفارغة لتفريق مظاهرة نظمها يساريون يطالبون بحقهم في التظاهر واعتقل العشرات.
ولكن كيري تحدث في المؤتمر الصحفي عن التقاء في الأفكار، فيقول: "وجدنا أنفسنا على نفس الصفحة من تغييرات تنتظر أن تتم ووعود تنتظر التنفيذ"، مضيفا أن "هناك شعور بالهدف والالتزام لتحقيق تلك الأهداف".