لاحظت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الحكومة
المصرية الحالية لم تظهر اهتماما بما يجري في الجارة
غزة "وبالكاد ترفع أصبعا، تاركة القتال بدون وساطة فيما ترتفع حصيلة القتلى".
ويقول كريم فهيم كاتب التقرير إن هذا يتناقض مع الدور المصري التقليدي في الوساطة أثناء الحروب بين الفلسطينيين والإسرائيليين بما فيها فترة حكم مرسي قبل عامين، عندما لعب دورا في تحقيق وقف إطلاق النار بعد 8 أيام من نزيف الدم.
وأشار التقرير إلى تصريحات مسؤولين في حركة حماس، الذين قالوا يوم الأربعاء إنهم لم يشاهدوا تحركا مصريا لنزع فتيل الأزمة، وهو ما يتناقض مع دورها في النزاعات السابقة في ظل مرسي وحسني مبارك. بل وزادت الحكومة الجديدة من الأوضاع سوءا من خلال الإبقاء على جانبها من الحدود مغلقا بشكل محكم، وهو ما منع وصول المساعدات الإنسانية للقطاع.
ويقول الكاتب إن استعداد مصر للبقاء خارج الأزمة يعكس تحولا في السياسة الخارجية في ظل عبد الفتاح السيسي، الذي قاد الصيف الماضي عملية للإطاحة بالرئيس محمد مرسي، والذي كانت له صلات مع حكومة حماس. وقام النظام الجديد بحظر جماعة الإخوان التي ينتمي إليها مرسي، واتهمت بالإرهاب خلال حملة القمع التي أعقبت الإطاحة بمرسي. وفي كل المؤامرات التي اتهمت الحكومة المصرية الإخوان ظهرت حركة حماس كطرف متواطئ فيها.
ويقول الكاتب إن حركة حماس تواجه عزلة كبيرة في وقت أعلنت فيه إسرائيل عن توسيع العملية العسكرية في غزة، فقد ترك قادة حماس وهم يبحثون عن الرئيس السجين مرسي الذي قدم للحركة دعما ومخرجا يحفظ ماء وجوهم بتحقيق وقف إطلاق النار.
ونقل الكاتب عن مسؤول بارز في حركة حماس: "لا يظهر أن مصر تلعب دورا في الحرب"، ففي نزاعات أخرى كانت المخابرات المصرية تقوم "بالاتصال والتدخل والتحرك بسرعة"، و"لم تسمع حماس ولا حتى كلمة" من الطرف المصري.
ويرفض المسؤولون المصريون فكرة جلوسهم متفرجين، ففي بيان للمتحدث باسم الرئيس جاء فيه أن الرئاسة قامت "بسلسلة اتصالات" مكثفة مع الأطراف من أجل "تجنيب الفلسطينيين أضرار العملية العسكرية الإسرائيلية"، ويبدو أن الاتصالات تمت بعيدا عن حماس.
ويشير الكاتب إلى إشارات أخرى لمحاولات الحكومة تجاهل القتال الأخير في غزة، وهذا واضح في المؤسسات الصحافية الخاصة والمملوكة من الحكومة، كما برز في طريقة تعامل صحيفة "الأهرام".
ونقل عن أيسندر العمراني، مدير برنامج شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل: "كانت هناك محاولات أولية لتهدئة الأوضاع، وبدلا من ذلك بدأ المصريون ينتظرون ويوجهون اهتمامهم من أجل الحصول على تنازلات كي يلعبوا دور الوسيط" بما في ذلك الولايات المتحدة التي علقت بعض المساعدات العسكرية لمصر بعد الإطاحة بالرئيس مرسي.
ويشير الكاتب إلى أن الدبلوماسية المصرية في عهد مبارك استخدمت في إطفاء الحرائق ولكن ليس من أجل التقريب بين الطرفين وحل النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي. ونقل عن مايكل حنا الخبير المصري في "مؤسسة القرن" الأمريكية أن الحكومة المصرية تقليديا كانت معارضة لحماس ولكنها كانت قلقة من أثر التصعيد على الواقع المحلي.
وبعد الإطاحة بمبارك عام 2011 كانت هناك مطالب شعبية تدعو لسياسة خارجية تعكس التعاطف الشعبي مع الشعب الفلسطيني، وبدا هذا واضحا في إشارة وزير الخارجية المصري لاستمرار الحصار على غزة بـ "العار".
وبعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار عام 2012 تحدث قادة حماس عن ضرورة الحفاظ على التهدئة للسماح لمرسي والحكومة المصرية ترتيب أوراق البيت لكن أهل غزة لم يتلقوا إلا القليل من الدعم بعد أن قام الجيش المصري بتدمير كل الأنفاق التي ينقل منها المواد الضرورية بالإضافة للسلاح.
ومنذ الانقلاب على مرسي، عكست الطريقة التي عاملت فيها غزة وحماس الهوس الأمني بما يجري في سيناء، حيث تواجه الحكومة جماعات جهادية هناك.
وبحسب وائل أبو محسن المتحدث باسم سلطة معبر غزة، فقد حاولوا الاتصال بالطرف المصري لفتح المعبر ولو لفترة قصيرة، لكنهم لم يسمعوا ردا من الطرف المصري.