بعد أن وصل الغزيّ محمد الهسي، (66 عام) إلى منطقته التي كان يقطنها قبل حرب الـ(30) يوماً، حبس أنفاسه، وبدأ الصراخ بشكل "هستيريّ"، قائلاً:" أين هو بيتي؟ لا يمكن أن يكون كومة الركام هذه".
بحث الهسي عن علامة تدلّه على بيته، لكن محاولاته لم تنجح، فقد دمرت الغارات
الإسرائيلية الشجرة التي كانت تظلل مدخل المنزل، واختلطت بركام منزله.
اتكأ الرجل الستيني، بكتفه إلى الحاطئ المائل، وبيده مفاتيح بيته الذي تحوّل إلى ركام بفعل القصف الإسرائيلي (الجوي والبحري والبري) على مدينة رفح جنوبي مدينة
غزة، ثم قال لمراسل وكالة الأناضول للأنباء:" هل أعود أدراجي حيث كنت أقيم قبل ساعات التهدئة الإنسانية المؤقتة؟ إن الإحتلال دمر كل شيء.. لم يبقِ حجرا على آخر".
وبدأ صباح اليوم الثلاثاء، سريان التعليق المؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة، بين الفصائل الفلسطينية، والجيش الإسرائيلي لمدة 72 ساعة، بناءً على مقترح مصري، لتبدأ خلال هذه المدة مفاوضات حول التوصل إلى هدنة دائمة.
ومن المتوقع أن يتوجه وفد إسرائيلي خلال الساعات القليلة المقبلة إلى القاهرة للمشاركة في المفاوضات حول التوصل إلى هدنة دائمة، وفق الإذاعة نفسها.
مشاهد مدينة رفح كانت أشبه بآثار زلازل عنيف ضرب المنطقة، فالجيش الإسرائيلي، أصاب كل شيء حتى أشجار الياسمين التي كان الهسي، يزرعها لتعطي المنزل رونقًا وألقا.
يضيف الهسي، وهو يلتقط مفاتيح بيته بيده اليمنى، ويشير باليسرى :"هذا بيتي تحول بكل أثاثه إلى كومة مسحوقة من الركام، لم يبقِ سوى حجارة.. ذكرياتي دمرت ..منطقتي كان تعج بالحركة والنشاط والحياة، والأن أصبحت صحراء ..صورة لم أكن اتوقعها يوما ما".
وكانت إسرائيل قد شنت هجوما مروعا على مدينة رفح صباح يوم الجمعة الماضي، 1 أغسطس/آب، مستغلة مزاعم أطلقتها بأسر حركة
حماس أحد جنودها، وهو ما تراجعت عنه لاحقا، وقالت إن الجندي قتل.
وقصف الجيش الإسرائيلي خلال الهجوم بشكل عشوائي بواسطة مدفعيته الثقيلة، وطائراته الحربية، أحياء رفح السكنية، موقعا عشرات القتلى والجرحي، بعد أن هدم المنازل فوق رؤوس أصحابها.
ويستدرك الهسي :"كنت انتظر ساعات التهدئة الإنسانية المؤقتة حتى أعود ادراجي إلى منزلي، وأحضر بعض الحاجيات من أوراق ثبوتية وبعض الملابس، لكن يا ليتني لم أعد إلى هنا ".
وأكمل:"أصبحنا مهجرين لا مأوى نرقد به، ولكن برغم الإحتلال سنبني خيام ..ونقيم بها لحين بناء بيوتنا كما كنت وأفضل".
ولم يكن الهسي هو الوحيد الذي دمر بيته، فالعشرات من المواطنين فقدوا بيوتهم وأطفالهم، وفقدوا مصدر رزقهم.
ووثقت وسائل الإعلام، يوم الجمعة الماضي، مشاهد مروعة، لعشرات الجثث من الفلسطينيين في مدينة رفح، هدمت بيوتهم فوق رؤوسهم دون سابق إنذار، غالبيتهم أطفال ونساء، وقد تقطعت لأشلاء ممزقة.
وبدأت إسرائيل في السابع من الشهر الماضي، حرباً على قطاع غزة، أسفرت حتى اليوم الثلاثاء، عن استشهاد 1867 فلسطينياً، و9470 جريحا، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
ووفقا لبيانات رسمية إسرائيلية، قتل 64 عسكرياً و3 مستوطنين إسرائيليين، وأصيب حوالي 1008، بينهم 651 عسكرياً و357 مستوطناً.
بينما تقول كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إنها قتلت 161 عسكريا، وأسرت آخر.