قال المعلق الأمريكي ديفيد إغناتيوس في صحيفة "واشنطن بوست": "عندما قرر أبو بكر
البغدادي إعلان الدولة الإسلامية فإنه تجاهل تحذيرا لأسامة
بن لادن حذّر فيه الجهاديين من التعجل بإنشاء خلافة إسلامية. فمن خلال إشعاله العاصفة في
العراق وسوريا، فقد وحد البغدادي الكثيرين وأعطاهم هدفا كي يهاجموه تماما كما توقع بن لادن"، على حد قوله.
وأضاف أن "الطريق الدموي الذي سلكه البغدادي حقق المستحيل: فقد منح السعوديين والإيرانيين والأتراك والأكراد عدوا مشتركا، ووحد الكثير من الساسة العراقيين السنة والأكراد والشيعة خلف حكومة تشاركية جديدة، وأجبر الرئيس المتردد باراك أوباما ليترك مقعده ويأمر بغارات جوية لتحقيق أهداف محدودة في العراق".
ويتوقع الكاتب استمرار الهجوم المضاد ضد الدولة الإسلامية، والذي بدأ نهاية الأسبوع الماضي، مضيفا "قد يستمر لأشهر إن لم يكن لسنوات، في الوصف الغامض الذي استخدمه المسؤولون الأمريكيون والعراقيون، ومن هنا فستكون القوة الأمريكية ضرورية في هذه العملية، ولكن أوباما كان محقا عندما حذر يوم الاثنين أنه لا يوجد حل سياسي أمريكي للأزمة الأكبر في العراق".
وعلق إغناتيوس على ما قاله مسعود بارزاني الاثنين في مقابلة عبر الفيديو مع مجموعة أسبين الاستراتيجية بالقول: "هذه هي الفرصة الأخيرة للعراق".
وتابع بأنه و"في الوقت الذي يحتاج فيه الأكراد للدعم العسكري إلا أنهم لن يطلبوا قوات برية للقتال من أجلهم، وفق بارزاني".
ويعلق الكاتب: "على أوباما فهم أن الولايات المتحدة عادت لمنحدر زلق جدا، فقد يكون طلب عملية عسكرية محدودة، لكن
داعش قد ترسل انتحاريين لضرب أهداف أمريكية أو أي مكان تجده، وبالتعاون مع حلفائها فستسعى لضرب التراب الأمريكي، فما بدأ الأسبوع الماضي كمحاولة لإنقاذ لاجئين احتموا في رؤوس الجبال من المحتمل أن تتوسع".
ويرى الكاتب أن أوباما دخل هذا القتال مترددا، أولا إسقاط المساعدات الإنسانية ومن ثم قصف مواقع الدولة الإسلامية، ومن ثم قوافلها.
وفي مقابلة مع توم فريدمان من صحيفة "نيويورك تايمز" تبنبى لهجة "لا غالب ولا مغلوب"، وهو نقاش معقول، ولكنه يتناقض مع نقاش الرئيس الذي قال فيه إنه استخدم القوة الأمريكية في العراق جاء لمنع حدوث إبادة، وفق إغناتيوس.
وقل إنه "من هنا فاستراتيجية أوباما قد تكون من أجل منع الدولة الإسلامية مهاجمة الغرب عبر التركيز على حماية العاملين الأمريكيين وإنقاذ العراقيين، والتلويح بعمليات قصف جوي باستخدام الطائرات بدون طيار، والتصفية إن تحدوه، ولكن ردع الإرهابيين أمر خطير بالطبع لأنها تلعب في صالحهم.
ويواصل: "لو كان أوباما يرغب بإرسال إشارة خطيرة لمساعدة الحكومة العراقية الجديدة، فعليه أن يفكر بإرسال الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس والسفير السابق ريان كروكر، الشخصان اللذان يعرفان العراق بشكل جيد، ويعينهما كمبعوثين خاصين له هناك".
وأضاف أن "أوباما قدم الخطوط العامة لعودة الأمريكيين من جديد للعراق، وكان ناجحا في هذا، عندما أكد أن الولايات تستخدم القوة لدعم حكومة تشارك وطني التي ستوحد جهودها في معركة المواجهة مع الدولة الإسلامية. وهذا يعني عمليا تسليح الميليشيات التي تقاتل تحت العلم العراقي، بمن فيها البيشمركة والحرس الوطني السني الجديد، والذي تحدث عنه قياديان سنيان بشكل منفصل في مقابلة عبر الفيديو مع مجموعة أسبين الاستراتيجية".
وبحسب واحد منهم "في البداية كان السنة متعاطفون بشكل كبير مع الدولة الإسلامية والذين رأوا فيها حامية للهم، أما الآن فيتعاملون معها كتنظيم للقاعدة يقوم بتفجير المساجد ويقتل الناس، فهم أعداء الجميع".
ويعلق الكاتب أن الابتعاد عن الإعلان عن الدولة الإسلامية والخلافة هو ما حذّر منه بن لادن عندما يظهر أتباعه وهم يقتلون إخوانهم المسلمين ويبحثون عن السلطة. ويشير الكاتب لوثيقة اكتشفت في أبوت أباد حيث قتل عام 2011، وحذر فيها من هذا الأسلوب الذي "قد يقودنا لربح معارك كثيرة وخسارة الحرب في النهاية".
وكان بن لادن يعتقد أن اليمن هي المكان المناسب الذي قد يعلن أتباعه فيه الخلافة، ولكنه كان يخشى من تعجلهم، ففي رسالة غير مؤرخة ربما كتبها بن لادن، حذّر قائلا: " نريد إنشاء دولة إسلامية، ولكن علينا أولا التأكد من امتلاكنا القدرات للسيطرة عليها، حتى لو كنا قادرين عسكريا واقتصاديا على إجهاد وإضعاف عدونا، فعدونا قبل وبعد (9/11) لديه القدرة على الإطاحة بأي دولة نقوم بإنشائها"، بحسب ما ذكره إغناتيوس.