رأى خبيران سياسيان فلسطينيان، أن عودة
التوتر بين حركتي "
حماس" و"
فتح" وظهور بوادر لعودة الأزمة السياسية بينهما يرجع في أحد أهم أسبابه إلى عدم الحوار العميق في تفاصيل ملفات
المصالحة.
وتوقع المختصان الفلسطينيان في حديثين منفصلين أن تشهد المرحلة المقبلة من العلاقة بين "فتح" و"حماس" مزيدا من التوتر والتراشق الإعلامي وظهور المزيد من الأزمات بينهما.
وتسود حالة من التوتر الشديد في العلاقات بين حركتي "فتح" و"حماس" منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة الأسبوع الماضي.
واتهمت حركة "حماس" كوادر من حركة "فتح"، مساء الأربعاء، بالسعي إلى تشويهها وشيطنة منهجها في الضفة الغربية، نافية بشدة الاتهامات التي وجهها إليها عدد من الناطقين باسم "فتح".
وخلال الأيام القليلة الماضية، اتهم ناطقين باسم حركة "فتح" في تصريحات وبيانات صحفية حركة "حماس" في قطاع غزة بإقامة حكومة "ظل" كبديل عن حكومة التوافق الوطني، واعتقال عناصر من "فتح" على خلفية انتمائهم السياسي، وإطلاق النار وفرض الإقامة الجبرية على آخرين خلال فترة العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في السابع من تموز/ يوليو الماضي واستمر 51 يوما.
وقال الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية طلال عوكل، إن "عودة التوتر والتراشق الإعلامي بين "حماس" و"فتح" مؤشر على أن المصالحة بينهما تمت على أسس غير صحيحة، وأهم هذه الأسس عدم البحث والحوار بين الطرفين في ملفات وبنود اتفاق إنهاء الانقسام بشكل عميق".
وأضاف عوكل أنه "كان المفترض على "حماس" و"فتح" أن يعرفا أن موضوع المصالحة وملفاته أكثر تعقيدا ويتقاطع مع مواقف واستراتيجيات ومصالح إقليمية ودولية، لذلك كان لا بد من إجراء بحث وحوار عميق للاتفاق على استراتيجية موحدة، والتفاصيل الدقيقة جدا لكل جزء في اتفاق إنهاء الانقسام".
وتوقع أن تزداد الشكوك والأزمات وحدة التوترات والتراشقات الإعلامية بين الطرفين خلال المرحلة المقبلة، قائلا "مع كل خطوة وبند في اتفاق المصالحة ستظهر خلافات في كل موقع لذلك ستزداد حدة الأزمة بين حماس وفتح".
وأضاف: "المرحلة المقبلة فيها استحقاقات كبيرة من أهمها إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي، وملف معابر قطاع غزة، واستئناف مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في القاهرة، ومحاولات الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي ينص على نزع سلاح المقاومة".
ومضى قائلا: "استحقاقات المرحلة المقبلة ستقود لمزيد من التناقضات بين "حماس" و"فتح" ما لم تجلس جميع الأحزاب الفلسطينية على طاولة الحوار لإجراء بحث عميق لمواجهة جميع الأزمات القائمة".
ورأى وسام عفيفة، الخبير السياسي ورئيس تحرير صحيفة "الرسالة" الفلسطينية، نصف الأسبوعية، أن اتفاق المصالحة بين "حماس" و"فتح" ترك لكل طرف "تفسير العديد من المواضيع والعناوين وفق رؤيته الخاصة".
وأوضح عفيفة أن كثير من قضايا المصالحة التي تم الاتفاق عليها في قطاع غزة كان يجب بحثها بشكل "أكثر عمقا وأكثر تفصيلا" حتى لا يترك المجال لكل طرف لتفسيرها وفق رؤيته الخاصة.
وقال إن "هناك أسبابا سياسية لما يحدث حاليا من توتر وخلاف بين طرفي الانقسام، فحركة فتح ورئيسها محمود عباس كان يعتقد أن "حماس" جاءت للمصالحة ضعيفة ومجبرة بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي، وتوتر علاقاتها بالنظامين السوري والإيراني على خلفية موقفها من الأزمة السورية".
وفرضت متغيرات الوضع العربي والإقليمي خلال العام الماضي، "عزلة" على حماس في غزة ففقدت حليفها القوي الرئيس محمد مرسي بعد عزل الجيش المصري له في تموز/ يوليو الماضي، بالإضافة إلى أن موقفها من المؤيد "للثورة ضد النظام السوري"، أفقدها حليفها السوري وأضعف علاقتها بإيران الداعمة للأخير.
وأضاف عفيفة: "واضح أن عباس كان يظن أن حماس ستخضع لاشتراطاته فكان يحاورها من منطق قوة ولكنه اكتشف لاحقا وخاصة بعد نجاحها في مواجهة الحرب الإسرائيلية على غزة أنها لا زالت قوية لذلك سيحاول التراجع عن استكمال ملف المصالحة وسيلجأ في ذلك إلى استئناف عملية التسوية والسلام مع إسرائيل".
ولا يمكن للرئيس محمود عباس أن يعود لمسار التسوية مع إسرائيل بشراكة حركة "حماس" لذلك سيحاول التهرب من بقية استحقاقات المصالحة والتي من أهمها عقد اجتماع "الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير"، وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، كما توقع الخبير السياسي.
وتوصلت الفصائل الفلسطينية، إلى اتفاق في القاهرة عام 2005، نص على تشكيل إطار قيادي مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، كخطوة أولى في مسار إصلاح المنظمة، ويضم هذا الإطار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وممثلي الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي، ويعتبر خطوة أولى لإعادة بناء المنظمة.
وتوقع عفيفة في هذا الصدد أن يستغل الرئيس عباس حرب غزة بقوة؛ فإسرائيل خرجت منهكة من الحرب وعلاقاتها متوترة مع الولايات المتحدة، وهناك أصوات داخلها تنادي بضرورة دعم خيار التسوية مع السلطة الفلسطينية خاصة بعد اكتشافهم أن البديل عن مشروع التسوية هو خيار المقاومة المسلحة الذي تمثله "حماس".
ورأى عفيفة أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة وستزداد فيها حدة التوترات والخلافات بين "حماس" و"فتح" خاصة في ظل المعطيات واللغة الإعلامية التي تستخدمها "فتح" بكثافة في الآونة الأخيرة ضد "حماس".
ووقعت حركتا فتح وحماس في 23 نيسان/ أبريل الماضي، على اتفاق، يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
وأعلن عقب توقيع الاتفاق عن تشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية في 2 حزيران/ يونيو الماضي، وأدى أعضائها اليمني الدستوري أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر الرئاسة في مدينة رام الله بالضفة الغربية.