شهدت العاصمة
اليمنية صنعاء، اشتباكات متقطعة بين قوات الجيش ومسلحي جماعة "أنصار الله"، المعروفة إعلاميا باسم جماعة "الحوثي"، رغم تناثر أحاديث عن قرب إنجاز اتفاق لوقف اطلاق النار بين الطرفين.
وقال سكان محليون وشهود عيان إن انفجارات دوّت ليل الجمعة السبت، في شارع الثلاثين شمالي العاصمة، وفي محيط جامعة الإيمان التابعة لرئيس هيئة علماء اليمن، الشيخ عبدالمجيد الزنداني.
وأضاف الشهود أن الاشتباكات كانت أخف نسبيا، الليلة الماضية، عن يوم الخميس الماضي، فيما يراه مراقبون مؤشرا على وجود شبه اتفاق على إنهاء الحرب بين الطرفين.
وقال الكاتب الصحفي سامي نعمان، لوكالة "الأناضول" إن "الهدوء المتقطع للمواجهات في أطراف ووسط صنعاء يبعث على الاطمئنان إلى حد ما".
إلا انه قال "من واقع تجارب سابقة للهدن والاتفاقات المتعلقة بوقف اطلاق النار، فإن هدنة كهذه، ليست أكثر من استعدادات لهجمات أكثر وحشية ودموية".
وأضاف "يصعب على الإنسان تخيل مستوى الجرأة على خوض معركة كهذه في وسط عاصمة عشوائية متداخلة مكتظة بالسكان، الأمر فوق مستوى قدرة الإنسان السوي على تخيل مغامرة إرهابية كهذه أو تفهم دوافعها أو تبريرها"، على حد قوله.
ودفعت السلطات اليمنية بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى محيط مبنى التلفزيون الحكومي الذي استهدف من قبل مسلحي الحوثي.
وأفاد شهود عيان بأن مسلحي جماعة الحوثي "تكبدوا خسائر فادحة في الأرواح طيلة اليومين الماضيين، حيث شوهدت جثث مقاتليهم ملقاة في الشوارع".
ولا يُعلن الحوثيون عن قتلاهم في المعارك التي يخوضونها، لكن مصدر أمني توقع في حديث له وصول عدد قتلاهم إلى 100 شخص على الأقل في الثلاثة الأيام الفائتة.
وأعلنت جماعة الحوثي وفاة أحد مناصريها فقط وجرح آخرين في هجوم قالت إن السلطات نفذته على مخيم اعتصامهم الواقع في طريق مطار صنعاء الدولي قبل صلاة الجمعة، أمس؛ لإظهار أن القوات الحكومية تستهدف تجمعاتهم السلمية.
وشهدت مناطق الاشتباك في الأحياء الواقعة بالضفة الشمالية للعاصمة صنعاء أمس سقوط ضحايا مدنيين، حيث نعت وزارة الكهرباء اليمنية في بيان رسمي لها وكيلها المساعد للشؤون الفنية المهندس، عبدالرحمن سيف الذي استشهد أثناء مروره ومعه نجله في شارع الثلاثين إثر استهدافه بطلق ناري من عناصر مسلحة، كما أصيب نجله بشظية نارية.
ووفقا لسكان محليون، فقد قتل مسلحو الحوثي أحد حراسة منزل وزير سابق في شارع الثلاثين، كما قتلوا طالبا بعد أن استهدفه بقذيفة هاون.
وأعلنت وزارة الصحة اليمنية وجمعية الهلال الأحمر اليمني في بيان أمس أن طواقم الإسعاف والمرافق الصحية تقوم بواجبها الوطني والأخلاقي والإنساني في تقديم الخدمات الإسعافية لجميع المحتاجين لها من جميع أبناء اليمن دون تميز أو انحياز وبكل حيادية، في إشارة إلى إمكانية تقديم خدماتها حتى للجرحى من المقاتلين من جماعة الحوثي.
وتنقل السلطات اليمنية جرحى وقتلى الجيش إلى مستشفيات "العسكري" و"الشرطة" الحكوميان ، فيما تنقل جماعة الحوثي جرحاها إلى "مستشفى المؤيد " الواقع في منطقة الجراف، التي يتواجد بها مخيم اعتصامهم
وتواصلت موجه نزوح السكان من مناطق الاشتباكات بشكل كبير، حيث رصد مراسل الأناضول عشرات الأسر وقد توجهت إلى الضفة الجنوبية للعاصمة، واستقرت في فنادقها؛ هربا من لهيب المعارك.
وشن ناشطون وصحفيون حملة انتقادات واسعة لجماعة الحوثي المسلحة على إشعالها حربا داخل صنعاء التي تضم أكثر من 3 ملايين ونصف من السكان، وأجبروا البعض على النزوح منها، فيما تهدمت كثير من منازل القاطنين في الضفة الشمالية جراء الاشتباكات.
وقال الناشط السياسي والحقوقي، ماجد المذحجي، في تصريحات صحفية: "حين تنحرف أي احتجاجات شعبية نحو توسل العنف لحماية سلميتها المفترضة، فهذا يقوض من تفوقها الأخلاقي على نقيضها السلطوي، ويفسد جوهرها وضامنها السلمي، ويحولها إلى أداة إكراه وعنف تريد عبرها تنفيذ المطالب بالقسر، بما ينتهي فيها بالأخير إلى أن تتطابق مع "الطاغية الذي تثور عليه".
ومنذ أسابيع، تنظم جماعة "الحوثي" احتجاجات واعتصامات على مداخل صنعاء، وبالقرب من مقار وزارات في وسط المدنية، للمطالبة بإقالة الحكومة، وتخفيض أسعار المحروقات، ولم تفلح مبادرة طرحها الرئيس عبد ربه منصور هادي وتضمنت تعيين حكومة جديدة وخفض أسعار الوقود، في نزع فتيل الأزمة، نتيجة لتشكك الحوثيين فيها، واشتراطهم تنفيذها قبل إنهاء الاحتجاجات.