طالبت صحيفة "فايننشال تايمز" الإدارة الأميركية لباراك
أوباما بتحديد أهدافها للحملة العسكرية ضد "
داعش"، مؤكدة في الوقت نفسه أن من حق أميركا توسيع الحملة لتشمل
سوريا. وخشية ألا تتحول الحرب لمهمة زاحفة فلا بد من توضيح الأهداف، وتحديد ماذا تريد الولايات المتحدة تحقيقه.
وقالت الصحيفة "قلة من الرؤساء الأميركيين أظهروا ترددا باستخدام قوة أميركا في الخارج مثل الذي أظهره الرئيس باراك أوباما. وعليه فقراره شن غارات ضد المتشددين الإسلاميين في سوريا ليس رد قائد عام للقوات المسلحة يده على الزناد مستعد لإطلاق النار في كل اتجاه، ولكن تعبير واقعي عن التهديد الذي تمثله هذه القوى على الشرق الأوسط، فلم يكن أمام أوباما إلا رفع مستوى الحملة من أجل (إضعاف وتدمير) تنظيم الدولة المعروف بـ (داعش) في النهاية، ولكنه شن عملية غير متوقعة ودون نتائح واضحة ونجاحها غير مؤكد".
وتضيف "أي شخص يريد الحكم على قرار أوباما يحتاج للإجابة على ثلاثة أسئلة؛ الأول يتعلق بتوسيع الحملة من
العراق إلى سوريا وإن كان مبررا بناء على أرضية أمنية، والجواب أن لا شك من أنه مبرر. فقد سيطر تنظيم (داعش) على مساحات واسعة من أراضي العراق وسوريا، وأقسم على مهاجمة حدود الأردن ولبنان، ولديه حوالي 30.000 مقاتل، ويحصل على ملايين الدولارات في اليوم، من تصدير النفط من 13 حقل نفط يسيطر عليها. وأظهرت الحركة نيتها الإجرامية تجاه الأقليات في المنطقة مثل اليزيديين والمسيحيين. وفي ضوء التهديد الذي يمثله (داعش) على أمن أوروبا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط، فيقع على كاهل الولايات المتحدة وقف المسار التصاعدي لهذه الجماعات الراديكالية".
وتتابع "أما السؤال الثاني فيتعلق بقانونية توسيع الحملة لتشمل سوريا، وهذا موضوع معقد، فالعمل العسكري في العراق ودون شك مسموح به؛ لأن حكومة بغداد طلبت التدخل، وفي سوريا لم يتقدم نظام بشار الأسد بمثل هذا، حتى دون وجود إشارات عن معارضة دمشق لهذه الغارات ضد عدوها المتطرف، فما يهم هو دعم خمس دول عربية سنية لها- السعودية، الأردن، الإمارات العربية المتحدة، قطر والبحرين- وكذلك تركيا، التي قدمت دعما سياسيا على الأقل، فهذا الوجود العربي يضفي حضورا قويا على العملية مقارنة مع التدخل الأميركي في العراق عام 2003".
وبالنسبة للثالث فتقول إنه " السؤال الأكبر، والذي يثير الكثير من الشكوك إن كانت العملية ستؤدي إلى تحقيق الأهداف المحددة لها. فقد نشرت الولايات المتحدة قوات عظيمة لها استخدامها ضد المتشددين الإسلاميين في الأيام القليلة الماضية، ولكن ومن أجل إكمال المهمة فيجب نشر قوات برية في كل من العراق وسوريا للاستفادة من الغارة الجوية الأميركية. فبعد التحربة المروعة في حرب العراق، فمن غير المحتمل موافقة الولايات المتحدة باستثناء أعداد رمزية من القوات البرية (بساطير على الأرض)، فيما أظهرت القوات العربية رغبة في القتال، ولن يكون الجيش السوري الحر جاهزا قبل سنوات كي يستطيع مواجهة (داعش) والأسد في نفس الوقت. وربما استطاع الجيش العراقي احتواء تقدم قوات (داعش) ووقفها نحو العاصمة بغداد، ولكنه ما يزال يعاني من الهزيمة على يد المتشددين".
وتعتقد الصحيفة أنه "لم تترك الفوضى للرئيس الأميركي ولقادة الدول الغربية خيارات خالية من المخاطر، ولكن وكما تكشف الحملة التي تقودها الولايات المتحدة، فيجب أن يكون في أذهانهم أن تدمير (داعش) يعتمد في النهاية على القوى الإقليمية، التي يجب أن يلعب كل منها دورا. ويجب تشجيع تركيا على لعب دور فعال في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة، كما تحتاج الحكومة العراقية في مرحلة ما بعد المالكي لبذل جهود كبيرة لتوحيد السنة والشيعة والأكراد ضمن المؤسسات الوطنية، مما سيسحب البساط من تحت أقدام المتشددين الإسلاميين".
وتخلص الصحيفة إلى أن "الامتحان الحقيقي للرئيس الأميركي، وقد نشر قواته والتزم بالقتال، هو الاستفادة من دروس الحملات العسكرية الفاشلة. إذ يحظى ضرب (داعش) بدعم ثلثي الأميركيين ومن أجل استمرار دعمهم، يجب عليه وضع أهداف محددة ليتجنب لعنة (المهمة الزاحفة)".