كتبت رندة حيدر: تحاول
إسرائيل منذ بدء التحرك الدولي ضد "
تنظيم الدولة" في العراق وسوريا أن تربط بين هذه التنظيمات الجهادية وحركة المقاومة الإسلامية "
حماس" في
غزة، في حملة إسرائيلية منهجية لنزع الشرعية عن "حماس"، وتأليب الرأي العام الدولي والعربي عليها، وتبرير الحرب الضارية التي خاضتها الشهر الماضي والتغطية على إخفاقها في القضاء على الحركة على رغم القتال الذي استمر 50 يوماً. صحيح أن أجزاء كبيرة من قطاع غزة أصبحت مدمرة، وأن لا شيء يعوض خسارة 2000 قتيل، لكن هذا لم يكسر "حماس" ولم يقض على إرادة أهل غزة في الصمود.
يدّعي المسؤولون الإسرائيليون أن ايديولوجيا "حماس" الإسلامية المتشددة هي وجه آخر من ايديولوجيا التنظيمات الجهادية التي تنهل جميعها من معين الفكر الإسلامي الإخواني، وأن خطرها لا يقل عن خطر هذه التنظيمات. وقد شجعهم في ذلك موقف النظام المصري العدائي حيال "حماس" التي يتهمها بالتواطؤ مع الإخوان المسلمين والمشاركة في عمليات تخريبية في مصر ضد القوات المصرية، وردة الفعل العربية الفاترة حيال حرب غزة الأخيرة. ويفسر الإسرائيليون هذه الظواهر بأنها مؤشر لتغير المزاج العربي حيال "حماس" والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهم يرون في انشغال الدول العربية بمحاربة الإرهاب الجهادي فرصة كي يفعلوا ما يشاؤون بالتأليب على "حماس"، وتقويض المصالحة الفلسطينية، وعرقلة عملية إعمار غزة. كل ذلك بذريعة أن "حماس" لا تقل خطراً عن "داعش".
لكن "حماس" ليست "داعش"، والبروباغندا الإسرائيلية المعادية للحركة هي في الواقع جزء لا يتجزأ من سياسة العداء الإسرائيلي العميق لكل التنظيمات الفلسطينية وهدفها هو القضاء على روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني وتشويه صورة الحركات التي تمثله. والحملة الإسرائيلية على "حماس" هي عملية تضليل وتشويه للحقائق من أجل استغلال الظروف الدولية وتوظيفها ليس ضد "حماس" فحسب، بل ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية على حد سواء.
تزعم إسرائيل أنها تعتبر نفسها شريكة سرية في التحالف الدولي ضد "تنظيم الدولة" الذي بات اليوم بالقرب من حدودها في
الجولان، وأنها تتطلع إلى تعاون مستقبلي مع الدول العربية المعتدلة التي تشارك في محاربة "داعش" والإرهاب الجهادي، وأن ثمة مصلحة مشتركة تجمعها بها. لكن الحقيقة التي لا تخفى على أحد هي أن الحرب على الإرهاب الجهادي تخدم إسرائيل على أكثر من صعيد، فهي تعيد الولايات المتحدة حليفتها الاساسية الى المنطقة، وتعيد تركيب موازين القوى وفقاً لمصالح الدول الغربية، والاهم انها تصرف انظار العالم العربي والغربي عما تفعله إسرائيل في غزة والضفة الغربية.