قالت الحكومة التركية، بعد حصولها على تفويض من البرلمان لتكليف الجيش بعمليات عسكرية خارج حدود البلاد، أنها ستكون حذرة في تحركاتها دون أن تقع في فخ التردد أو التهاون مع التهديدات التي تواجهها
تركيا على طول حدودها الجنوبية والقادمة من داخل الأراضي السورية والعراقية.
وقال وزير الدفاع التركي عصمت يلماز إن الهدف الأساسي من طلب الحكومة لهذا التفويض هو ضمان محيط هادئ لتركيا ومحاربة التنظيمات الإرهابية التي خص بالذكر منها "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" وتنظيم "حزب العمال الكردستاني"، مضيفاً: "نريد القضاء على الإرهاب ومعالجة القضايا التي استغلها الإرهابيون.. نريد القضاء على كل المشاكل التي تعيشها المنطقة".
خلاف الحكومة والمعارضة
أما رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، فهاجم حزب الشعب الجمهوري المعارض ورئيسه كمال كيلتشار أوغلو بسبب تصويتهم ضد قرار تفويض الحكومة بحجة أن الحكومة لا تسعى لمحاربة
داعش عبر هذا التفويض وإنما لمحاربة نظام الأسد، قائلا: "أصبت بالحيرة عندما استمعت لتصريحات كيلتشار أوغلو، حزبه اتهمنا لأشهر برفض محاربة داعش، والآن يقولون لا لتفويض نحتاجه لمواجهة تهديد واضح من قبل داعش".
وتابع داوود أوغلو في حديثه لقناة ATV التركية قائلا: "بكل وضوح، هم صوتوا ضد التفويض لأجل حماية نظام الأسد، فبينما يمارس الأسد ظلما كبيرا ضد الشعب السوري، قال حزب الشعب الجمهوري نعم لداعش حتى يحمي نظام بشار الأسد.. وفي المستقبل سيذكر اسم حزب الشعب الجمهوري إلى جانب تنظيم داعش ونظام الأسد".
وحصلت الحكومة التركية على التفويض البرلماني بعد يوم ساخن من المناقشات حيث وافق 298 عضواً من أصل 396 على القرار بعد أن صوت كل من حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية المعارض بنعم، وصوت حزب الشعب الجمهوري المعارض وحزب الشعوب الديمقراطية الكردي بلا.
ترحيب وتحذير
ورحبت الولايات المتحدة الأمريكية بقرار البرلمان التركي، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جينيفر بساكي: "لقد أجرينا العديد من المناقشات رفيعة المستوى مع المسؤولين الأتراك لبحث كيفية تعزيز تعاوننا في مواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. هذه المناقشات ستستمر، ونحن نتطلع إلى تعزيز هذا التعاون".
من جهته، حذر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنقرة من زيادة تفاقم الوضع في الشرق الأوسط في حال التدخل عسكرياً في سوريا والعراق، ونشرت وكالة الأنباء الإيرانية بيانا وزاريا جاء فيه أن "السيد ظريف انتقد الوسيلة المختارة لمكافحة الإرهاب، وأعرب عن قلقه من أي عمل يزيد الوضع تفاقما"، وذلك في محادثة هاتفية مع نظيره التركي مولود جاوش أوغلو.
نقطة سليمان شاه:
وتتجه أنظار المواطنين والساسة الأتراك إلى ما هو أبعد من الخط الحدودي الجنوبي، وبالتحديد إلى نقطة سليمان شاه حيث تقع القطعة الترابية التركية الوحيدة خارج تركيا، وحيث يقيم عدد من الجنود الأتراك المحاصرين من كل الجهات بمقاتلي داعش الذين سيكون بإمكانهم السيطرة على الهذه النقطة واختطاف الجنود الأتراك.
وفي ظل الحديث عن ما يمكن أن يتعرض له الجنود الأتراك في منطقة سليمان شها في حلب، وخوف الأتراك من إقدام داعش على خطف جنودهم من هناك في حال قيام الجيش التركي بمهاجمة داعش شمال سوريا، نشرت وسائل الإعلام التركية رسالة رسمية من قائد أركان الجيش التركي، نجدت أوزال، وجهت للجنود الأتراك المقيمين داخل نقطة سليمان شاه ليؤكد لهم أن إشارة واحدة منهم ستكون كافية ليتحرك الجيش التركي بكل قواته للدفاع عنهم.
وجاء في الرسالة التي وجهها نجدت أوزال: "فلتعلموا أنكم لستم بمفردكم، خلفكم الشعب التركي العظيم، لا تنسوا أن معكم 76 مليون مواطنا تركيا، بإشارة واحدة منكم ستتحرك القوات المسلحة التركية لتكون بجانبكم ولتحميكم، فأنتم في أمان".
يذكر أن أوزال، تحدث قبل أيام عن قيام الجيش التركي بتزويد الجنود الموجودين في نقطة سليمان شاه بأسلحة ثقيلة وعن وجود خطة جاهزة للدفاع عنهم عبر توجيه صواريخ "أرض - أرض" من تركيا نحو نقاط تمركز داعش في محيط سليمان شاه، وعبر إرسال طائرات F-16 وطائرات كوبرا (مروحية هجومية محلية الصنع) لصد مقاتلي داعش، مؤكدا أن الطائرات التركية ستصل إلى هناك خلال دقيقتين فقط من وصول الإنذار.
المنطقة العازلة
وعند حديثه لوسائل الإعلام التركية قال أحمد داوود أوغلو إنه لا مفر من إقامة منطقة عازلة خالية من مقاتلي تنظيم داعش وتحظر فيها طائرات الأسد وتكون ملجأ للسوريين الفارين من باقي مناطق النزاع في سوريا، مشيرا إلى أن تركيا لن تتسرع في تنفيذ هذه الخطة وأنها في نفس الوقت لا تحتاج لقرار أممي من مجلس الأمن حتى تنفذها.
وفي المقابل، وعند إجابته عن أسئلة الصحفيين في أمريكا، قال وزير الدفاع الأمريكي "تشاك هيغل" أن بلاده "لا تخطط لمثل هذا الأمر" دون أن يعبر عن الموقف الذي ستتخذ بلاده في حال توجه تركيا لتنفيذ خطتها بمفردها ودون الحصول على دعم أمريكي.
أما حلف الناتو، والذي تعتبر تركيا من أهم أعضائه منذ الخمسينات، فقد أعلن أمينه العام "ينز ستولتنبرغ" أن الناتو سيفعل نظام الدفاع المشترك وسيدافع عن تركيا في حال تعرضها لأي هجوم سواء في نقطة سليمان شاه أو على طول حدودها الجنوبية مع سوريا والعراق، مشيراً إلى أن الناتو سيستخدم بطاريات الباتريوت الموجود جنوب تركيا لصد أي خطر تتعرض له.