امتلأت المنتزهات والمنتجعات السياحية في قطاع غزة في ثاني أيام عيد الأضحى بآلاف الفلسطينيين، رغم الظروف الإنسانية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها القطاع المحاصر منذ سبعة أعوام.
ويحاول الفلسطينيون في غزة من خلال الإقبال على المنتجعات السياحية ومدن الألعاب في أيام العيد، الترفيه عن أطفالهم والتخفيف من الآثار النفسية للظروف الإنسانية والاقتصادية القاسية التي يعيشوها بسبب الحصار المتواصل، والحرب الإسرائيلية التي انتهت قبل عدة أسابيع مخلفة مئات القتلى وآلاف الجرحى.
وتوصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي في 26 آب/ أغسطس الماضي إلى هدنة طويلة الأمد، برعاية مصرية، أنهت 51 يوما من الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي تسببت بمقتل 2159 فلسطينياً، وجرح أكثر من 10 آلاف آخرين، وتدمير نحو 9 آلاف منزل بشكل كلي و8 آلاف منزل جزئيا.
ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي مشدد منذ صيف 2007، في أعقاب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.
وتعتبر الأعياد فرصة ثمينة للفنادق والمنتجعات السياحية لتعويض جزء من خسائرها، من خلال استيعاب أعداد كبيرة من الزوار.
والسياحة الداخلية هي المتنفس الوحيد لمواطني قطاع غزة في ظل الحصار وعدم قدرتهم على التنقل للخارج، حيث تغلق السلطات المصرية معبر رفح، منذ الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، وتفتحه لمرور الحالات الإنسانية فقط.
وقال محمد السكني، مدير قرية "أبو خَضْرة" للألعاب، التي أقيمت على أرض حكومية وسط مدينة غزة، إن إقبال السكان على زيارة أماكن الترفيه كان كبيرا، نظرا لأن عيد الفطر السابق، جاء وسط أجواء الحرب.
وأضاف "هذا عيد مختلف، الأطفال يأتون من كل مكان، ونحن نسمح بالدخول للمكان دون تذاكر، مراعاة للأوضاع الاقتصادية الصعبة، وخفضنا أسعار الألعاب كي لا نثقل على الفقراء".
وقال:" الأطفال فرحون، رغم أن هناك ألم على وجوه بعضهم خاصة من الذين فقدوا بيوتهم وعائلاتهم".
من جانبها، قالت الطفلة نرمين المملوك (12 عاما):" في العيد الفائت (الفطر)، كنا وسط الحرب، ولم نلعب، ولم نزر أقاربنا، ولم نخرج للمتنزهات بسبب الحرب والقتلى والجرحى".
وأضافت:" أما هذا العيد ففرحنا وزرنا الأقارب ولعبنا".
وفي منتجع "كريزي وتر" جنوبي مدينة غزة تجمع الآلاف من الفلسطينيين من مختلف الأعمار للاستمتاع بأجواء العيد.
وقالت الفلسطينية نور عبد الهادي: "جرحنا غائر ولا زال ينزف وهناك الآلاف من الأطفال الأيتام والنساء الأرامل والأمهات اللواتي فقدن أبنائهن، وعشرات الآلاف من البيوت المدمرة ولكن بين كذلك يجب أن نبحث عن لحظة فرح وسعادة حتى نرفه عن أنفسنا وأطفالنا".
وتضيف عبد الهادي، التي كانت تصطحب ثلاثة من أطفالها، "ندعو الله أن يعيد العيد القادم وقد رفع الحصار وانتهت المأساة هنا في غزة".
أما الطفلة نهيل مصطفى، التي كانت تركض خلف بالون أحمر كبير في ساحة المنتجع السياحي الخضراء، فقالت: "بابا جابني (أحضرني) هنا علشان (حتى) العب واستمتع بأجواء العيد ".
وقال الشاب خالد عبد الرحمن فقال: "خرجنا كي نتنفس ونرفه عن أنفسنا قليلا بعيدا عن أجواء الحصار والحرب التي انتهت قبل عدة أسابيع".
وتراجعت الظروف الاقتصادية لسكان قطاع غزة بعد انقضاء 7 سنوات من الحصار البري والبحري والجوي الإسرائيلي على منافذ القطاع، وقد نتج عن الحصار تعطل عدد كبير من المصانع وزيادة نسبة البطالة لتتجاوز 40% لتصبح أعلى نسبة بطالة في العالم، وزيادة نسبة الفقر بالقطاع لتصل إلى 50%.
وحسب المركز الفلسطيني للإحصاء المركزي، بلغت نسبة الفقر في قطاع غزة في الربع الأول من العام الجاري 50%.