قال نائب أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن (إخوان الأردن) نعيم خصاونة إنه لا خيار أمام الكثيرين من المعتدلين الرافضين للتدخل الأمريكي والحرب الدولية على الإسلام إلا تأييد تنظيم الدولة في
العراق والشام "
داعش".
وفي تصريح خاص أضاف خصاونة أن: الظرف الدولي الذي يمارس اليوم على الإسلام مقابل التهاون الكبير عما تقوم به مليشيات في العراق وحزب الله في لبنان وتسهيل سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية أنتج تعاطفا مع "داعش" نكاية بالتحالف الدولي.
تصريحات خصاونة تأتي وسط جدل إعلامي وسياسي حول موقف الحركة الإسلامية في الأردن من تنظيم "داعش".
ويقول مراقبون إن جماعة الإخوان المسلمين التي تقدم نفسها على أنها تيار الإسلام السياسي المعتدل ينتابها قلق من تزايد تعاطف الشارع العربي والإسلامي مع تيار "السلفيين الجهاديين" الذي بات يمثله تنظيم الدولة "داعش".
وكانت مقالة لنائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بني ارشيد نشرها قبل أسابيع قد أنهت الجدل الإعلامي الدائر حول موقف الحركة الإسلامية من تنظيم الدولة "داعش"، بإعلانه إنها ثورة استصحبت معها "فصولاً من فقهٍ سياسيٍ، نتج في زمن الاستبداد والمُلك العضوض، تُشرَّع فيه الغاية على حساب الوسيلة، وتُرتكب فيه الموبقات، تحت لافتة الخلافة الإسلامية".
ودأبت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن في أدبياتها على دعوة الأنظمة إلى "معالجة جميع أنواع الغلو أو التطرف بالمناخ الحر والبيئة المناسبة للحوار ومواجهة الحجة بالحجة، وعدم الانقضاض على ممثلي "الإسلام السياسي المعتدل" في المنطقة.
في المقابل، ما يزال خبراء التيار السلفي الجهادي في الساحة الأردنية يرصدون حجم تأثير "الخلافة الإسلامية" التي أعلن تنظيم الدولة عن إقامتها في أجزاء واسعة من أراضي الدولتين السورية والعراقية، وما إذا كانت هذه "الخلافة" ستكون محل جذب لأعضاء التيار.
الجديد في هذا الملف هو ما أعلن عنه مؤخرا من "هجرة" القيادي في التيار السلفي الجهادي الأردني
سعد الحنيطي لـ "أرض الخلافة" على حد وصفه على حسابه على موقع "التويتر" أخيرا، وما إذا كان انضمامه يعني انجذاب أعضاء آخرين إليه أم إنها مجرد حالة فردية فقط.
خبراء أردنيون في شؤون الحركات الإسلامية يقللون من أهمية ووزن انضمام الحنيطي إلى "دولة خلافة داعش"، رغم تأكيدهم أن مراجعات ما زال يجريها عدد واسع من أعضاء التيار حول ما الذي يجب فعله في هذا الصدد، في حين ما زالت نسبة مهمة من مناصري جبهة النصرة في الأردن يشككون في "ماهية داعش" وأهدافها وانتماءات قياداتها.
وبانضمام القيادي في التيار السلفي الجهادي الأردني سعد الحنيطي إلى دولة الخلافة في العراق والشام "داعش" يُفتح الباب مشرعا لسلفيين آخرين قد يغيرون من اصطفافاتهم السابقة، خاصة بعد الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضد "داعش".
وعلى حد تعبير أحد مناصري جبهة النصرة في الأردن، مفضلا عدم نشر اسمه، فإن عدداً من أعضاء التيار غير مستقر بعد على رأي محدد حول ماهية تنظيم "داعش"، وفيما إذا كانت هويته إسلامية بحق أم أن له دوافع استخباراتية أخرى، مشيرا إلى أن إعلان التحالف لضربه كان لصالح الأصوات التي تميل نحو دولة الخلافة، لكن الأمر ما زال في طور التفاعل.
وظهرت بين أوساط التيار السلفي الجهادي في الأردن انقسامات حادة إثر الاشتباكات المسلحة التي وقعت بين "داعش" من جهة وجبهة النصرة وعدد من الفصائل السورية من جهة أخرى.
وعرف الحنيطي بكونه أحد قضاة جبهة النصرة قبل أن ينقلب عليها، ويتحول إلى "الدولة" في التفاتة لم تكن مفاجئة وذلك لكون الرجل عرف عنه كثرة تغييره لمواقفه وآرائه، من جهة، ومن جهة أخرى كونه لم يكن يخفي تصريحاته الأخيرة المناصرة لداعش.
وكان الحنيطي كشف عبر صفحته على شبكتي التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، و"تويتر" أمس الاثنين عن وجوده في أرض الخلافة قائلا: "ما توصلت إليه اليوم من قناعات بدأ يتشكل منذ زمن، وليس وليد يومه".
وقال الحنيطي في تغريدته "أنا اليوم في أرض الخلافة حيث لا حكم إلا لله عز وجل"، مؤكداً أن هجرته إلى
سوريا لم يكن مرتبطا في أي مشروع ومع أي شخص، إنما هي قناعته وحده التي أوصلته إلى هناك.
وبرر الحنيطي سفره إلى سوريا في آذار/مارس الفائت بسعيه للصلح بين جبهة النصرة، و"تنظيم الدولة"، في سوريا، إلا أنه فشل في تحقيق ذلك حسبما تناقلت عنه وسائل إعلامية في أيار /مايو الماضي.
بالنسبة للخبير في الحركات الإسلامية في الأردن، حسن أبو هنية، فإن حرب التحالف الدولي على "داعش" فتحت المجال لكثيرين لتغيير مواقفهم من "داعش" بعد أن طرأ تغيير في المزاج الجهادي تجاه تنظيم الدولة.
ولم يستغرب أبو هنية، في حديثه لوكالة الأناضول، انضمام القيادي سعد الحنيطي لدولة "داعش" رغم اصطفافه في فترة سابقة لصالح جبهة النصرة، وقال :" ستشهد داعش مزيداً من الانضمامات في الأيام القادمة ومن أكثر من بلد، ليس فقط في الأردن".
في حين يعتبر الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، مروان شحادة أن سعد الحنيطي لم يعبر عن موقف ثابت منذ خروجه للصلح بين "الجبهة" و "داعش".
ويقرأ شحادة تردد الحنيطي بين الفصيلين؛ "داعش" و"النصرة" بأنه "تخبط ليس إلا" ويقول في تصريح لـه، "لا يعلم الرجل ماذا يريد، ولن يشكل وجوده هناك أية إضافة للتنظيم".
ويرجع شحادة الأسباب التي تغري البعض في مبايعة "داعش" إلى النجاحات المتحققة على أرض الواقع، وإلى الإمكانيات المادية والمعنوية، إضافة إلى مفهوم الخلافة الإسلامية الجاذب، مبيناً أن التحالف الدولي ضد "داعش" نحا بالخلافات الداخلية بينها وبين "الجبهة" وأغلب الفصائل جانباً؛ من أجل التصدي للتدخل الخارجي.
وقضى سعد الحنيطي الذي يعتبر من الوجوه البارزة في التيار السلفي الجهادي، فترات طويلة في السجون الأردنية، قبل الإفراج بتاريخ 26 أغسطس/ آب 2013، بعد تردي حالته الصحية بسبب إضرابه عن الطعام.