أحيت مدينة
أسوان المصرية، مع شروق شمس، الأربعاء، الاحتفال بتعامد
الشمس على وجه الملك
رمسيس الثاني، بمعبد أبو سمبل، وسط أجواء احتفالية حضرها مصريون ومئات السائحين من مختلف دول العالم، وهي ظاهرة فلكية تحدث مرتين سنويا، وتحديدا يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول ويوم 22 شباط/ فبراير.
الحضور مبكراً لانتظار الحدث، كان السمّة الغالبة للمصريين والسائحين، الذي استقروا أمام معبد أبو سمبل اليوم الأربعاء، مشدوهين النظر إلى وجه رمسيس الثاني، حيث يمثل شروق الشمس على وجهه بداية فصل الزراعة في مصر القديمة، بخلاف المرة الثانية في 22 شباط/ فبراير، وهو بداية موسم الحصاد.
وعن أهمية الحدث، قال مدير معبد أبو سمبل حسام معبود، للحضور، إن "ظاهرة
تعامد الشمس، تعد من المعجزات الفلكية التي يبلغ عمرها 33 قرنا من الزمان، وجسدت التقدم العلمي الذي بلغه القدماء المصريون، خاصة في علوم الفلك والنحت والتحنيط والهندسة والتصوير، والدليل على ذلك الآثار والمباني العريقة التي شيدوها، والتي كانت شاهدة على الحضارة العريقة التي خلدها المصري القديم في هذه البقعة الخالدة من العالم".
واتفق معبود مع محافظ أسوان مصطفى يسري الذي قال إن "موسم السياحة يبدأ بمثل هذه الأحداث التاريخية، خاصة أن السائحين يعودون لبلادهم فيخبرون أصدقاءهم وعائلتهم بتلك الأوقات، فيتوقون للعودة في فبراير/شباط مع ذويهم".
ومع الاقتراب من شروق الشمس، التف الحضور، في صفوف متدرجة أمام تمثال رمسيس الثاني، فيما حاول البعض الوقوف في أماكن على جنبات الطريق لالتقاط صور للتمثال أثناء إضاءته، مع تعامد الشمس، لتتعالى الأصوات عند وصول الشمس في منتصف وجه رمسيس الثاني.
وعقب إضاءة وجه رمسيس الثاني، اصطف السائحون حول عرض الصوت والضوء الذي كان بمثابة إعادة تجسيد للحدث، من خلال لوحة معدنية تظهر التماثيل التي تتعامد عليها أشعة الشمس.
فيما فضل أعداد من الحضور الاحتفال مع فرق الفنون الشعبية، بآلاتها ولهجتها النوبية، في أجواء احتفالية بما وصفوه بالـ"الحدث التاريخي".
وتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني ظاهرة اكتشفتها في عام 1874 المستكشفة الانجليزية إميليا إدواردز والفريق المرافق لها، وسجلتها في كتابها المنشور عام 1899 (ألف ميل فوق النيل).
وكانت الشمس تتعامد على تمثال رمسيس الثاني في قدس الأقداس داخل معبد أبوسمبل يومي 21 فبراير/ شباط، و21 أكتوبر/ تشرين الأول وهما اليومين اللذين يقال إنهما يوافقان ذكرى مولد الملك وارتقائه العرش.
لكن التاريخين تغيرا إلى 22 شباط/ فبراير ومن تشرين الأول/ أكتوبر بعد نقل المعبد في ستينات القرن الماضي لإنقاذه من الغرق في مياه بحيرة السد العالي.
ويفسر العلماء ذلك بتغيير خطوط العرض والطول بعد نقل المعبد 120 مترا غربا وبارتفاع 60 مترا، حيث تدخل الشمس من واجهة المعبد لتقطع مسافة 200 متر لتصل إلى قدس الأقداس وتقطع 60 مترا .
وتحدث ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني ( الذي حكم مصر بين عامي 1279 و1213 قبل الميلاد وقام بفتوحات عسكرية كبيرة في ليبيا والشام وتتحدث روايات تاريخية غير موثقة عن أنه فرعون النبي موسى) ، مرتين في العام، إحداهما يوم 22 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو اليوم الذى يبدأ فيه فصل الزراعة عند المصري القديم، والأخرى يوم 22 شباط/ فبراير، وهو اليوم الذى يبدأ فيه فصل الحصاد.
وفي يوم تعامد الشمس، تخترق الأشعة مدخل المعبد، وتسير بداخلها بطول 60 متراً إلى أن تصل إلى الغرفة المسماه بـ "قدس الأقداس"، وتنير ثلاثة تماثيل فقط، هم تمثال "رع حور اختي"، والذي يرمز إلى الاتحاد بين "رب الشمس" (رع)، و"رب السماء" (حورس)، حسب المعتقدات الفرعونية، وتمثال منحوت للملك رمسيس الثاني، و تمثال "آمون رع " (إله الشمس)، ويظل التمثال الرابع في الظلام، وهو ما يعتبره مؤرخون دليلا على براعة المصري القديم، لكون التمثال الرابع هو "للإله بتاح" وهو "رب الظلام" فلا يجب أن يضئ.
واكتشف معبد أبو سمبل الذي يشهد الظاهرة، الرحالة الألماني"بورخاردت" فى عام 1813، و أزاح التراب عنه كاملا المغامر الإيطالى "جيوفانى بلزونى" فى عام 1817.