بنبرة يظهر فيها الحزن الشديد قالت "انتظرتهم حتى أتوني بهم أشلاء محملة بكيس"، هكذا استهلت أم براء من مدينة
دوما في ريف دمشق حديثها لـ"عربي 21"، إذ إنها بعد انتظار طويل لابنتيها الصغيرتين بعد زيارتهما لجدتهما في دوما، وبعد رحلة البحث عنهما وكان ما حصلت عليه كيس مليء بأشلاء طفلتيها عمر أكبرهما 8 سنوات، توفوا إثر انفجار سيارة مفخخة في المدينة.
وفيما تقف امرأة أخرى على الطرف المقابل تنادي بهلع ورعب "دلوني على أهلي، وين أهلي"، حيث أن معظم أهلها قضوا في انفجار السيارة المفخخة، أسعف الباقون إلى المركز الطبي في المدينة.
رعب جديد يلحق بالأهالي في مدينة دوما، وهلع آخر يصاحب يومهم الدامي، فالنظام الذي بات يركز استخدام أسلحته على المناطق المكتظة بالمدنيين، بات يلجأ إلى الأسلوب الأكثر إرهاباً ألا وهو
السيارات المفخخة.
ويتحدث ناشطون لـ"عربي 21"، أن عدد السيارات التي قام النظام بتفخيهها من يونيو الماضي حتى الآن خمسة سيارات تم تدارك واحدة منها وانفجرت على أطراف المدينة.
وأشار نشطاء إلى أن سيارة تاكسي مفخخة دخلت إلى المدينة قبل أشهر في منطقة "بسطات" شعبية عند الجامع الكبير، أوقعت العديد من
القتلى والجرحى بينهم نساء وأطفال، خاصة أن المكان شعبي ويكتظ بشكل يومي بعامة الناس الذين يشترون حاجياتهم اليومية.
في ذلك الوقت كانت "داعش" قد دخلت إلى المدينة وحاولت التغلغل فيها، مما وجه أصابع الاتهام نحوها، فيما نفى آخرون أن يكون لها أي يد فيما حصل.
وأعقبها بأيام في سوق الخضار دخول سيارة تاكسي أيضاً، ليتحول المكان في لحظات من سوق يصخب بضجيج الباعة إلى مكان لم تعد تفرق فيه بين بكاء الطفل وعويل النساء، ولم تعد ترى أمامك من ألوان الخضار إلا الأحمر حيث انتشرت الأشلاء في كل مكان إثر انفجار تلك السيارة.
وهنا كان الجاني مشكوكاً في أمره بين أن يكون "داعش" أو النظام، لكن المرجح أيضاً كان النظام لأن "جيش الإسلام" كان في طور القضاء على "داعش"، بحسب عدد من النشطاء.
ومنذ تلك الأثناء بات الأهالي والكتائب المسلحة في حذر شديد من أي سيارة تدخل إلى المدينة، لكن الحذر قد لايفيد شيئاً في عمليات القتل المباغتة.
وآخر تلك المحاولات، عندما دخلت سيارة مفخخة إلى المدينة، إلا أنها وبعد أن قطعت أكثر من نصف المسافة وقطعت آخر نقطة للنظام وقبل أن تصل إلى حاجز الثوار خرج السائق منها وهرب مما أدى إلى انفجارها بينما مساء دخلت سيارة مفخخة إلى دوما وأحدثت انفجاراً كبيراً تسبب بمقتل اثنين هما ابن قائد جيش الأمة وابن أخيه.
وبلغت حصيلة شهداء السيارات المفخخة منذ بدء النظام عملياته داخل المدينة 12 طفلاً وسيدتان وثمانية شبان موثقون بالأسماء، فيما تبقى عشرات أسماء الضحايا طي الكتمان نتيجة تناثر أشلائها وصعوبة التعرف عليها أو الوصول لها.
ويرى ناشطو المدينة، أن النظام يهدف من كل ذلك إلى زرع الرعب في نفوس الأهالي من جهة وجعلهم يفقدون الثقة بالثوار الذين عجزوا عن حمايتهم بأي وسيلة من الموت والقتل.