مع اقتراب موسم الأمطار في فصل
الشتاء، وبعد هطول أمطار غزيرة قبل أيام، وخوفا من أن يضاعف المطر بؤسهم، هرع سكان قطاع
غزة هذه الأيام للإسراع بإعادة بناء أو ترميم بيوتهم التي تضررت بشدة خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع في شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس الماضي.
وبينما يبتهج المسؤولون في غزة بالتعهدات التي التزمت بها الدول المانحة بتقديم خمسة مليارات وأربعمئة مليون دولار لإعادة
إعمار غزة في مؤتمر دولي عقد بالقاهرة في الآونة الأخيرة، يخشى كثيرون من سكان القطاع من عدم التزام الدول المتعهدة بتقديم الأموال على غرار ما حدث بعد حروب سابقة مع الاحتلال الإسرائيلي.
ولا يجادل أحد بشأن الحاجة الملحة لهذه الأموال، فالأمم المتحدة تقول إن 18 ألف منزل تم هدمها أو لحقت بها أضرار في الحرب التي دارت رحاها لمدة خمسين يوما بين قوات الاحتلال اللإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، وأضحى ما يصل إلى 108 آلاف فلسطيني في عداد المشردين في قطاع غزة الفقير والمحاصر.
وعلى الرغم من اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي تم في نيسان/ إبريل، لا يزال الخلاف قائما بين حركتي "
حماس" و"فتح" التي يتزعمها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس.
ويقول رجال الأعمال إن الآلية التي اتفقت عليها الأمم المتحدة والاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين بشأن نقل مواد البناء من الضفة الغربية عبر الأراضي المحتلة إلى غزة لا يزال غامضا، ويعاني من الروتين.
وينتظر فلسطينيون مثل سمير حسنين (37 عاما) وصول مواد البناء والمساعدات ليتمكن من إغلاق فجوة كبيرة تكشف غرفة المعيشة في منزله، ولم تفلح محاولاته باستخدام البلاستيك والقرميد لإغلاقها.
وتعرض حي الشجاعية الذي يسكنه حسنين لقصف شديد مزّق أوصاله يوم 20 تموز/ يوليو الماضي. ويتمنى حسنين أن يسجل منزله ضمن البيوت التي سترمم على حساب المنظمات الخيرية والأمم المتحدة قريبا.
ومنذ المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة، والذي نُظم بالقاهرة يوم 12 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، لم يدخل قطاع غزة سوى حمولة 75 شاحنة من مواد البناء عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة في يوم واحد الأسبوع الماضي.
وفي غزة، قال المحلل الاقتصادي، ماهر الطباع، إن هذه الكمية تقل عن خُمس حجم الواردات اليومية المطلوبة إذا كان يتعين إصلاح ما دمره العدوان في فترة ما بين ثلاث وخمس سنوات.
وأضاف الطباع: "عندما تم إعلان وقف إطلاق النار تفاءل العديد من المواطنين في قطاع غزة وكل الفلسطينيين بإنهاء الحصار الظالم عن قطاع غزة لأكثر من ثمان سنوات، وفتح كل المعابر التجارية ودخول احتياجات قطاع غزة من السلع والبضائع ومواد البناء والآليات والمعدات. لكن للأسف الشديد بعد فترة من وقف إطلاق النار بدأ ينخفض تفاؤل المواطنين نتيجة لاستمرار الحصار، ونتيجة الآليات التي تم وضعها لإدخال مواد البناء".
وتتهم حركة "حماس"
حكومة التوافق في قطاع غزة بعدم تولي مسؤوليتها بشأن معبري الحدود في القطاع، ونقل مواد البناء عبرهما.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، الأسبوع الماضي، إنه على الرغم من أن حاجة قطاع غزة ملحة والخطط جاهزة، فإن العمل لا يمكن أن يبدأ مبكرا اعتمادا على التعهدات فقط.
وقال الممثل الإقليمي للاتحاد الأوروبي، جون جات-راتر، الأسبوع الماضي: "هذا التقدم محدود حتى الآن بالنسبة للضفة الغربية. أتصور أن الوقت حان الآن لتمديد هذا العمل إلى غزة. نحن على اطلاع بالعقبات بما فيها السياسية والاقتصادية. لكنها لن تمنعنا من تأييد السلطة الفلسطينية"، على حد قوله.
وحضر أمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني، إبراهيم برهوم، مؤتمر القاهرة، وحث المشاركين على خفض الروتين في الطريقة التي يقدمون بها المساعدات.
وقال برهوم: "كل المؤشرات كانت تقول إذا فتحت المعابر 24 ساعة فسنحتاج لأكثر من ثلاث سنوات لإعادة الإعمار في غزة. وإذا بقيت الأمور على ما عليه قبل العدوان نحتاج عشر سنوات. وهذا لن يتقبله الأهالي في غزة، ولن يستطيعوا تحمله".
ونظم أهالي خان يونس الأسبوع الماضي احتجاجا للمطالبة بإعادة بناء بيوتهم.
وقال مواطن من خان يونس يدعى حسني سكر: "إذا بالصيف مش قادرين نعيش والوضع سيء. بالصيف أنا ممكن تحت شجرة أنام. ممكن أعمل لي مظلة أنام تحتيها. طب الشتاء كيف ح يكون الوضع؟".