نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقريرا لمراسلها لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوروزو داراغاي، حول ظهور مسلحين يلبسون الأسود، ويحملون اللواء الذي اشتهر به "
داعش" في
ليبيا، مما أثار المخاوف من أن "داعش" بدأ بالتمدد في شمال أفريقيا.
ويشير التقرير إلى أنه بالرغم من عدم وجود أدلة تذكر على مقدرة "داعش" من الوصول والعمل في شمال أفريقيا، إلا أن أساليب "داعش" ومعتقداته والغموض الذي يتمتع به يجذب إليه مجموعات جهادية قوية مرتبطة بحركات إسلامية رئيسية وميليشيات إقليمية وجماعات سياسية، وبعضها على اتصال بأميركا وبريطانيا والمسؤولين الأمميين.
ويقول الكاتب إن البعض يخشى أنه كما تمدد "داعش" في سوريا لأن الثوار اعتبروه شريكا لهم في حربهم على بشار الأسد، فالحركات الإسلامية الرئيسية في ليبيا ومن والاها من
الميليشيات قد ترتكب نفس الخطأ، بإقامة علاقات شراكة خطيرة مع الجهاديين المتطرفين، كي تنتصر في الحرب الأهلية.
وينقل التقرير عن خبير الشرق الأوسط في معهد بروكنغز، اتش إي هيلير قوله "في جميع أنحاء العالم العربي هناك المزيد من الحركات الإسلامية الرئيسية، التي تظن أن هناك التقاء في المصالح السياسية مع المتطرفين، وتظن تلك الحركات أن بإمكانها ضمهم إليها وضبطهم، وهذه لعبة خطيرة لم تكن نتائجها جيدة، وعلى الليبيين أن يكونوا حذرين؛ كي لا تصبح بلادهم محورا جديدا للإرهاب".
ويذكر داراغاي أن الخليط السياسي والعسكري الليبي يحتوي على تجمعات مناطقية وقبلية، ولكن ينقسم بشكل عام إلى معسكرين مقتتلين؛ أحدهما يتألف من القوات المسلحة التي تدور في فلك الجنرال المتقاعد خليفة
حفتر، والذي يؤيد الحكومة التي لجأت إلى طبرق، والآخر هو عبارة عن ميليشيات إسلامية ومواليهم في السياسة، الذين يسمون أنفسهم
فجر ليبيا، وهم يسيطرون على طرابلس، وأعلنوا حكومة إنقاذ وطني بقيادة عمر الحاسي.
ويلفت التقرير إلى أن الجهاديين هم القوة الثالثة، وبحسب الباحث في مركز الشرق الأوسط التابع لمجلس الأطلسي محمد الجارح، فإن مدينة درنة تديرها الميليشيات الجهادية، وتتضمن: أنصار الشريعة وكتيبة شهداء أبو سليم وكتيبة الصحراء، والتي تضم بين مقاتليها جهاديون قاتلوا في سوريا، وكذلك الجيش الإسلامي، والذي أقسمت بعض وحداته بالولاء لـ "داعش".
وقامت مجموعة من مجلس شورى الشباب الإسلامي بالتجول بالسيارات، التي ترفع أعلام "داعش" بعد أن أعلنوا الولاء للتنظيم.
ويبين داراغاي أنه خلال الأشهر الماضية ومع ازدياد حدة الحرب بين معسكر حفتر وفجر ليبيا، فهناك أدلة على تعزيز للعلاقات التي تربط المجموعات المتطرفة مع ميليشيات الحركات الإسلامية الرئيسية، وذلك في نفس الوقت الذي تقوم به هذه الحركات باتصالات مع الدبلوماسيين الغربيين والأمم المتحدة، تهدف لإنهاء المواجهة.
وتتحدث الصحيفة عن اعتراف الحاسي من فترة قريبة بأن حلفاءه في بنغازي يقاتلون إلى جانب أنصار الشريعة، ضد معسكر حفتر وحكومة طبرق.
ويقول علي رمضان أبو زقوق، واحد من 30 عضوا انتخبوا لعضوية البرلمان، وهو قريب من الحاسي: "أنصار الشريعة هم جزء من الكتائب التي تدافع عن بنغازي ضد القوى الخارجة عن القانون"، بحسب التقرير.
ويفيد داراغاي أن هناك مقطع فيديو لاجتماع من العام الماضي يظهر نزار كروان، أحد قيادات الإخوان المسلمين في ليبيا يقول لقائد أنصار الشريعة إن بإمكان مجموعته تحقيق أهدافها من خلال العملية السياسية، وفي الوقت ذاته سعى سياسيون مؤيدون للحاسي لحل الإشكاليات والنزاعات بين الفرق المتطرفة التي تدير درنة، والذين لهم وجود في بنغازي، الأمر الذي حير المراقبين؛ فما المصلحة المرجوة من مساعدة الجهاديين ليصبحوا أكثر قوة وتجانسا؟
ويعلق الجارح "ستجد أناسا يقولون: 'لا نرغب في أن ندعى أنصار الشريعة، ولكن لا مانع لدينا من القتال إلى جانبهم، فيمكنك القول بأن لديهم أجندة مشابهة لأجندة أنصار الشريعة".
ويورد التقرير أن عضو البرلمان الليبي، ابو بكر بويرة، يتهم الميليشيات في مصراتة، والتي تعتبر من أذرع فجر ليبيا المهمة، بإمداد المتطرفين في بنغازي بالسلاح والرجال ويقول "مصراتة تلعب لعبة قذرة".
ويرى الكاتب أن هذا التعاون المفتوح بين الميليشيات المؤيدة للحاسي والمجموعات الجهادية الراديكالية أصبح يشكل جزءا من السياسة المتطرفة لمعسكر فجر ليبيا، في الأشهر الأخيرة دعا القائد الروحي لفجر ليبيا المفتي صادق الغرياني إلى فصل الذكور عن الإناث في المدارس، وقام عدد من ناشطي الحركة باختطاف العديد من الناشطين المدنيين.
وتختم الصحيفة تقريرها بالإشارة لقول عضو البرلمان الليبي، عيسى العربي: "ليس هناك دليل على وجود عناصر لـ (داعش) في المدن الليبية، ولكننا نشهد تصرفات (داعشية)، فأنصار الشريعة في درنة أعلنوا ولاءهم لـ (داعش)، وفي بنغازي يقاتل بعض المسلحين تحت راية (داعش) وبدأوا باستيعاب ثقافتها".