سياسة عربية

رفض سيناوي لإقامة منطقة عازلة على حدود غزة

مصر
بدء سكان المنطقة الحدودية بين شمال سيناء وقطاع غزة إخلاء منازلهم الواقعة على عمق 500 متر تقريبا بعد تعليمات مفاجئة صدرت لهم صباح الثلاثاء من الجيش المصري، في موعد أقصاه الخامسة من مساء اليوم نفسه.

وفي وقت سابق الثلاثاء قامت لجنة حكومية بالمرور على المنازل الواقعة على الشريط الحدودي برفح وحصرت نحو 900 منزل يسكنها نحو 10 آلاف شخص، وخيرت الأهالي بين ثلاثة بدائل لإخلاء المنطقة هي الحصول على تعويض مادي أو قطعة أرض بديلة بمدينة العريش أو وحدات سكنية بديلة، وأن أكثر السكان اختاروا الحصول على تعويض مادي.

وأكد اللواء عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء، أن إخلاء منطقة الشريط الحدودي يهدف إلى تطهير المنطقة من "البؤر الإرهابية" والأنفاق المنتشرة على جانبي الحدود، مؤكدا أن ثلثي المواطنين المتواجدين وافقوا على إخلاء منازلهم نظير مقابل تعويض مادي.

وأضاف حرحور - خلال مداخلة هاتفية مع قناة سي بي سي إكسترا مساء الثلاثاء - أن منازل أهل سيناء على الشريط الحدودي سيتم هدمها تماماً وسيقام مكانها إقامة منطقة عازلة تتضمن منشآت عسكرية، موضحا أن هذا الإخلاء سيكون دائما وليس مؤقتا وأن على أهل سيناء توفير مساكن بديلة.

وشهدت مصر يوم الجمعة الماضي عملية نوعية بشمال سيناء استهدف نقاطا عسكرية، أسفر مقتل 31 جنديا وإصابة 41 آخرين وفق آخر إحصائية رسمية، فيما أعلنت مصر بعدها حالة طوارئ لمدة ثلاثة أشهر في شمال سيناء وحظرا للتجوال طوال ساعات الليل، كمار قررت غلق معبر رفح وإقامة منطقة عازلة بين سيناء وغزة. 

هدية للإرهاب

وأثار هذا القرار غضب عدد من مشايخ قبائل سيناء الذين أكدوا أنه سيؤدي إلى تشريد عشرات الآلاف من الأهالي، في تذكير بما حل بأهالي النوبة في خمسينيات القرن الماضي ولم يعودوا إلى أراضيهم حتى الآن".  

وتحظر المادة 63 من دستور 2014 التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله وتعتبره جريمة لا تسقط بالتقادم.

من جانبه، انتقد محمد عصمت سيف الدولة رئيس حركة "ثوار ضد الصهيونية"، تهجير أهالي سيناء، مؤكدا أن هذه الخطوة هي مطلب صهيوني بإقامة منطقة عازلة على الحدود المصرية الإسرائيلية بنطاق من 5 إلى 10 كيلو متر.

واستغرب سيف الدولة – عبر صفحته على فيس بوك - من ظهور المطالبات بتهجير أهالي سيناء بعد حدوث العملية الأخيرة بوقت قصير على لسان الإعلاميين والخبراء العسكريين وكأن هناك تلقين من الجهات الرسمية للدولة لتهيئة الرأي العام لتقبل الأمر.

وحذر من حدوث كارثة بعد تهجير الأهالي من سيناء، مشيرا إلى أن الأرض الفارغة من السكان هي مطمع للعدو دائما، موضحا أن إسرائيل فشلت في دخول غزة وجنوب لبنان بسبب وجود كثافة سكانية عالية بهما.

وقال الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن من يطالبون بتهجير أهالي سيناء الذين يقدر عددهم بربع مليون نسمة يقدمون هدية للإرهاب، مضيفا في نشره بصحيفة "المصري اليوم" الإثنين الماضي أن تهجير أهالي محافظة كاملة هو جريمة مكتملة الأركان.

واختتم مقاله بالتأكيد على أن وجود بيئة حاضنة للإرهاب في منطقة ما، لا يعني اعتبار كل أهلها إرهابيين، محذرا من أن ذلك سيؤدي إلى الفشل في مواجهة الإرهاب ما يعني فشلا كاملا للدولة المصرية.

وكتب الدكتور "سيف عبد الفتاح"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ساخرا - عبر صفحته على "فيس بوك" -: "عاوزين يخلوا سيناء عشان يعرفوا يواجهوا الإرهابيين، ما تقترحوا بالمرة إخلاء الجامعات من الطلاب، وإخلاء مصر كلها من السكان عشان تعرفوا تواجهوا الإرهابيين؟".

قناة مائية على الحدود

وفي سياق ذي صلة، أعلن الجيش المصري عزمه حفر قناة مائية بعرض 20 مترا وعمق 50 مترا على الشريط الحدودى الفاصل بين سيناء وقطاع غزة، حتى يتم منع تسلل أي عناصر من غزة إلى مصر أو تهريب البضائع والأسلحة عبر الحدود.

ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن مصدر أمني رفيع المستوى قوله إن المنطقة العازلة مع غزة ستكون بطول 13 كيلومترا وعمق يتراوح بين 500 متر و1500 متر، قابلة للزيادة، مشيرا إلى أن هذه العملية ليست تهجيرا وإنما إعادة توزيع ديموغرافي تقتضيها متطلبات الأمن القومي.

ووصلت إلى شمال سيناء الثلاثاء تعزيزات عسكرية كبيرة من الجيشين الثاني والثالث بالإضافة إلى القوات الخاصة التابعة للشرطة المدنية استعدادا لشن هجوم كبير على رفح وجنوب الشيخ زويد، فيما شن الطيران العسكري قصفا أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة 13 فضلا عن تدمير عشرات المنازل والسيارات والدرجات البخارية.

واستبعدت مصادر عسكرية مصرية تحديد موعد لإنهاء العملية العسكرية الواسعة التي بدأتها قوات الجيش في شمال سيناء، مؤكدة أن الجيش عازم على القضاء على الجماعات الإرهابية مهما استغرق الأمر من وقت.

وقالت المصادر في تصريحات، إن انتهاء العملية مرتبط بالقضاء على البؤر الإرهابية في تلك المناطق، موضحا أن العملية الحالية تمنح حرية الحركة التامة للقوات المسلحة في سيناء للتعامل مع الإرهاب والأنفاق.