علقت صحيفة "نيويورك تايمز" على الانتخابات في
تونس بالقول إن العالم الإسلامي يمكن أن يتعلم، أو عليه تعلم الكثير من تونس، فحتى قبل الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية هذا الأسبوع، قام زعيم حركة
النهضة الإسلامية، راشد
الغنوشي بالاتصال مع باجي قايد
السبسي زعيم حزب "
نداء تونس" العلماني وهنأه بفوز حزبه.
وأشارت النتائج النهائية لحصول "نداء تونس" على 85 مقعدا مقابل 69 للنهضة.
وتنقل الصحيفة عن آمي هوثورن، التي راقبت الانتخابات ممثلة للمجلس الأطلنطي، وهو مركز بحث في واشنطن، قولها إن الانتخابات جرت في جو من "الانفتاح والشفافية وشارك فيها الجميع" وبأقل التجاوزات.
وتقول الصحيفة "هذا نوع من التحول- السلمي والانتخابات الديمقراطية الموسعة، والتي قبل فيها المهزوم الهزيمة بنوع الروح العالية، خلافا لما يجري من اضطرابات في مناطق أخرى منذ الربيع العربي، بما في ذلك الانقلاب العسكري الوحشي، الذي أطاح بالرئيس المصري محمد مرسي والحروب المحتدمة في كل من ليبيا وسوريا واليمن".
وترى الصحيفة أن التجربة التونسية أكثر من رائعة؛ لأن النهضة اجتاح الانتخابات عام 2011، ووصل للسلطة بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، وقادت النهضة حكومة ائتلافية لمدة عامين سلمت بعدها السلطة بطريقة سلمية لحكومة تسيير أعمال، مما عبد الطريق أمام مصادقة البرلمان على الدستور الجديد التقدمي في كانون الثاني/ يناير، والذي وسع الحريات المدنية والسياسية، وأعطى المرأة دورا واسعا. ومع ذلك دفعت حركة النهضة، التي استبعدت من السلطة قبل عام 2011، ثمنا سياسيا لعدم قدرتها على إدارة الأمن وإنعاش الاقتصاد.
وتضيف الصحيفة أن الحكومة الجديدة ستواصل مواجهة هذه المشاكل، فقد انضم أكثر من 3.000 تونسي إلى تنظيم الدولة، وعلى الحكومة في هذه الحالة البحث عن أسباب اندفاع مواطنيها نحو التطرف، والتفكير بطرق لتقديم التعليم وتوفير الوظائف لتعطيهم هدفا بناء في الحياة بدلا من التحول نحو التطرف.
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن عدم مشاركة الشبان في الانتخابات بشكل كبير هو علامة مثيرة للقلق وصورة عن خيبة أملهم بالسياسة.
وتجد الصحيفة أنه وبناء على الانتخابات البرلمانية يحظى السبسي بحظ وافر في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولكن حزبه هو عبارة عن خليط من مسؤولين سابقين في حكومة بن علي، وسياسيين من المعسكر اليساري وعلمانيين، وليس لديه العدد الكافي من المقاعد كي يحكم وحده وهو بحاجة إلى الحكم عبر تحالف.
وتعتقد الصحيفة أنه "وفي الوقت الذي يوجد فيه انقسام بين العلمانيين والإسلاميين، فإن الغنوشي يعتبر صوتا قويا ضد التطرف ويؤمن بالديمقراطية. وعلى السبسي أن يعمل مع النهضة، ويمنع عودة الماضي الديكتاتوري".
وتختم الصحيفة بالقول "لقد حققت تونس تقدما مثيرا، ولكنها تريد قيادات متنورة وبناء ودعما من الغرب لمواصلة النجاح".