يرفع
الحوثيون ضمن شعارهم الرسمي عبارة "الموت لأمريكا"، ويصفونها بـ"
الشيطان الأكبر"، وهو وصف لأمريكا ضمن المحور الإيراني، إلا إنهم لا يترددون عن إعلان التنسيق معها فيما يسمونه بالحرب على تنظيم القاعدة.
وهذا الأمر يجدون فيه تعزيزا لروايتهم بأن تمددهم في المحافظات
اليمنية يأتي بغرض مكافحة الإرهاب، وهي الرواية التي يرون أنها قد تسوقهم لدى القوى الإقليمية والدولية لتغض الطرف عن سيطرتهم على اليمن.
ووفق القيادي في الجماعة والناطق باسمها في مؤتمر الحوار الوطني، علي البخيتي، فإن الحرب على الإرهاب كانت تكلف الخزينة الأمريكية الكثير من المليارات من الدولارات الأمريكية، لكن دون جدوى، فيما هي الآن تكلف اللجان الشعبية (في إشارة للحوثيين) القليل من الملايين من الريالات اليمنية، ومع ذلك فهي "فعالة في دحر الإرهاب والقضاء عليه".
البخيتي وقيادات حوثية أخرى يسوقون جماعتهم كمتعهد جديد في الحرب العالمية على تنظيم القاعدة، وهم بذلك يبررون أيضا توسع ميليشياتهم التي أسقطت العاصمة صنعاء في أيلول/ سبتمبر الماضي في المحافظات اليمنية الأخرى، حيث قال زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في خطاب متلفز له قبل أيام إن تحرك جماعته فيها "يأتي بهدف منع سقوطها في أيدي تنظيم القاعدة".
القيادي الآخر في الجماعة، الصحفي عبدالكريم الخيواني، كتب على صفحته على "فيسبوك"، قائلا إن "الله يُسخّر لأوليائه الصالحين في جماعة أنصار الله، حتى أعداءهم من الأمريكيين وطائراتهم بدون طيار، في قتالهم ضد تنظيم القاعدة".
ورد أحد المعلقين: "ولم لا يكون العكس هو الصحيح، بأن الحوثيين هم المسخرون لأمريكا؟".
الأمريكيون، من جانبهم، لم يعلنوا عن وجود هذا التنسيق بينهم وبين جماعة الحوثي، مع أن طائراتهم بدون طيار لم تتردد في المشاركة إلى جانبهم في المعارك الدائرة في منطقة رداع بمحافظة البيضاء (وسط اليمن)، التي استهدفت مقاتلين من تنظيم القاعدة مع مسلحي القبائل.
وفي المقابل، فإن أمريكا لا تصنف جماعة الحوثي المسلحة على قائمتها للجماعات الإرهابية مع أنها تصنف بذلك التوصيف "حزب الله" اللبناني، أهم حلفاء الجماعة والملهم السياسي والعسكري والديني لها.
كما أن أمريكا كانت على الدوام ضد المعارك التي كان يخوضها نظام صالح ضد الحوثيين الذين كان يصفهم بالمتمردين، فهي كانت مع مقاربة سياسية لحل المشكلة معهم، وهي بذلك على خلاف مع رؤية أهم حلفائها في المنطقة، السعودية، التي تصنف الحوثيين جماعة إرهابية.
وبعد ثورة 2011، حرصت أمريكا مع شركائها الغربيين على إشراك الحوثيين في العملية السياسية وإشراكهم في مؤتمر الحوار الوطني، بغرض التوصل لدستور ونظام سياسي جديدين للبلاد.
ولم تتخذ أمريكا أي إجراء ضد الجماعة التي حركت مظاهرات شعبية، واقتحمت بها سفارة واشنطن في صنعاء العام 2012.
ويذكر أن أمريكا كانت قبل سقوط صنعاء تفضل الصمت في كل معارك الحوثي، ليعبر البيت الأبيض عن قلقه فقط بعد سقوطها، وهو الفعل الذي قال إنه قد يقوض العملية السياسية الانتقالية في اليمن.
وكانت مواقف أمريكا المعلنة منذ ذلك الحين تتفق مع الإسراع في تنفيذ اتفاق "السلم والشراكة"، وهو اتفاق فرضه الحوثي ووقعه مع قيادة الدولة والأحزاب في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي يوم سقوط صنعاء، ويقضي بإعادة تشكيل العملية السياسية، كما أنه يقضي بانسحاب المليشيات المسلحة من العاصمة والمحافظات، ولا يزال ينتظر التنفيذ، في حين كانت مليشيات الحوثي تتمدد في المحافظات بدلا من الانسحاب من صنعاء.
ويفاجأ الجميع بانخراط الطائرات الأمريكية بدون طيار إلى جانب مليشيات الحوثي في تلك المعارك، تحت حجة استهداف مقاتلي القاعدة الذين انخرطوا مع مقاتلي القبائل لوقف التوسع الحوثي في مناطقهم.
هذا الأمر، يدفع بمحللين يمنيين إلى القول بأن تحرك الحوثي لإسقاط العاصمة صنعاء والمحافظات هو بتنسيق حوثي أمريكي منذ البداية ضمن صفقة مع إيران، إلا أن آخرين ينفون هذا الأمر ويقولون إن وجود مسلحي القاعدة في القتال ضد مسلحي الحوثي هو فقط ما يستدعى الطائرات الأمريكية بدون طيار، كفرصة لن تفوتها أمريكا في حربها على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي تخوض معه الحرب منذ سنوات.
وبحسب دبلوماسي غربي في صنعاء في لقاء خاص مع كتاب يمنيين العام 2013 أثناء المعارك بين الحوثيين والسلفيين في منطقة دماج بمحافظة صعدة، شمال اليمن، فإن أمريكا تجد فائدة في تلك المعارك التي يخوضها الحوثي، كونها تستدعي مقاتلي القاعدة وتدفع بهم إلى العلن، ما يسهل عليها رصدهم واستهدافهم.
وهذا ربما يفسر السكوت الأمريكي تجاه تلك المعارك التي كان يخوضها الحوثي والحديث عن وجود تنسيق بينها وبينه منذ ذلك الحين، الذي يأتي على لسان بعض قيادات الحوثي دون أن تنفيه أو تؤكده السلطات الأمريكية.
قد تكون أمريكا منسقة فعلا مع الحوثيين في توسعهم للسيطرة على اليمن، أو هي فقط تستفيد من معاركهم للدفع بمقاتلي القاعدة إلى مواجهتهم في العلن، ومن ثم رصدهم واستهدافهم بضربات الطائرات بدون طيار.
وأيّا كان الأمر، فإن جماعة الحوثي تستفيد منه في التبرير لتوسعها وسيطرتها على اليمن تحت حجة مكافحة الإرهاب. غير أن تنظيم القاعدة يستفيد منه أيضا، حيث يكسبه ذلك الكثير من المؤيدين والأنصار في قبائل السنة الذين أصبح باستطاعته أيضا إقناعهم بأن أمريكا تدعم خصمهم الشيعي "جماعة الحوثي".
لكن، لماذا لا يكون هذا هو ما تريده أمريكا بالتحديد.. حروب السنة والشيعة؟
ويقول أحد المراقبين، إن المنطقة العربية مذ دخلت في تلك الحروب فإنها لم تشهد عملية إرهابية كتلك التي ضربت مركز التجارة العالمي في 11 أيلول/ سبتمبر 2001.
ويضيف المراقب أنه إذا كان هذا ما تريده أمريكا، "فإن الحوثي وإنتاجه كما هو الآن، هو حصانها إلى (طروادة) التي تريد".