بينما يُكثف النظام السوري هجومه على مدينة حلب، في محاولة منه لقطع طريق الإمداد الأخير للثوار في المدينة باتجاه الريف الشمالي وصولا إلى الحدود التركية، تتكشف نتائج المساعي
الإيرانية لتجنيد مقاتلين
مرتزقة من
الشيعة من مختلف الجنسيات، للقتال في الصفوف الأمامية في المناطق الساخنة، بعد تصاعد الخسائر في صفوف قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني الذي يقاتل إلى جانبه.
ولا يعد وجود مقاتلين أجانب في صفوف قوات النظام السوري شيئا جديدا، لكن القضية أعيدت للواجهة حينما حاول النظام الشهر الماضي اقتحام منطقة الملاح وحندرات شمال حلب لقطع طريق الكاستيلو الرئيسي، لكن الثوار تمكنوا من صد الهجوم، وأوقعوا خسائر كبيرة في صفوف القوات المهاجمة، كما قبضوا على عدد من المقاتلين التابعين للنظام السوريين أحياء، وبين هؤلاء مقاتلون
أفغان.
وبثت محطة "سي إن إن " الأمريكية تقريرا عن المقاتلين الأفغان في
سورية، وتتبعت جذور هؤلاء المقاتلين في قرية صغيرة شرق أفغانستان.
وينقل التقرير أن مقاتلين شيعة قاتلوا مع حركة طالبان في السابق مقابل المال؛ يستعدون الآن للانضمام إلى جانب قوات النظام السوري.
وظهر في تقرير "سي إن إن" أشخاص ملثمون قالوا إنهم بعد تركهم القتال إلى جانب طالبان بسبب خلافات وتوتر العلاقات بينهم؛ رحلوا إلى إيران، حيث تلقوا هناك تدريبات على أنواع من الأسلحة لمدة 15 يوما استعدادا للذهاب إلى سورية. ويقول هؤلاء إنهم عادوا إلى قريتهم في أفغانستان بعد التدريبات وحصولهم على بعض المبالغ المالية في إيران، لكي يودعوا عائلاتهم ويستأذنوا آباءهم للسماح لهم بالذهاب إلى سورية.
وفي مؤشر على طبيعة المعلومات التي يغرسها الإيرانيون في عقول هؤلاء المرتزقة خلال فترة التدريب، يعتقد هؤلاء أنهم سيقاتلون أمريكا وحلفاءها في سورية. ويقول أحدهم: "سنذهب إلى سورية لسببين: لقتال الذين تساعدهم أمريكا، ولأن الإيرانيين يدفعون لنا الأموال".
واللافت أن هؤلاء المرتزقة لا يحملون أي صورة سلبية عن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) رغم عمليات غسيل الدماغ في إيران التي تقول إنها تحارب التنظيم. إذ يعتقد هؤلاء أن من الممكن الجلوس إلى عناصر التنظيم في سورية والحديث معهم، "وإذا تشابهت أفكارنا نود أن نصبح أصدقاء"، كما يقول أحد هؤلاء المرتزقة الذين يستعدون للقدوم إلى سورية.
وكان مقاتل أفغاني تم القبض عليه، بعد إخراجه من تحت أنقاض مبنى قصفه الثوار في شمال حلب واسمه أحمد السيد الحسيني، قد قال إن الإيرانيين جلبوه إلى سورية "للقتال والدفاع عن مقام السيدة زينب" المقدس لدى الشيعة، علما بأن هذا المقام يقع في ريف دمشق وليس في حلب!
وحسب تسجيل وزعته الجبهة الإسلامية في حلب، يقول هذا المقاتل المرتزق الذي لا يتحدث العربية إن الإيرانيين يدفعون له مبلغ 500 دولار شهريا للقتال في سورية.
كما وزع الثوار تسجيلا لمرتزق أفغاني آخر اسمه مراد بيه علي، يقول هذا المرتزق إنه كان مسجونا في إيران، حيث كان يقضي حكما بالسجن لست سنوات بسبب متاجرته بالمخدرات.
وقال إنه تلقى تدريبا لعدة أيام قبل أن يأتي إلى سورية، وبعد عشرة أيام من وصوله إلى سورية أرسل إلى جبهات القتال ضد الثوار، وذكر أنه يتلقى حوالي 600 دولار شهريا.
وقال هذا المقاتل إن الإيرانيين قالوا له إن السنّة يدمرون مرقدي السيدة زينب والسيد رقية، وأنه جاء للدفاع عنهما.
وتحدث عن وجود جنسيات أخرى، بينها باكستانية، ومن حزب الله اللبناني، خلال العملية التي قبض عليه فيها، مشيرا إلى أن اللبنانيين يعرفون المنطقة جيدا كما يستعينون بخرائط للتحرك، في حين أن الشخص الذي كان يقودهم ويعرف المنطقة قتل، ما أدى إلى فقدانهم الطريق ليتحصنوا في مبنى قصفه الثوار.
ورغم صدور قرار من مجلس الأمن يعد المقاتلين الأجانب في سورية "إرهابيين"، ويفرض عقوبات على الدول والجهات التي تدعمهم، إلا أن المجتمع الدولي لم يتعامل مع المقاتليين الأجانب (الشيعة) في صفوف قوات النظام السوري بمقتضى هذا القرار، بل تركز تطبيقه على المقاتلين السنّة الذي يقاتلون في صفوف تنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة.