قال القيادي في حركة
الجهاد الإسلامي الفلسطينية، محمد الهندي، إنه لأول مرة كان هناك من يعادي الفلسطينيين، ويقف إلى جانب أعدائهم خلال الحرب
الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، حيث أصبح للأخيرة حلفاء في المنطقة.
تصريحات الهندي جاءت في لقاء خاص؛ علق فيه على مواقف بعض الدول في المنطقة من الحرب الإسرائيلية على قطاع
غزة، معتبرا أن "هناك دولا تقف إلى جانب من يعادي الفلسطينيين، وسياسات هذه الدول ليست في صالحهم، وبشكل خاص في ظل حرب إعادة إعمار القطاع المقبل".
وطالب الهندي هذه الدول "بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين؛ لعدم تفرد إسرائيل في إعمار غزة؛ لأن لها اليد الطولى، وستتحكم بكافة الموارد، وبالمواد التي سيتم تحويلها من أجل الإعمار، محذرا من محاولات لتصفية الحسابات مع فصائل المقاومة؛ من خلال الضغط عليها في حرب الإعمار، واتهام تلك الفصائل بعرقلة بناء القطاع".
من جانب آخر، أكد القيادي أنهم في المقاومة "لا يريدون أن يكونوا ضمن أي محور أو علاقات، وكل من يساعد في القضية الفلسطينية يمكنه ذلك، وحاليا هناك على الأقل 4 محاور في المنطقة، ولكن في فلسطين تعتبر القضية بأنها جامعة، ولا يريد الفلسطينيون أن يحسبوا لأي دولة أو محور، والعلاقة مع إيران أو تركيا، أو مع أي دولة هي لخدمة القضية ضد العدو الذي يمثل الاعتداء على المنطقة كلها؛ وليس فقط على الفلسطينيين، وهذه هي خطتهم الأولى، فلهم مخططات للتخريب في تركيا، وتدخلوا سابقا في السودان ومناطق أخرى".
ورحب الهندي بمن "يريد المساعدة دون شروط، والفصائل أهدت نتائج الحرب والنصر لكل من دعمها، وسامحت من قصر معهم، لأنهم أمام حرب جديدة هي حرب الإعمار"، مبينا أن "لديهم محددات لموقفهم من أي جهة فلسطينية كانت أو دولية، وهي عدم التدخل بالأوضاع الداخلية، وعدم حسابهم على أي محور، وإنما بموقفهم من فلسطين".
وشدد الهندي على أن "لتركيا مواقف تشكر عليها على المستوى السياسي، ففي السنوات الأخيرة شهد الفلسطينيون ما حدث في مؤتمر دافوس، وقصة (ون منت) للرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، عندما كان رئيسا للوزراء، في وجه الرئيس الإسرائيلي "شمعون بيريز" عام 2009، كما كان هناك موقف آخر مشرف، وهو محاولة كسر أسطول الحرية الحصار على قطاع غزة عام 2010".
وأضاف أنه "هناك نصب تذكاري لشهداء الأسطول، حيث مزج تراب قبورهم مع تراب شهداء المقاومة، وفي الحرب الأخيرة كان هناك موقف قوي للحكومة التركية، بالرغبة في معالجة كل الجرحى الفلسطينيين، ولكن منعت من الجانب المصري، فجلبت 40 جريحا فقط نتيجة شروط إسرائيل الصعبة".
ولفت إلى أن "تركيا عرضت أيضا تزويد قطاع غزة بالكهرباء، وذلك عبر سفن مولدة، ولكنها منعت أيضا"، معتبرا أن "الفلسطينيين يثمّنون تلك الرغبة، ولو لم تستطع الحكومة التركية القيام بها، وتعتبر مثالا لمن يود المساعدة، وخاصة في حرب الإعمار".
وفي نفس الإطار، كشف الهندي أن "غزة حوصرت بشكل عقاب جماعي، لأن الغرب حاول أن يقول بأن حل القضية لا يتم إلا بالمفاوضات، التي بدأت قبل 20 عاما في أوسلو، وعندما وصل الأمر لمناقشة القضية بدؤوا بالتضييق على السلطة الفلسطينية، فقالوا لا بد من انتخابات لإدخال فصائل المقاومة ضمن الاتفاق".
وتابع قائلا: "لما جاءت النتائج مخيبة لتوقعاتهم، بأن تكون تلك الفصائل أقلية، تنكروا لنتائج الانتخابات، وبدأوا بحصار الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة التي تسيطر عليها حماس لمدة 7 سنوات، وشنت إسرائيل عليه ثلاثة حروب، والحرب الأخيرة لم تكن كأي حرب سابقة، لأن إسرائيل استخدمت قوة عنيفة جدا، وألقت على القطاع 25 ألف طن من المتفجرات، وكان نصيب كل فرد في قطاع غزة 15 كغ من المتفجرات"، على حد وصفه.
وأكد أنه "خلال 51 يوما هي مدة الحرب، استمرت الفصائل بقصف إسرائيل، مما كسر صورتها أمام الرأي العام العالمي، فحاولت تشبيه المقاومة بداعش، وإسرائيل ظهرت أيضا وهي تقصف المدنيين، وتقتل النساء والأطفال، رغم امتلاكها للأسلحة الذكية، فيما المقاومة تمتلك أسلحة بسيطة، ولكنها لا تقتل الا جنودا إسرائيليين".
وأوضح أيضا أن "إسرائيل قتلت من الفلسطينيين ما نسبته 86% من المدنيين، فيما قتلت المقاومة 72 إسرائيليا من بينهم منهم 3 مدنيين فقط، مما يعني أن 95% من القتلى هم جنود، وهذا ما أحدث لأول مرة حالة تعاطف مع الفلسطينيين، وخرجت تظاهرات في أكثر من عاصمة غربية تتهم إسرائيل بالإرهاب".
وأفرزت الحرب أيضا، بحسب الهندي، "تعرض ملايين الإسرائيليين للخطر، إذ كانت الحروب السابقة تعرِّض حزاما يبلغ 20كم يحيط بالقطاع للخطر، حيث جهزت لهم الملاجئ وقت الحروب، إلا أن الحرب الأخيرة، وضعت 3 ملايين آخرين يقطنون في محيط العاصمة تل ابيب في خطر بعد قصفها، ووصلت الصواريخ إلى مدينة حيفا، ما أسفر عن شل الحياة المدنية والاقتصادية، وتعطل مطار (بن غوريون) لعدة أيام".
وأضاف أيضا: "المقاومة لأول مرة تمكنت من الوصول خلف خطوط العدو عبر الأنفاق، وعادوا بسلام لقواعدهم، وصوروا العمليات، وأظهروا الجندي الإسرائيلي الأسطورة وهو يبكي منادياً "أمي أمي"، مما دفع أغلب الإسرائيليين في استطلاعات الرأي لاعتبار أن إسرائيل لم تنتصر في الحرب، فيما عد 38% منهم أن المقاومة هي من انتصرت"، على حد وصفه.
أما فيما يتعلق بالمفاوضات وتأخر رفع الحصار، أشار الهندي إلى أن "إسرائيل بعد 51 يوما من الحرب، كانت تود وقف القتال، وكذلك أمريكا، لذلك بدأت الأخيرة بحملة دبلوماسية، لأن هناك معارك أخرى يريدون التفرغ لها، وكان وزير خارجية أمريكا "جون كيري" يتصل بالفلسطينيين كل ساعة تقريبا للاطمئنان لسير المفاوضات".
ولفت إلى أن "المبادرة المصرية كانت تنص على وقف إطلاق النار والتفاوض لاحقا، وهذا ما رفضته المقاومة، ولاحقا تم القبول مع وضع جدول زمني لوقف إطلاق النار، ورفضت المقاومة اقتراحا إسرائيليا بوضع سلاح المقاومة في جدول المفاوضات، فيما أصرت على طرح موضوع رفع الحصار والميناء والمطار وهي مطالب المقاومة".
وبين أنه "أدرج موضوع تبادل الأسرى، لأن لإسرائيل جثثا لدى المقاومة، على حد زعمها، وقبل أيام كان يجب أن تبدأ المفاوضات غير المباشرة مجددا في مصر، إلا أن الأوضاع الأمنية فيها أجلت ذلك لما بعد أسبوعين".
وفي موضوع آخر يتعلق بملف المصالحة، اعتبر الهندي أن "المصالحة الفلسطينية هي بين برنامجين، الأول للسلطة التي تؤمن بالمفاوضات فقط، والثاني برنامج المقاومة، وتطلب الأخيرة التفاهم مع الطرف الأول على الحد الوسط بينهما، وهذا يأتي من خلال برنامج سياسي متفق عليه، أو بناء مرجعية وطنية عند الاختلاف".
وكشف ان هذه المرجعية "هي منظمة التحرير الفلسطينية، وفي كل مرة يتم الحديث عن إعادة بنائها بشكل يشمل كل الفصائل التي لا تمثلها، من مثل حماس والجهاد الإسلامي، لكن على هذه المنظمة (فيتو)، ليس فلسطينيا فقط، وإنما إقليمي أيضا، لذلك المصالحة تراوح كثيرا"، على حد تعبيره.
وطالب الهندي "الحكومة الموحدة التي تشكلت عقب تنازل حماس عن الحكم في قطاع غزة، بالقدوم إلى القطاع، والإشراف على الإعمار والمعابر، وأن تقوم بواجباتها، كما وجه دعوة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بزيارة القطاع، وخاصة أن الجانب المصري طالب بحرس الرئيس لفتح معبر رفح، لافتا إلى أنهم يشعرون بأن هناك تعقيدات كثيرة، وأن البعض غير جدي".
وشنت إسرائيل حربا على غزة، في السابع من يوليو/ تموز الماضي، استمرت (51) يومًا، وأسفرت عن مقتل (2148) فلسطينيا، وإصابة أكثر من (11) ألفا آخرين.
في المقابل، قتل في هذه الحرب (67) جندياً، و(4) مدنيين من الإسرائيليين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، حسب بيانات إسرائيلية رسمية، فيما يقول مركزا "سوروكا"، و"برزلاي" الطبيان (غير حكوميين) إن (2522) إسرائيلياً، بينهم (740) جندياً تلقوا العلاج فيهما خلال فترة الحرب.
وتوصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، في السادس والعشرين من شهر يوليو/ تموز الماضي، إلى هدنة برعاية مصرية، تتضمن بحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية؛ وقف إطلاق نار شاملا، ومتبادلا، بالتزامن مع فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل، بما يحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثة ومستلزمات الإعمار.
وكان مؤتمر إعمار قطاع غزة، الذي عقد في القاهرة في الثاني عشر من شهر تشرين أول/ أكتوبر الجاري، قد جمع مبلغ 5.4 مليار دولار، نصفها خصص لإعمار غزة، فيما خصص الجزء المتبقي لتلبية احتياجات الفلسطينيين.
ودمّرت الحرب الإسرائيلية الأخيرة؛ نحو 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.