ذكر شهود عيان من قضاء
الضلوعية (80 كيلومترا شمال العاصمة
العراقية) أن القضاء يشهد منذ شهرين عمليات عسكرية شبه يومية وحصارا خانقا من جميع الجهات، حيث انحصرت حركة الدخول والخروج إلى القضاء عبر طريق واحد، وهو مدخل القضاء الرئيسي الذي يشهد مواجهات مسلحة باستمرار.
وقال أحمد، وهو أحد أهالي القضاء، في حديث خاص لـ"عربي 21"، إن "أوصال الضلوعية تقطعت وتم عزلها عن المناطق المجاورة، بالإضافة إلى تعرضها للقصف العشوائي بالبراميل المتفجرة الذي ساهم بتشتت معظم الأهالي".
وبحسب أحمد، "لم تعد صور الموت المتكررة في الضلوعية ولا حتى أصوات قذائف الهاون وأزيز الرصاص أمرا مستغربا، فالسكان ألفوا تلك المشاهد المؤلمة والأصوات المزعجة حتى مقابر المدينة لم تعد تسع أجسادهم الطاهرة".
بدوره، يروي أسامة المحل أن الأخطر في معاناة سكان الضلوعية هو
القصف الجو العشوائي للطيران الحربي العراقي، والبراميل المتفجرة التي تسقط على العائلات الآمنة، بحجة تواجد أوكار للمسلحين، والتي خلفت مئات القتلى والجرحى معظهم من النساء والأطفال.
وأضاف أن صور آثار الدمار أصبحت مشهدا يوميا اعتاد عليه سكان قضاء الضلوعية، وأن العائلات هجرت بيوتها إلى جهة مجهولة بسبب آلة الموت ونيران المواجهات المتبادلة بين المسحلين وقوات الأمن العراقية.
وتساءل المحل الذي بقى وحيدا في قرية البوجواري: "إلى متى سيستمر هذا الدمار وتهجير العوائل والقتل المجاني بحجة تواجد
داعش في المنطقة؟"، لافتا إلى أن هناك مئات من العائلات بلا غذاء منذ بدء المعارك، حيث توقف وصول الإمدادات ومعونات الإغاثة من المناطق المحطية، نتيجة تقطيع أوصال المدن، معربا عن خوفه من استمرار الحرب والحصار لأشهر قادمة.
ليس أسامة وحده من تحتفظ ذاكرته بما يجري من مآس داخل صلاح الدين، فجاره الذي فقد ابنه الأصغر بشظية في رأسه قبل شهر جراء إلقاء طائرة حربية ثلاثة براميل متفجرة بالقرب من منزله، لا يخفي مايمر به من معاناة وضيق وحزن، إذ يقول أبو هيثم العزاوي إن القصف في قرى الضلوعية عشوائي ومعظمه يستهدف المدنيين، وما يزيد من الأمر صعوبة هو ندرة وجود الأطباء، أما الغذاء فتلك مصبية أخرى؛ لأنك لن تجد مكانا أو سوقا مفتوحا تشتري منه.
ويضيف العزاوي: "هربنا أنا وعائلتي من مركز القضاء بسبب المعارك الدائرة لنواجه موت البراميل المتفجرة".
وكان أهالي قضاء الضلوعية قد ناشدوا الحكومة المركزية والقيادات الأمنية وأعضاء مجلس القضاء، للتدخل العاجل بإيقاف القصف العشوائي بالبراميل المتفجرة، الذي غالبا ما يستهدف الأبرياء، مشيرين إلى أن مناطق بيشكان وخزرج، والبو فراج والبوجيلي، تتعرض بشكل مستمر الى قصف بالبراميل المتفجرة وصواريخ الطائرات، ما ولد حالة من الرعب والخوف لدى السكان.
يشار إلى أن قضاء الضلوعية يشهد عمليات عسكرية، ينفذها التحالف الدولي والطيران الحربي العراقي، لتحقيق إنجازات أمنية على الأرض، خصوصا بعد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على بعض البلدات والقرى داخل القضاء.