أثار غياب رئيس "نداء تونس" الباجي قايد السبسي عن الحملات الانتخابية الرئاسية نقاشا ساخنا في الفضاء السياسي والإعلامي التونسي، في وقت ربطت فيه بعض المواقع الإعلامية هذا الغياب بالوضع الصحي للسبسي، فيما بررت جهات إعلامية قريبة من حزبه الأمر بكون الحزب يمتلك عشرات القيادات ولا يمكن اختصاره بالسبسي.
وقالت صحيفة الضمير التونسية القريبة من النهضة في عددها الصادر أمس الخميس، إن غياب السبسي عن الحملات الانتخابية قد يؤكد الأنباء التي تحدثت عن تراجع وضعه الصحي، وهو ما جعله يفضل الغياب عن "أضواء السياسة في أوج الحملة الانتخابية"، بحسب الصحيفة.
من جهته أكد موقع "ليدرز" التونسي الناطق بالفرنسية غياب السبسي عن الحملات الانتخابية، ولكنه أشار في المقابل إلى أن السبسي واصل لقاءاته بالسفراء والدبلوماسيين، كما أنه أفرد جزءا من وقته للنقاش مع الباحث الفرنسي "جيل كيبل" (Gilles Kepel). وأضاف الموقع إن حزب" نداء تونس" يجب أن لا يختصر في السبسي، إذ أن الحزب "لديه عشرات القيادات التي تكفي لحكم عدة دول"، حسب قوله.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ"عربي21" أن السبسي يعاني بالفعل من أمراض الكلى المزمنة، وهو الأمر الذي يستدعي مراجعة المستشفى بشكل دوري للقيام بعملية "غسيل الكلى".
من جهته، قال القيادي في نداء
تونس خميس قسيلة في اتصال هاتفي مع "عربي21" إن السبسي في حالة صحية جيدة ويباشر عمله يوميا كالمعتاد وإن غيابه عن الحملة الانتخابية هو فقط خيار استراتيجي، حسب قوله.
وأضاف قسيلة إن السبسي سيشرف السبت على اجتماع شعبي بقبة المنزه بتونس العاصمة.
ولا يعتبر النقاش حول صحة السبسي البالغ من العمر 89 عاما أمرا جديدا في تونس، فقد أثار الوضع الصحي للرجل جدلا حتى داخل أروقة حزبه، وتسبب بأزمة في أيلول/ سبتمبر الماضي بعد أن صرح القيادي في الحزب عمر صحابو للإعلام بأن صحة السبسي لا تسمح بقيامه بمهام الرئاسة.
وكان صحابو أكد سوء الأوضاع الصحية للسبسي في لقاء مع الإعلامي المعروف سمير وافي ضمن حلقة من برنامج "لمن يجرؤ فقط"، والتي عرضت في الرابع عشر من أيلول سبتمبر الماضي.
وقال صحابو إنه أخبر السبسي شخصيا وقيادة الحزب بأنه حصل على تقارير طبية تفيد، بما لا يدع مجالا للشك، إن السبسي لن يكون قادرا على القيام بمهامه كرئيس للبلاد بسبب أوضاعه الصحية.
وأدت تصريحات صحابو إلى تعرضه لحملة من الانتقادات من داخل وخارج حزب "نداء تونس"، حيث أعلن الحزب عن فصله، فيما قال العميد الأسبق البشير الصيد إن التصريحات الإعلامية التي أدلى بها القيادي صحابو بخصوص صحة السبسي تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون وقد تعرضه للسجن.
ولا يشترط قانون الانتخابات التونسية قيام المترشح للرئاسة بتقديم كشف طبي للجنة الانتخابات، ولكن عددا من الدول الديمقراطية تعتبر الإفصاح عن الوضع الصحي للمرشحين للرئاسة إجراءا إلزاميا، باعتبار أن صحة الرئيس في أي دولة هي شأن عام يؤثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد.