يحتفل العالم في الـ20 من تشرين الثاني/ نوفمبر سنويا باليوم العالمي للطفل، والذي يوافق تاريخ توقيع 191 دولة على الاتفاقية الأولية لحقوق الطفل. وفي ذلك اليوم قبل 25 عاما تعهد العالم بحماية الأطفال، وبأن "نفعل كل ما في وسعنا لحماية حقهم في البقاء والتطور والنمو إلى أقصى حد والحماية من التأثيرات المُضرّة، وسوء المعاملة والاستغلال والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية".
والآن فقدت
سوريا جيلا كاملا من الأطفال في الحرب المُستمرة منذ قرابة أربعة أعوام، وحرمت ملايين الأطفال من التعليم وهدمت أو تصدعت خلالها 3400 مدرسة، ويتّمت آلاف الصغار.
"أطفال سوريا.. الحلم المفقود"
فقد كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير أصدرته بمناسبة يوم الطفل العالمي بعنوان "أطفال سوريا.. الحلم المفقود"، أن 17268 طفلا قتلوا على يد قوات النظام السوري، فيما اعتقل 9500 طفل، قتل بينهم 95 طفلا تحت التعذيب، فيما جرح ما لا يقل 280 ألف طفل، ولجأ ونزح ما يقارب 8 ملايين طفل داخل سوريا وخارجها.
وفصّلت الشبكة، وهي منظمة حقوقية تعنى بشؤون
انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، أن الانتهاكات المرتكبة في حق الأطفال تجاوزت القتل والاعتقال، ووصلت إلى التهجير والعنف الجنسي والحصار والتجنيد.
من جهة أخرى، لم تقتصر الانتهاكات بحق الأطفال على الحكومة السورية ومليشياتها، فقد ارتكبت مليشيات من القوات الكردية انتهاكات في مناطق نفوذها، بالإضافة إلى "الدولة الإسلامية" وبعض فصائل المعارضة المسلحة.
وأشار التقرير إلى أن 85 ألف طفل ولدوا في مخيمات اللجوء، ما يثير مشكلات لديهم ولدى أهلهم بخصوص الأوراق الثبوتية، مؤكدة أن الشبكة تعاني من صعوبات هائلة في مكافحة ظاهرة الحرمان من الجنسية.
واختتم التقرير بدعوته المجتمع الدولي لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التي أصدرها، خصوصا القرار 2139 الذي يطالب بوقف الهجمات العشوائية، وطالبه بإعادة تفعيل الوصول إلى حل سياسي "يوقف شلال الدم اليومي، ويضمن محاسبة المجرمين"، الذين يراهم التقرير هم "الدول التي تساعد وتمد الحكومة السورية بالأموال والسلاح والميليشيات".
أطفال بلا آباء، أو بلا طفولة
قرية الأطفال (إس.أو.إس) في دمشق التي تستضيف عددا من الأيتام الذين فقدوا آباءهم في الحرب،زاد عدد نزلائها خلال العام المنصرم إلى مثليه.
فقد أوضحت خولة جبر مسؤولة حماية الطفل في قرى الأطفال (إس.أوإس) أن كثيرا من الأطفال أُصيبوا بأعراض ما بعد الصدمة لقسوة الظروف التي واجهوها خلال الحرب، قائلة بأن بعض من أصيبوا بذلك كان من "ياللي عاش الأزمة بشكل مُباشر، ياللي نزح بظروف كثير صعبة، يمكن شاف مواقف، شاف حدا من أهله أو أقربائه فارق الحياة بجانبه، هذا بحد ذاته صدمة لا يمكن التعامل معها بشكل طبيعي مثل أي مشكلة سلوكية أو نفسية عرضية في بعض الأطفال".
من هؤلاء الأطفال، لا تزال ديانا (10 سنوات) تعالج نفسيا من آثار الصدمة، بعد أن فقدت أُسرتها خلال الحرب، وما زال الحزن باديا في عيني الطفلة الصغيرة، رغم ابتسامتها الباهتة، التي قالت "أنا كنت عايشة بحلب بس أهلي هونيك بحلب.. أهلي ماتوا هناك بحلب"
مئات الأطفال الآخرين اضطروا للعمل لمساعدة أسرهم مع استمرار الحرب، ومن هؤلاء عمر(16 سنة) الذي يبيع الملابس في سوق الحميدية. وقال عمر "بأتمنى نرجع مثل ما كنا.. ونرجع مثل ما كنا وأحسن، إن شاء الله لو كنت بالمدرسة أطلع مهندس".
اليونيسف تنادي
وتشير بيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إلى أن قرابة 24 في المئة من سكان سوريا -أي ما يقارب خمسة ملايين نسمة- مراهقون، وهم أكثر المتضررين من الحرب.
وقالت يونيسيف في تموز/ يوليو إن "قرابة مليون طفل سوري صاروا بلا مأوى، وإن مليون طفل توقفوا عن الدراسة، وإن مليون طفل آخرين مُهددون بالتوقف عن الدراسة بسبب الوضع الأمني".
لكن هناء سنجر، ممثلة يونيسيف في سوريا، ذكرت أن ملايين الأطفال ما زالوا يتلقون تعليمهم في المدارس في البلد، قائلة إن "ما يزيد على أربعة ملايين وخمسمئة ألف طفل يذهبون إلى المدارس، رغم كل التحديات وكل الأخبار عن استهداف المدارس. ثمة أمر إيجابي يحدث هنا، الناس لم ينكسروا، الأطفال لم ينكسروا، بل لقد انتصروا، بذهابهم إلى المدارس يتطلعون إلى مستقبل أفضل. لا أعتقد مع هذه الروح أن يُهزم الشعب السوري".
ودعت سنجر المجتمع الدولي إلى السعي من أجل حل سياسي للأزمة في سوريا، بقولها :"أُذَكّر العالم بألا يرفع يده، وبأن يتحمل المسؤولية في الاضطلاع بدور في حل سياسي في سوريا. لا نستطيع أن ننسسى أطفال سوريا وعلينا أن نُذَكّر جميع الأطراف بمسؤوليتهم في حماية الأطفال والمدارس. أطفال سوريا يستحقون ذلك، وأعتقد أن هذا هو ما يجب أن نظل نُذَكّر به الجميع".