كتب روجر بويز معلقا على نهاية ما كان يعرف بالربيع العربي، قائلا إن "الغرب أجرى حساباته، وأعاد عقارب الساعة للوراء من أجل عهد من الاستقرار والقوة، وأعلن وفاة
الربيع العربي، وقمنا بتشييعه بجنازة عسكرية على ضفاف النيل. فقد أصبح حسني
مبارك الفرعون
المصري المخزي حرا طليقا، بعد أن تم رفض تهم الفساد والقتل الموجهة ضد الطاغية الأشهب".
ويضيف في مقال نشرته صحيفة "التايمز"، "لقد عاد النظام القديم من جديد، وتحول الرئيس الحالي عبد الفتاح
السيسي إلى رئيس أكثر قسوة من سلفه. فمنذ وصول المارشال السيسي للحكم في تموز/ يوليو العام الماضي قتل 1.400 شخص، وهناك 15.000 في السجن، وحكم على المئات منهم بالسجن المؤبد. وفي هذا الشهر أصدرت محكمة في الاسكندرية حكما بسجن 78 طفلا؛ لمشاركتهم في تظاهرات وإعاقة حركة السير".
ويتساءل الكاتب قائلا: "ثورة، أي ثورة، إنها ثورة بنتائج بائسة، ولم يسكب عليها المستشارون والوزراء في الغرب الدموع ولا في قصور حكام جيران مصر. فالإفراج عن الرئيس السابق يعتبر سخرية من الثوار في ميدان التحرير، ولكنه سيؤدي إلى إعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط ".
ويعلق على موقف حكومة الرئيس باراك
أوباما قائلا: "لقد فقدت إدارة أوباما مصداقيتها لدى دول الخليج؛ لأنها تخلت عن الديكتاتور- الوكيل مبارك، الذي أجبر على التنحي، ووضع في قفص الاتهام في قاعة المحكمة في محاكمة مهينة أمام عدسات التلفاز. ويبدو أن العلاقات بين أوباما والسيسي في طريقها للتعافي، وستلعب مصر في القريب العاجل دورها الكامل في الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وإسرائيل سعيدة أيضا، فقد كان مبارك الضامن للعملية السلمية في الشرق الأوسط. وهناك أدلة تشير إلى تعافي العلاقات بين دول الخليج المحافظة والمتشاجرة دائما إن تم الإفراج عن مبارك".
ويتابع بويز "الرمال تتحرك، فقد أصبح تحت يد الزعيم المصري أمر رئاسي يسمح له بإصدار عفو أو ترحيل من أدين قضائيا من الأجانب. وانتظروا طرد صحافيي الجزيرة الذين اتهموا بالتعاون مع الإخوان المسلمين، فقد رأت دولة قطر، التي تمول قناة الجزيرة، في معاملة مصر للصحافيين إهانة لها. وفي حالة أفرج عنهم فسينتهي الخلاف بين قطر والسعودية، التي تعتبر الممول الرئيسي لمصر. ومع تراجع أسعار النفط بشكل سريع فدخول الدولتين في صراع على مستقبل مصر لا معنى له".
ويستدرك الكاتب "لكن خلافا رئيسيا سيبقى حول مستقبل الإخوان المسلمين؛ فقطر متعاطفة معهم، فيما تعارضهم السعودية والإمارات بشدة، ولكن الموضوع نحي جانبا".
ويرى الكاتب أنه "في الحقيقة هناك الكثير من دول المنطقة ترغب بعودة مصر، التي تعد أكبر الدول العربية سكانا، لتلعب دورا قياديا من جديد، لكن مصر ستكون قائدة ولكن برسن؛ لأنها ستعتمد وبشكل كبير على المال من السعوديين والإماراتيين، إلا أنها ستظل دولة ذات وزن في قتال الجهاديين، خاصة أن لديها جيشا قويا".
ويجد بويز أنه من أجل هذا "فيجب وضع فكرة اليقظة العربية، أو أي تلميح للتغيير الديمقراطي الحقيقي للنوم من جديد. فقد احتاجت الثورة الفرنسية عام 1789 لعقد من أجل التقدم في مراحل قطعها المصريون في أربعة أعوام فقط: كانت هناك انتفاضة دعمها الجيش ومن ثم إطاحة ومحاكمة زعيم، واقتتال شرس، ومن ثم ثورة رقم -2 تبعها انقلاب عسكري، وبعدها قائد يتشبه ببونابرت، وكل هذا باسم الديمقراطية".
ويعلق بالقول: "بعيدا عن قصة النجاح الهشة في تونس، فالربيع العربي لم يكن في معظمه سوى سجل عن الأمل الذابل. فليبيا التي مزقها الاقتتال القبلي لديها جنرال يحاول أخذ راية القذافي. فيما يبدو عرش الأسد مستقرا بعدما كان مهتزا، ويحكم الآن بدعم تكتيكي من الغرب، وهو (ابن الحرام بتاعنا) في الوقت الحالي".
ويبين الكاتب "مثلما أردنا الأمور حصلت، على ما يبدو، فقد قبلنا الديكتاتوريين العرب بناء على ما قدموا فيه أنفسهم لنا، أي أنهم المنافحون عن النظام ضد التشدد الإسلامي، ومن خلال هذا فقد واصلنا عادتنا في ارتكاب الأخطاء، فعندما اعتقدت كل من فرنسا والولايات المتحدة عام 1991 أن الحزب الإسلامي بالجناح العسكري المتطرف سيفوز في انتخابات الجزائر (الحرة) قامتا بدعم قرار الجيش الذي ألغى الانتخابات. والنتيجة كانت: حربا خبيثة استمرت عقدا من الزمان، وقتل فيها 150.000 جزائري، هل هذا ما نريد حدوثه في مصر؟، بصراحة لا، ومع ذلك فالاستقرار المفروض يظل مقدما عند القوى الغربية وحلفائها من دول الخليج الخائفة على التغيير الديمقراطي".
ويجد بويز أنه "من الأفضل أن يكون في الحكم زعيم صديق، ندير العمل معه وبيد قوية، وتعلم في كلية ساندهيرست أو كامبريلي،(تلقى السيسي تعليما في كلية الضباط في بريطانيا)، من أن تكون لدينا ثورة فوضوية تدار بطريقة سيئة. ما يعني وصم الأشخاص الخطأ بصفة الجهاديين ورمي الفكرة التي تقول إن الإسلام السياسي المعتدل هو الجواب لإدارة وحكم الشرق الأوسط، ما يعني أيضا القبول بالنوم الدائم للإنتجلنسيا الليبرالية وعقودا من الرقابة. ويعني هذا في النهاية العودة بعقارب الساعة للوراء، وخوفي أن الساعة نفسها تحطمت في الحقيقة".