أصبح لمقاتلي
الدولة الإسلامية أعداء في مختلف أنحاء العالم كما أنهم يتلقون ضربات جوية تستهدفهم بقيادة الولايات المتحدة منذ ثلاثة أشهر لكنهم لم يتنازلوا عن أراض مهمة تذكر من
دولة الخلافة التي أعلنوها للقوات التي تصطف في مواجهتهم على جبهة عريضة.
فعبر دولتهم التي تمتد على آلاف الكيلومترات المربعة في
سوريا والعراق، يواجه المقاتلون الإسلاميون خليطا غير متناسق من جنود الجيش في كل من
العراق وسوريا وميليشيات شيعية وكردية ومعارضين من السنة يقاتلون الحكومة السورية.
وفي حين أن مقاتلي الدولة الإسلامية فقدوا مدنا على أطراف دولتهم في العراق وخاصة في المناطق ذات الأعراق المتباينة التي لا يلقون فيها تأييدا؛ فقد قويت شوكتهم في بعض أجزاء قلب المناطق السنية في العراق.
في آب/ أغسطس تم صد هجوم للدولة الإسلامية على المناطق الكردية في العراق وبعد شهرين تم إخراج مقاتليها من مدينة جرف الصخر إلى الجنوب من بغداد. كما أخرجوا من مدينتين قرب الحدود الإيرانية الشهر الماضي.
غير أنه باستثناءات قليلة مثل كسر الجيش حصار الدولة الإسلامية لأكبر مصفاة لتكرير النفط بالبلاد في بيجي فإن سيطرة مقاتليه على المحافظات ذات الأغلبية السنية إلى الشمال والغرب من بغداد لم تواجه أي تحديات خطيرة.
ويقول خصوم الدولة الإسلامية إن استعادة بعض المدن يظهر انقلاب الحال ولجوء التنظيم للدفاع.
وقال هادي العامري رئيس منظمة بدر التي تتبعها ميليشيا عراقية قادت مع قوات البشمركة الكردية عملية استعادة بلدتي السعيدية وجلولاء قرب الحدود الإيرانية "أفضل ما بوسعهم الآن قطع طريق أو مهاجمة دورية. لكن تم بالكامل وقف أي تقدم أو مكاسب أرضية لهم".
وقال أبو بكر البغدادي زعيم الدولة الإسلامية لمقاتليه قبل ثلاثة أسابيع إن إرسال الولايات المتحدة المزيد من خبرائها العسكريين للعراق يظهر أن العكس صحيح.
وأضاف أن الضربات الجوية والقصف المتواصل ليل نهار لمواقع الدولة الإسلامية لم يوقف تقدمها.
وفي الواقع أن الدولة الإسلامية لم تحقق منذ الهجوم الذي شنته في حزيران/ يونيو الماضي تقدما يذكر فيما يتجاوز محافظتي الأنبار في الغرب وصلاح الدين إلى الشمال من بغداد بالإضافة إلى محافظة نينوى التي تقع فيها مدينة الموصل التي اجتاحها الإسلاميون في حزيران/ يونيو. والمحافظات الثلاث من المحافظات التي يغلب عليها السنة.
وقال الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي إن الصورة في مختلف أنحاء العراق هي جمود الوضع إذ استردت القوات الحكومية بعض الأراضي؛ لكن الدولة الإسلامية تفرض سيطرتها بقوة في قلب المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وأضاف أن الدولة الإسلامية تسيطر الآن على 85 في المئة من محافظة الأنبار حيث تشن الهجمات على العاصمة الإقليمية الرمادي وتقتل المئات من معارضيها من رجال العشائر.
وقال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري إن النقطة الحاسمة في هزيمة الدولة الإسلامية تمثل في رأيه استمالة العشائر العربية السنية في الأنبار وصلاح والدين ونينوى وإن ذلك سيمثل بداية النهاية للدولة الإسلامية.
"غياب الاستراتيجية" في سوريا
وفي حين أن من الواضح في العراق أن الدولة الإسلامية تأخذ وضع الدفاع في بعض المناطق فهي تحت ضغط أقل في سوريا لقلة حلفاء الولايات المتحدة على الأرض ممن قد يدعمون ضرباتها الجوية.
وقد أوضحت واشنطن أن سياستها في سوريا متواضعة مقارنة بالعراق وتركز على منع الدولة الإسلامية من التحرك عبر الحدود وعلى ضرب مراكز القيادة والسيطرة التابعة لها.
لكن المقاتلين في سوريا وكذلك محللين غربيين يقولون إن الهجمات الجوية فشلت في إضعافهم.
وقال انتوني كوردزمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن الولايات المتحدة لا تتبع استراتيجية في سوريا إذ يعوقها تضارب أولوياتها إزاء الدولة الإسلامية والرئيس بشار الأسد.
وكانت النتيجة "فوضى استراتيجية" سمحت لقوات الأسد بتصعيد هجماتها الجوية على جماعات المعارضة الأخرى والتي يتعاطف بعضها مع واشنطن وتركت في الوقت نفسه أهداف الدولة الإسلامية لقوات
التحالف الدولي.
ويقول أنصار الدولة الإسلامية إن الضربات الجوية ساعدت التنظيم في الفوز بالتأييد بين السكان المحليين واجتذبت مقاتلين جددا.
وقال مقاتل في مدينة الرقة التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية "هل يعتقدون أن قصفنا سيخيفنا وسنجري عائدين إلى بلادنا؟"
وفي إشارة للمعركة الدائرة على مدينة حدودية في شمال سوريا أضاف المقاتل "بينما يحاول العالم كله إنقاذ كوباني نتوسع نحن ونكبر في العراق وسوريا".
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية الشهر الماضي إن الضربات في سوريا أصابت موارد للدولة الإسلامية من بينها منشآت نفطية ومنشآت قيادة ومعسكرات تدريب.
وتابع المقاتل "نحن نعلم أننا سنواصل جذب الناس لصفوفنا. ليس بوسعك أن تمحو ذلك من خلال الضربات الجوية. ومن المؤكد أنك لا تستطيع أن تفعل ذلك في 90 يوما".
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الغارات التي بلغ عددها نحو ألف غارة في البلدين لها أثر كبير.
لكن أحد مقاتلي الدولة الإسلامية في سوريا استخف بذلك قائلا "قبل أن تهزم عدوك عليك أن تفهمه. هذه هي القاعدة الأولى في القتال وهؤلاء الحمقى فاتهم ذلك".