كتب راجح الخوري: مع انهيار الجيش
العراقي الوهمي الذيأنشأه نوري المالكي، وسيطرة "داعش" الفاجعة على الموصل وعلى أجزاء كبيرة من شمال العراق، قال مسعود البارزاني في 24 آب الماضي "إن العراق لن يعود كما كان".
بعد ثلاثة أشهر من "الحرب المسخرة" التي تشنها أمريكا مع
التحالف الدولي على التنظيم الإرهابي، ترتسم الملامح العملية لدومينو التقسيم، الذي قد يجتاح المنطقة انطلاقاً من العراق الذي تبرز فيه ثلاث دول لم يعد ينقصها سوى الإعلان، في وقت يشي التمسك الأمريكي - الروسي ببقاء نظام بشار الأسد لأن سوريا بدورها على خط التقسيم، بينما يسرع اليمن الجنوبي إلى الانفصال من جديد.
من المبكر اكتشاف أين يمكن أن تتوقف السكاكين التي تعمل لتمزيق الخرائط، لكن العراق يبقى البوابة الأكثر وضوحاً في هذا السياق، ليس قياساً بما قيل عن ضرورة تقسيمه منذ السبعينيات على لسان هنري كيسينجر، ثم عبر نظرية كوندوليزا رايس التي شكلت أساساًً لغزوه عام 2003، ثم عندما تبنى الكونغرس الأمريكي في أيلول من عام 2007 مشروع القرار الذي قدمه جو بايدن، مستوحياً اتفاق دايتون الذي أبرم عام 1995، والذي دعا إلى تقسيم العراق ثلاث فيديراليات: شيعية في الجنوب وسنية في الوسط وكردية في الشمال، بل قياساًً بما يجري الآن:
أولاً - ما معنى أن تبلغ واشنطن أول من أمس وفداً يزورها ويضم زعماء العشائر وممثلي فصائل مسلحة ومسؤولين حكوميين وكلهم من السنّة، نيّتها تشكيل جيش من 100 ألف مقاتل في المناطق السنّية من دون المرور بالحكومة المركزية في بغداد؟
ثانياً - ما معنى المسارعة منذ أشهر إلى تسليح قوات البشمركة الكردية أولاً من إيران، التي أرسلت محمد جواد ظريف بسرعة إلى أربيل، ثم من أمريكا والدول الأوروبية، ولماذا يُطرح قانون على الكونغرس الآن لتزويد الأكراد أسلحة ثقيلة من دون المرور ببغداد أيضاً؟
ثالثاً - ما معنى أن تستمر شكوى المناطق السنّية في الأنبار وغيرها منذ أشهر، من تقاعس بغداد عن تقديم الأسلحة والذخائر، التي تساعد مقاتلي العشائر على مواجهة هجمات "داعش"؟
رابعاً - ما معنى الاتفاق مع الأكراد على تصدير نفط كركوك عبر تركيا ولو بالتنسيق مع بغداد؟
خامساً - لماذا يرتفع صراخ "اتحاد القوى السنّية" مطالباً حكومة حيدر العبادي بتطبيق محتوى "ورقة الحقوق"، التي سبق أن وردت في "اتفاق أربيل" الذي لم ينفذه نوري المالكي؟
سادساً - لماذا تتعمق الكراهيات المذهبية بين السنّة والشيعة إلى درجة تعوق وضع استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة "داعش"؟
سابعاً - ما معنى تسليح إيران للبشمركة في الشمال وللشيعة في الجنوب طبعاً؟
جواب واحد: العراق لن يعود كما كان!
(عن صحيفة النهار اللبنانية 6 كانون الأول/ ديسمبر 2014)