هاجم الرئيس السوري بشار الأسد حركة المقاومة الإسلامية "
حماس" بشدة، واتهمها بـ"التدخل بالشأن الداخلي" السوري عبر "التوسط" لجماعة الإخوان المسلمين، زاعما خلال لقائه وفدا من أتباع حركة
فتح أن رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل حثه على قمع الحراك الشعبي في بداية الثورة السورية "دون رحمة". لكن حركة حماس ردت برفض تصريحات الأسد جملة وتفصيلا، وقالت إنها لم تتدخل مطلقا بالشأن الداخلي السوري.
وقال المتحدث الرسمي باسم حركة حماس سامي أبو زهري، في تصريح لوكالة الأناضول، إنّ حركة حماس الفصيل الفلسطيني الوحيد الذي غادر الأراضي السورية، كي لا تكون طرفا في الأحداث الدائرة هناك، حسب قوله.
وأضاف: "ما تم نقله عن الرئيس السوري، بأن حركة حماس تدخلت في الشأن الداخلي السوري، لا أساس له من الصحة".
وأكد أبو زهري، أن حركته تقر بأنها استفادت "كحركة مقاومة" من وجودها في الساحة السورية، "ولكنها لم تتدخل يوما ولن تتدخل في أي شأن داخلي لأي دولة عربية".
الأسد وحماس:
وجاءت تصريحات الأسد خلال لقائه وفدا تحت مسمى "رؤساء الجالية الفلسطينية في أوروبا"، وهم من المحسوبين على حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على هامش المؤتمر الثالث للجاليات الذي عقد في دمشق الشهر الجاري.
وقال الأسد، مشيرا إلى حركة حماس: "كنا نعلم أنهم امتداد للإخوان المسلمين السوريين الذين اشتبكنا وتصارعنا معهم طويلا، لكن ومن منطلق وطني فصلنا ما بينهم وما بين الإخوان المسلمين، وتعاملنا معهم على أنهم مقاومون فلسطينيون أصحاب قضية".
وتحدث الأسد عن الضغوط والتهديدات الأمريكية لإجباره على طرد حماس، وقال: "رفضنا ذلك بإصرار وقوة، وكل ذلك كان من منطلق إيماننا بالقضية الفلسطينية". وتابع: "حماس تواجدت في
سوريا، وعملت بكل حرية وانفتاح، ووجدت المأوى الآمن لها هنا، وقدمّنا لهم تسهيلات لم تقدم في تاريخ سوريا لأي طرف كان"، حسب قوله.
وتابع: "في أحد لقاءاتي سابقا مع خالد مشعل، جاء وطرح علي أن قيادة حماس ومن منطلق "سد الدَّين" لسوريا فإنهم في الحركة، يستأذنوننا بأن يبدأوا ببذل جهود مع حركة الإخوان المسلمين السوريين لعمل مصالحة مع الدولة السورية، وأنهم قادرون على ذلك، ولمسوا إيجابية كبيرة من قبل الإخوان المسلمين السوريين تجاه جهدهم هذا".
وذكر الأسد أنه رد على مشعل بالقول: "أنت فلسطيني ومقاوم، وأطلب منكم بألا تتدخلوا في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي. مشكلتنا مع الإخوان شأن داخلي سوري، لا تزجوا بأنفسكم فيه، عليكم أن تحافظوا على هدف واحد أوحد، وهو أن يكون الجميع معكم، لا تخسروا طرفا على حساب طرف آخر؛ فقضيتكم بحاجة لجهد الجميع، فلا أرى أنه من الضرورة أن تتدخلوا في الشؤون الداخلية لأي بلد". وأضاف: "قلت له إن الإخوان المسلمين في سوريا هم مواطنون سوريون أولا وأخيرا، وبذلك فإن القوانين والأنظمة هي التي تفصل بيننا".
وزعم الأسد "أن مشعل كان قد التقى مع أحد الإخوة المسؤولين في هذا البلد قبل بداية الأزمة السورية، وعقب أحداث تونس وخلال الأحداث في مصر، وقال له إننا في حماس نتوقع مؤامرة أمريكية إسرائيلية على سوريا، وإنهم يفكرون بضرب محور المقاومة، ونتوقع أن تكون سوريا، كونها رأس الحربة في هذا المحور، أن تتحول إلى هدف، ونحن ومنذ الآن وبلا تردد أو تفكير، نعلن وبصراحة أننا سنكون الجنود الأوفياء لسوريا في هذه المعركة التاريخية" حسبما نسب الأسد لمشعل.
بل إن الأسد زعم أنه: "مع بداية الاحتجاجات الشعبية والأحداث في بعض المدن السورية التقيت بمشعل على رأس وفد من حماس، وكان أكثر تطرفا مني ومن القيادة السورية. فقد طالبنا أن نقمع وأن نصفّي هذا الحراك بكل قوة، لأنه عنوان مؤامرة دولية ضد سوريا" وفق ما نقله الأسد الذي تابع قائلا: "قال مشعل يومها: لا تأخذكم بهم رحمة، إنهم عملاء لأمريكا ولإسرائيل، مؤكدا على مواقفه بأن الدفاع عن سوريا الآن هو دفاع عن فلسطين، وأعلن استعداده وحركته بأن يكونوا الجنود الأوفياء لسوريا وقت الطلب".
ولم يكتف الأسد بذلك، بل قال إن "حركة حماس ومن أجل ذلك شرعت باتصالات ومراسلات مع أطراف عديدة لتوضيح هذه المؤامرة الكبيرة التي تتعرض لها سوريا" حسب تعبير الأسد.
وعلى مدار سنوات عديدة، أقامت حماس علاقات قوية مع النظام السوري، حيث اتخذت من دمشق مقرا لسنوات طويلة بعد طرد قياداتها من الأردن، لكن بعد أشهر من اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011، رفضت حماس تأييد النظام، بل صدرت بعض التصريحات من قيادات الحركة تدين القتل وتدعو للحوار، كما صدرت بعض التصريحات المؤيدة للثورة، وهذا ما وتّر العلاقات بين الجانبين، قبل أن تقرر قيادة الحركة مغادرة دمشق نهائيا.
وتشير المعلومات إلى أن النظام السوري حاول الضغط على حماس لتتخذ موقفا مؤيدا له، وألا تكتفي بالحياد أو دعوة الجميع للحوار.
وبعد توتر علاقاته مع حماس، حاول الأسد التقرب من حركة فتح، وبدأ بإقامة علاقات بالسلطة الفلسطينية التي رفضها على الدوام وكان يسميها "سلطة أوسلو"، في إشارة إلى اتفاقية أوسلو للسلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، كما استقبل الأسد مبعوثين لمحمود عباس، واعترف بحدود الدولة الفلسطينية على حدود عام 67، وهو الأمر الذي كان يرفضه سابقا أيضا. وفي المقابل، صدرت تصريحات من جانب السلطة تهاجم الثورة السورية وتصفها بـ"المؤامرة" مع اتهامات للثوار بالمسؤولية عن الأزمة الإنسانية في المخيمات الفلسطينية التي تتعرض للحصار والقصف من جانب النظام السوري.
وكان ممثل حركة حماس الفلسطينية في طهران خالد القدومي قد قال إن سوريا قدمت "ملجأ للمقاومين الفلسطينيين ونحن نعترف بذلك"، مشيداً في الوقت ذاته بالدعم الذي قدمته سوريا للقضية الفلسطينية خلال العقود الأخيرة.
وقال القدومي خلال متلقى حواري عقد بطهران الأسبوع الماضي، ردا على سؤال حول ما قام به مشعل حينما رفع علم الثورة السورية في غزة، إن "حدثا ما لا ينبغي اعتباره موقفا للحركة". وأضاف أن مواقف الحركة بشأن القضية السورية تعبر عنها البيانات الرسمية، موضحا أن الموقف الرسمي لحركة حماس محدد، وفق البيان الصادر عام 2010. ووصف حزب الله اللبناني بالقول: "هم أشقاؤنا الدائمون".
من جهته، قال مشعل في تصريحات نشرت الاثنين إنه "حدث تباين" مع إيران "خاصة فيما يتعلق بالموضوع السوري، ولكنه وإن أثّر على بعض جوانب العلاقة، إلا إنه لم يصل إلى درجة القطيعة".