خلال عام
2014.. أضحت
الجزائر وجهة لعدد كبير من الرؤساء والمسؤولين من مختلف البلدان بعدما صارت مركزا لوساطات بشأن أزمات عدة في المنطقة، لتخرج خلال هذا العام من "عزلة دبلوماسية" تسبب فيها مواقفها المتحفظة من مسار انتفاضات ما سمي بـ"الربيع العربي"، الذي انطلق العام 2011.
حل الأزمة في شمال
مالي، وكذلك في
ليبيا، كانتا من أبرز الأزمات التي حضرت فيها الجزائر كوسيط هام خلال العام، بجانب تواجدها في النقاش حول جهود مكافحة الإرهاب.
إذ بلغت الوساطة، التي تقودها الجزائر، بشأن أزمة شمال مالي، مرحلتها النهائية بعد إعداد مشروع اتفاق سلام بين حكومة باماكو والحركات المتمردة في الشمال سيتم حسمه مطلع العام 2015 بعد استئناف المفاوضات بين الطرفين.
وكان دخول الجزائر كوسيط في هذه الأزمة مطلع العام 2014 عندما زار الرئيس المالي بوبكر كايتا الجزائر، وطلب من نظيره الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، المساهمة في حل هذه الأزمة، حسب بيان للرئاسة الجزائرية حينها.
وانطلق مسار مفاوضات السلام بالجزائر منذ شهر تموز/ يوليو الماضي في أربع جولات بين حكومة باماكو وست حركات عسكرية في الشمال هي: "الحركة الوطنية لتحرير أزواد"، و"المجلس الأعلى لوحدة أزواد"، و"الحركة العربية الأزوادية"، "الحركة العربية للأزواد" (منشقة عن الحركة الأم)، و"التنسيقية من أجل شعب الأزواد"، و"تنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة".
ويضم فريق الوساطة الدولية، كلا من بعثة الأمم المتحدة في مالي والاتحاد الافريقي والمجموعة الاقتصادية لتنمية غرب أفريقيا، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وبوركينا فاسو، وموريتانيا، والنيجر، ونيجيريا، والتشاد، بقيادة الجزائر.
مساعي حل الأزمة الليبية شهدت، أيضا، حضورا كبيرا للدولة الجزائرية، حيث قامت خلال الأشهر الأخيرة من عام 2014 بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بجهود لجمع فرقاء الأزمة على طاولة الحوار.
ونهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أكد وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، أن الجهود، التي تبذلها بلاده لإطلاق حوار بين الفرقاء في ليبيا، حققت تقدمًا، لكن الأمر يتطلب وقتا بفعل تعقد الأزمة.
وصرح لعمامرة للإذاعة الحكومية بأن "الدبلوماسية الجزائرية تواصل الجهود التي تبذلها للم الفرقاء في ليبيا كما هي بصدد الفعل فيما يخص مالي، وهو أمر يتطلب وقتا كبيرا حيث إن الأمور جد معقدة إذ يتطلب الأمر تقارب وجهات النظر وهو ليس بالأمر الهيّن".
وتقوم الجزائر حاليا بتحركات دبلوماسية غير معلنة وثانية من خلال ما يسمى بـ"تجمع دول جوار ليبيا"، وثالثة من خلال التنسيق مع الأمم المتحدة لدفع جهود الحوار في جارتها الشرقية.
وكانت التحركات الدبلوماسية الجزائرية بشأن أزمات المنطقة إلى جانب دورها كدولة محورية في مكافحة الإرهاب منذ سنوات وراء تحولها إلى مركز لحراك دبلوماسي كثيف خلال هذا العام تجسد في زيارة لعشرات رؤساء الحكومات والوزراء والمبعوثين الغربيين والعرب.
كما زار الجزائر خلال هذه المرحلة عدة قادة في مقدمتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم 19 تشرين الثاني/ نوفمبرالماضي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نهاية حزيران/ يونيو الماضي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مطلع نيسان/ أبريل الماضي، والذي تزامنت زيارته مع تواجد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالجزائر إلى جانب رئيس حكومة التوافق التونسية مهدي جمعة الذي كانت الجزائر أول محطة خارجية له بعد تعيينه مطلع شباط/ فبراير الماضي.
وتناولت هذه الزيارات في مجملها، إلى جانب العلاقات الثنائية، قضايا المنطقة وفي مقدمتها الأزمتين الليبية والمالية، وتردي الوضع الأمني، كما تشير البيانات والتصريحات التي صدرت خلالها.
وكانت سنة 2014 نقطة تحول كبيرة في الحضور الدبلوماسي للجزائر التي كانت في شبه عزلة دولية مع اندلاع موجة ما سمي "الربيع العربي" مطلع العام 2011 بسبب مواقفها المتحفظة على مسار هذه الانتفاضات في دول الجوار.
وردد المسؤولون الجزائريون، وفي مقدمتهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، طيلة فترة انتفاضات "الربيع العربي" تصريحات اعتبرت "تدخلا في الشؤون الداخلية" للدول التي شهدت هذه الانتفاضات، ودعما للأنظمة "القمعية" فيها.
وكان عمر غول، وزير النقل الجزائري الحالي، صرح نهاية 2013 مخاطبا الشعوب والأنظمة العربية التي شهدت انتفاضات، تبعتها موجات من الإضراب الأمني وعدم الاستقرار السياسي، "لو سمعتم بالأمس للجزائر لربحتم الكثير من الوقت وحقنتم الدماء وعززتم سلامة الأوطان".