تساءلت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" عن الأثر الذي سيتركه إلقاء القبض على الطيار الأردني
معاذ الكساسبة على وضع الأردن في المعركة التي تقودها الولايات المتحدة ضد
تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
وتقول الصحيفة إن الطريقة التي تم فيها إلقاء القبض على الكساسبة أجبرت المسؤولين للدفاع عن دور الأردن في
التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والتفكير بالإفراج عن أكثر المعتقلين
الإرهابيين لعنة في السجون الأردنية.
ويشير التقرير إلى أن الحكومة الأردنية ظلت ملتزمة بالصمت حول وضع الملازم معاذ، الذي تحطمت طائرته أثناء مهمة عسكرية فوق الأراضي التابعة لتنظيم الدولة في مدينة الرقة، عاصمة "الخلافة" يوم الأربعاء.
وتستدرك الصحيفة بأن المطلعين يقولون إن القاء القبض على الكساسبة أدخل الملك عبدالله الثاني وحكومته في "أزمة"، حيث تحاول عمان البحث عن طرق لإعادة الطيار سالما، وتبرير دور الأردن في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية للمواطنين المشككين والمنقسمين حول مشاركته.
ويبين التقرير أنه إلى الآن لم يتقدم تنظيم الدولة الإسلامية بمطالب لمبادلة الكساسبة، الذي يعد أول طيار يقع في يد مقاتلي تنظيم الدولة منذ بداية الغارات الجوية الأمريكية على مواقعه في العراق وسوريا.
وتلفت الصحيفة إلى أن مصادر في الحكومة وتقارير صحافية قالت إن عمان فتحت سلسلة من المفاوضات مع الجهة التي تحتفظ بالكساسبة، عبر سلسلة من الوسطاء، بينهم قطر وتركيا والعشائر السنية.
وتجد "ساينس مونيتور" أنه بالنسبة للأردن فالطلب الذي قدمه التنظيم باهظ، وبحسب محمد الشلبي، أحد منظري الحركة السلفية الجهادية التي تحتفظ باتصالات مع تنظيم الدولة الإسلامية، فقد طلب الأخير الإفراج عن زياد الكربولي وساجدة الريشاوي، اللذين خططا لهجمات عمان 2005.
ويذكر التقرير أن محكمة أردنية كانت قد حكمت بإعدام ساجدة الريشاوي عام 2006 لدورها في التفجيرات، التي أدت لمقتل 60 شخصا وجرح 150، كان معظمهم ضيوفا على حفلة زواج عقدت في قاعدة الفندق الذي استهدف. وتم تعليق حكم الإعدام منذ عام 2007، حيث يقوم الأردن بمراجعة قانون حكم الإعدام.
ويكشف التقرير عن خشية المسؤولين الأردنيين من مبادلة الإرهابيين، لئلا توصل الرسالة الخطأ، خاصة أن الأردن يقدم نفسه باعتباره في مقدمة الدول التي تحارب الإرهاب والتشدد في المنطقة، ولديه سياسة بعدم التحاور مع الإرهاب.
وترى الصحيفة أن فشل الحكومة الأردنية بتأمين الإفراج عن الكساسبة سيخسرها أمرا هي بحاجة إليه، وهو الدعم الشعبي المطلوب للمشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم الإسلامية.
ويفيد التقرير أن الأردن برز واحدا من الدول القائدة في التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، وتقوم المقاتلات الأردنية بطلعات جوية شبه يومية في سوريا، وتستخدم المقاتلات البريطانية والفرنسية قواعدها الجوية في شرق البلاد للقيام بمهام عسكرية ضد تنظيم الدولة في العراق.
وتبين الصحيفة أن مشاركة الأردن في الحرب ضد تنظيم الدولة تعد أمرا مثيرا للجدل، فبحسب استطلاع أظهر أغلبية طفيفة تدعم المشاركة، فيما ترى نسبة 40% أن تنظيم الدولة الإسلامية هو قوة سنية شرعية. واستنكرت جماعة الإخوان المسلمين، كبرى أحزاب المعارضة، وكذلك أئمة يعملون في الحكومة، الغارات الجوية ووصفوها بالحرب على الإسلام.
ويوضح التقرير أنه بعد ساعات من القبض على الكساسبة بدأ الأردنيون يعبرون عن حزنهم وقلقهم، وأطلقوا حملات على التويتر وإنستغرام وفيسبوك "هاشتاغ كلنا معاذ"، ودعوا الحكومة للتأكد من عودته سالما. ويخشى المسؤولون الأردنيون من تحول الحزن إلى موجة من الغضب في حال فشلت عمان بتأمين عودته.
وتختم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن الحكومة تفكر بإرسال قوات خاصة للرقة لإنقاذ الكساسبة كخيار ثان، وإذا طال أمد الأزمة ولم يعد الطيار فإن خيارات الأردن تنفد.