علقت صحيفة "التايمز" البريطانية على حادث سقوط مقاتلة أردنية في معقل
تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة، وإلقاء التنظيم القبض على طيارها الملازم أول
معاذ الكساسبة (27 عاماً)، بأنه كابوس يحاول الأردن، الذي يعد حليفاً للغرب في الحرب على تنظيم الدولة، الخروج منه.
وتشير الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي تعهد فيه الأردن بعمل كل شيء من أجل تحرير الكساسبة، إلا أن الصورة التي نشرها التنظيم للملازم، الذي يبدو خائفاً ومحاطاً بمقاتلين ملتحين يقودونه إلى مكان مجهول، تعد انتصاراً إعلامياً للتنظيم، إن لم يكن الانتصار الإعلامي الأكبر منذ بداية الحرب الدولية ضده في آب/ أغسطس.
ويضيف التقرير بأن القبض على الكساسبة يعد أكبر نكسة يتعرض لها
التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وتذكر "التايمز" أن سقوط المقاتلة الأردنية "إف-16" أثار المخاوف من إمكانية تعرض الطيارين الأمريكيين والبريطانيين، الذين يقومون بمهام عسكرية فوق سوريا والعراق لمصير مماثل لمصير الكساسبة.
ويفيد التقرير أنه رغم تأكيد الجهاديين أن المقاتلة أسقطت نتيجة إطلاقهم صاروخاً، إلا أن الإدارة الأمريكية شككت في روايتهم، وقالت إنها تبحث عن معلومات جديدة حول ظروف سقوط
الطائرة واعتقال طيارها.
وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي رقص فيه المعسكر الجهادي فرحاً بالإنجاز العظيم، والجدل الذي تسبب به في صفوف السلفية الجهادية الأردنية حول مبادلته بأسرى معتقلين لدى الحكومة الأردنية، وجه سيف الكساسبة والد الطيار نداء لتنظيم الدولة الإسلامية وقال "لا أريد الحديث عن معاذ كونه رهينة، بل هو ضيف بين إخواننا السوريين في الدولة الإسلامية، وأطلب منهم معاملته بطريقة جيدة".
ويلفت التقرير إلى أن الحكومة الأردنية قالت في البداية إن الطائرة تعرضت لإطلاق نار من جانب التنظيم، لكنها تراجعت بعد ذلك عندما قال المسؤولون الأمريكيون إنهم يعتقدون أن الحادث تسبب به خلل فني أو خطأ ارتكبه الطيار أو بسبب الظروف الجوية.
وحتى هذا اليوم شنت قوات التحالف الغربي 830 غارة على تنظيم الدولة في العراق وسوريا، منها 590 في سوريا.
وتلاحظ الصحيفة أن رد الولايات المتحدة على مزاعم تنظيم الدولة بأنه أسقط الطائرة كان سريعاً. وأصدرت القيادة المركزية بياناً جاء فيه "تشير الأدلة الأولية إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية لم يسقط الطائرة". وقال الجنرال لويد أوستن إن الولايات المتحدة "لن تتسامج مع محاولات التنظيم لإساءة تفسير، أو استغلال حادث مؤسف لتحطم طائرة".
وترى الصحيفة أن خسارة الطيار والطائرة تزيد من الضغوط المحلية على الحكومة الأردنية، التي تعد من أشد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. وكان الأردن واضحاً في مطالبه لضرب تنظيم الدولة. ومع ذلك يتعرض لمخاطر تأثير التنظيم بسبب التعاطف المحلي معه، في الوقت الذي يواجه فيه الأردن تداعيات الحرب الأهلية السورية التي دفعت إليه بمئات الآلاف من اللاجئين السوريين والعراقيين.
وأشارت الصحيفة لافتتاحية صحيفة "الرأي" الأردنية التي تمثل الحكومة، وأكدت فيها ثقتها بقدرة الحكومة على الإفراج عن الطيار، وأنه "لن ينسى". وكان الملك عبدالله الثاني من بين من زار والد الطيار. وقال جواد الكساسبة، شقيق معاذ، في تصريحات لمحطة إذاعية محلية، إن شقيقه متدين، وكان ينفذ الأوامر ويحمل في جيبه نسخة من القرآن الكريم.
وينقل التقرير عن ناشطين في الرقة قولهم، إن التنظيم الجهادي الذي قتل المئات من أسرى الحرب وعدداً من الرهائن الأجانب، منقسم حول مصير الطيار، حيث يطالب المقاتلون الأجانب المعروفون بتشددهم بقتله، فيما يريد الآخرون الحفاظ على حياته.
وتجد الصحيفة أنه رغم تفاخر التنظيم بالنجاح الذي حققه، لكنه لا يملك سوى أجوبة قليلة أمام دقة وتقدم الطائرات الغربية التي تقوم بغارات دورية على مواقع تابعة له في سوريا.
وتذكر "التايمز" أن المقاتلين قد سيطروا على كميات كبيرة من العتاد العسكري المتقدم، سواء من الجيش السوري أم العراقي، الذي انهار في الموصل عندما دخلها المقاتلون في حزيران/ يونيو. وشوهدت لدى المقاتلين صواريخ روسية الصنع من نوع "أس إي-18"، التي تمثل تهديداً متواضعاً وليس كبيراً للمقاتلات المتقدمة.
ويظهر التقرير أن مقاتلي التنظيم نشروا صور الطيار وهو محاط بالمقاتلين، وكان الدم ينزف من شفته، ولا يلبس سوى قميصه الداخلي، وفي صور أخرى بدا المقاتلون ساجدين ويشكرون الله على هذه الهدية. كما نشرت صورا إلى جانب الطائرة، وأخرى لمقاتلين يحملون وثائق تعود للطيار.
وتتوقع الصحيفة قيام القوات الأمريكية الخاصة بعمليات تفتيش واسعة عن الطيار، وباستخدام طائرة التجسس "في-22 أوسبري"، التي يمكنها الهبوط والإقلاع عمودياً مثل طائرة الهيلوكوبتر. ولكن الرقة تظل بعيدة مئات الأميال عن الحدود العراقية، ولا توجد أدلة عن عملية للقوات الخاصة.
وتعرض الصحيفة وجهة نظر الخبراء في الطيران الحربي، الذين يرون أن الأسطول الجوي الأردني يتكون معظمه من مقاتلات "إف-16"، وعمر معظمها 30 عاماً أو أقل، وربما أدى خلل فني في الطائرة لهبوطها الاضطراري.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن تقارير توقعت إمكانية مبادلة الطيار بالسجينة المحكوم عليها بالإعدام ساجدة الريشاوي، التي فشلت في تفجير نفسها عام 2005، في المهمة التي وكلها بها زعيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي.