قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأميركية إن العشائر السنية تدفع ثمنا باهظا؛ بسبب انضمامها للتحالف المعارض لتنظيم الدولة الإسلامية.
ويشير تقرير أعده سكوت بيترسون إلى ما تعرضت له عشيرة
البونمر، التي تغلب عليها مقاتلو
تنظيم الدولة، وخسرت
قبائل البونمر 15 قرية، حيث لم تتلق دعما من الحكومة
العراقية أو الأميركية.
ويبين التقرير أن عدد القتلى من أبناء القبيلة وصل 744 شخصا هذا العام، بينهم 500 ذبحهم مقاتلو تنظيم الدولة في تشرين الأول والثاني/ أكتوبر ونوفمبر. وكانت المذابح التي ارتكبها التنظيم رسالة للقبائل السنية المحاصرة وقادتها، أن من يتجرأ على مواجهة جهاديي تنظيم الدولة فسيلقى المصير ذاته.
وتذكر الصحيفة أن الشيخ نعيم القعود، أحد مشايخ البونمر، تلقى رسالة نصية جاء فيها "سنرفع راياتنا فوق أنوفكم". وتواجه القبائل السنية في الأنبار معضلة إما الوقوف مع تنظيم الدولة أو ضده، وأدى القتل الى إثارة النعرات القبلية، ويهدد بتمزيق النسيج القبلي، الذي ظل متماسكا رغم سنوات من الاحتلال الأميركي، والتهميش الذي مارسته الحكومة الطائفية في بغداد عليهم.
وتنقل الصحيفة عن قادة القبائل قولهم إن استفزازات تنظيم الدولة تقوم بإضعاف قدرة أي قبيلة للقتال. ويعتمد التنظيم على خلايا نائمة، وعمليات تطهير منظمة للجماعات التي تعارضه في داخل القبيلة الواحدة.
ويلفت التقرير إلى أن هذا خلق وضعا صعبا أمام القبيلة لمواجهته، أكثر مما كان عليه في وقت مواجهة تنظيم
القاعدة في بلاد الرافدين، في الفترة ما بين 2006- 2008، عندما واجهت القبائل مقاتلي القاعدة وما عرفت بالصحوات المدعومة أميركيا.
ويقول القعود في تصريحات للصحيفة "ينظر لنا تنظيم الدولة وكأننا عملاء للأميركيين وهذا بسبب رفضنا للإرهابيين"، مضيفا "ننزف يوميا ونموت ونحتاج للسلاح، وفي حالة لم يتوفر الدعم العسكري لنا فسنتوقف عن مواجهة تنظيم الدولة، ولا نملك سلاحا كي نخوض معركة مقبلة، ونعاني من نقص في المواد الغذائية أيضا".
ويورد التقرير تأكيد الولايات المتحدة أن الغارات الجوية أبطأت من تقدم التنظيم. ويقول القعود إن غارات أميركية قتلت يوم الخميس عشرة من مقاتلي داعش، بينهم قائد. ولكن الغارات الجوية لم تكن كافية لمنع وقوع القرى في يد التنظيم، أو حماية 40 من أبناء القبيلة، الذين ألقى مقاتلو التنظيم القبض عليهم، وهناك مخاوف من إعدامهم، كما يقول القعود. مبينا أن محاولة حشد دعم حكومة حيدر العبادي لم يثمر سوى "وعود".
وتفيد الصحيفة أن القبائل شكلت تحالفا قبيليا للثأر لقتلى البونمر، وذلك حسب جبار الفهداوي، شيخ قبيلة الفهد. وقال الشيخ إن "التحالف هو معركة وجود، معركة حياة أو موت"، مشيرا إلى أن "الناس الذين لا يزالون يقاتلون فقدوا أبناءهم وآباءهم وأعمامهم وأبناء عمومتهم، ولهذا يواصلون القتال".
ويضيف الفهداوي للصحيفة أن "قتل البونمر ما هو إلا رسالة لبقية القبائل وتعني: إن واصلتم القتال فسنفعل بكم كما فعلنا بغيركم، وحتى عندما يستسلم مقاتلو التنظيم، فإننا نقوم بقتلهم لإرسال رسالة للتنظيم أننا لن نتهاون".
ويبين الفهداوي أن تنظيم الدولة يخسر منذ تشرين الثاني/ نوفمبر على يد التحالف القبلي عشرة مقاتلين في اليوم، وأحيانا ما بين 50-100 في المعارك. وخزن الفهداوي على هاتفه النقال عددا من الصور، التي قال إنها لجثث قتلى التنظيم، منها جثة شخص بملامح آسيوية. ويعلق الشيخ "لقد أرسلناه للصين"، بحسب الصحيفة.
ويجد بيترسون أنه مع ذلك تظل المعركة ضد تنظيم الدولة اليوم أصعب من تلك التي خاضتها الصحوات ضد تنظيم القاعدة، ففي ذلك الوقت كان معظم المقاتلين من غير العراقيين يخوضون جهادا ضد الولايات المتحدة. واستطاعت القبائل الحصول على دعم أميركي، عسكري ومالي لمواجهة الممارسات القاسية التي قامت بها القاعدة في مناطق
السنة.
ويتابع الكاتب أن تنظيم الدولة يملك اليوم ترسانة كبيرة، مدرعات وعربات وأسلحة ثقيلة غنمها من القواعد العسكرية التابعة للجيش العراقي، كما يقاتل في صفوف التنظيم العديد من أبناء السنة، الذين تضرروا بسبب سياسات نوري المالكي الطائفية.
ويؤكد التقرير أن القبائل تواجه مشكلة نقص في التسليح، يقول القعود "سلاحنا الرئيسي هو بندقية (إي كي-47)، وهي لا تنفع في المعارك"، مضيفا "لا تريد الحكومة دعمنا، وتقول إن الأسلحة قد تصل إلى تنظيم الدولة، ولكن التنظيم هذا لا يريد أسلحة؛ لأنه يملك ترسانة أكبر".
ويختم بيترسون تقريره بالإشارة إلى أن هناك خلايا نائمة بين القبائل ساعدت التنظيم على جمع بيانات، وهو ما ساعد مقاتليه على إجراء فحص سريع، هو الكشف عن هوية من يمر على نقاط التفتيش الواقعة تحت سيطرته.