كتب كيم سينغوبتا في صحيفة "إندبندنت" أنه من الغريب أن تكون الشرطة تعرف عن مشتبه به بالإرهاب وسوابقه، فالإرهابي الذي سيطر على مقهى في مركز "مارتن بليس" في سيدني، وشل الحركة التجارية في العاصمة، التي تعد من أكثر المدن هدوءا، أثار تساؤلات حول قدرته، وكُشف أنه كان عرافا، ويدعي امتلاك القوى الروحانية، وله سوابق إجرامية وعلاقة بمقتل زوجته.
ويشير الكاتب إلى أن ما أثار المخاوف هو عودة "الذئب الوحيد"، وهو الشخص الذي يتصرف بطريقة فردية مدفوعا بدوافع سياسية أو دينية، دون أن يتلقى الأوامر من شبكات إرهابية. مع أن هارون مؤنس، الإيراني الأصل كان، كما قالت بعض وسائل الإعلام، يرفع علما أسود، فُسر أنه علم
تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن العلم مضلل ولا علاقة له بتنظيم الدولة.
وتبين الصحيفة أنه ورغم هذا فعمل مؤنس يتفق مع عدد من الأفعال التي يقوم بها أفراد، مدفوعين بمشاكل شخصية أو تخيلات، مثل ما حدث في النرويج وبلجيكا وكندا، ويوم أمس قي
أستراليا. ويشبه ما قام به
مونيس قيام متشددين إسلاميين بقتل جندي بريطاني يدعى لي ريغبي في شوارع لندن، وماراثون بوسطن، الذي اتهم فيه شقيقان من الشيشان، وإطلاق النار على متحف يهودي في بروكسل، ونفذه جهادي فرنسي.
ويقول سينغوبتا إن عدد هذه الهجمات في ارتفاع مستمر، إلا أن الظاهرة ليست جديدة، وإن المسؤولين عنها ليسوا دائما من المتطرفين المسلمين، ففي بريطانيا مثلا، قتل النازي الجديد ديفيد كوبلاند ثلاثة أشخاص، وجرح 129 عام 1999 في سلسلة من القنابل البدائية. وقبله بسبع سنوات قام ألن مور بقتل ثلاثة من الكاثوليك، قبل أن يصوب البندقية على رأسه في بلفاست.
ويوضح الكاتب أن من أكبر الهجمات الفردية التي أدت لمذبحة كبيرة، ما قام به تيموتي ماكفي عام 1995، حيث قتل 168 شخصا في هجوم على مبنى حكومي في أوكلاهوما. وأندريه بريفك النرويجي، الذي هاجم طلاب مدرسة في جزيرة سياحية عام 2011 وقتل 77 منهم.
ويرى سينغوبتا أن الفرق بين هذه الهجمات والظاهرة الجديدة هو الكفاءة، وعدد الحالات التي ينعت فيها أشخاص أنفسهم بالجهاديين، ويقومون بعمليات ضد "الكفار" في بلد يعيشون فيها. فمؤنس هو إيراني، شيعي المذهب، والجماعات التي تقوم بالتحريض على العنف هي في معظمها سنية اليوم.
ويجد الكاتب أن الزعم الذي يقول إن مؤنس رفع علم تنظيم الدولة الإسلامية على نافذة المقهى يبدو غريبا؛ لأن التنظيم يخوض حملة ضد الحكومة، التي يتسيدها الشيعة في العراق وسوريا، وكل ما قاله في الفترة الأخيرة إنه "رافضي"، ولم يقل أكثر من هذا.
ويشير التقرير إلى أنور العولقي، الذي عرف عند البعض باسم "بن لادن الإنترنت"، وكان أول داعية جهادي يستلهم منه الطامحون بالجهاد أفعالهم وهم جالسون في غرف نومهم. وكان ناجحا في مهمته قبل أن يقتله الأميركيون وابنه في غارة جنوب اليمن. وطلب تنظيم الدولة الإسلامية من الأفراد عمل الأمر نفسه، واستثمر التغطية الإعلامية الواسعة التي حققها من أشرطة فيديو قطع فيها رؤوس الرهائن الأجانب. وكما تشير حملة الاعتقالات في الدول الغربية فهناك عدد من الأمثلة القليلة، حاول فيها البعض الخطف والقتل في المدن الغربية.
وتذكر الصحيفة أن القوى الأمنية في الدول الغربية تواجه مهمة صعبة في تحديد وإحباط أعمال كهذه، عدا ملاحقتها للمشتبه بهم بالتورط والارتباط بأعمال إرهابية.
وتلفت "إندبندنت" إلى أنه في حالة مايكل إديبولاجا ومايكل اديبولا، عرفت
المخابرات الداخلية "إم إي فايف"، والخارجية "إم إي-6" بنشاطاتهما، ولكنها لم تر خطرا فيما يقومان به. وهو الحال نفسه الذي برز في نشاطات عدد متزايد من الإسلاميين، الذين تقول المخابرات إنها لا تملك معلومات عنها.
ويفيد التقرير أنه في الحالة الأسترالية أرسل مؤنس رسائل كراهية لعائلات الجنود الأستراليين الذين قتلوا في أفغانستان، وعلمت الشرطة عن نشاطاته من خلال عدد من الأشكال الإجرامية، وكان إديبولاجا تاجر مخدرات، ورشيد رؤوف، الذي خطط لتفجير طائرات فوق الأطلنطي، كان مطلوبا من شرطة "ويست ميدلاند" بتهمة قتل عمه في بيرمنجهام.
ويخلص الكاتب إلى أنه في الوقت الذي انتهى فيه حصار سيدني بمارتن بليس سريعا، إذ لم يستغرق دقائق، وبقتلى أقل، لكن الشرطة لديها الكثير من الأسئلة لتجيب عليها، فيما ستواصل القوى الأمنية حول العالم البحث عن طرق لاكتشاف ومواجهة من يطلق عليهم "الذئب الوحيد".