تحدثت صحيفة "فايننشال تايمز" عن معاناة
السنة في
إيران الشيعية. ونقلت عن حسن أميني، أحد علماء الدين المعارضين، الذي يعيش في مناطق الأكراد من البلاد، قوله إن صلاة الجمعة تذكير دائم بالإهانة التي يتعرض لها السنة في إيران، والمفروض عليهم الاستماع إلى الخطب والدروس الدينية التي يلقيها الأئمة الذين يفرضهم الحكام من طهران، وهو تذكير بأن السنة لا يمكنهم اختيار قادتهم الدينيين أو إدارة مدارسهم الدينية.
وفي التقرير الذي أعدته نجمة بوزرغمير قالت إن الدستور الإيراني وإن كفل الحريات وفرص العمل المتساوية وحرية الممارسة الدينية للأديان المعترف بها كلها في إيران، إلا أن السنة يقولون إنهم محرومون من حقوقهم، حيث لا يستطيعون اختيار أئمة المساجد، وليس لهم مسجد لخدمة مئات الآلاف من السنة ممن يعيشون في العاصمة طهران، وعليهم اتباع التقويم الشيعي في الاحتفالات، الذي يختلف عن تقويم السنة، مما يعقد عليهم القيام باحتفالاتهم.
ويشير التقرير إلى أن عدد السكان السنة في إيران يقدر بحوالي عشرة ملايين نسمة، ويتبعون مدرسة معتدلة في التفكير الإسلامي، إلا أن التفرقة والتمييز ضدهم يدفعهم نحو المعارضة والتعبير عن سخطهم. ويضاف إلى هذا أن أبناءهم أضحوا نتيجة لعنف الدولة عليهم، فريسة للجماعات المتشددة مثل
الدولة الإسلامية في العراق والشام.
وتبين الصحيفة أن تنظيم الدولة الإسلامية الذي اجتاح كلاً من سوريا والعراق قد جذب آلاف الشبان المسلمين الذين جاءوا من أنحاء العالم كله. وهناك تقارير تقول إن بعض أتباع الدولة قد اعتقلوا أو أعدموا بعد سجنهم في إيران.
ويذكر التقرير أن أميني (68 عاماً) قضى ثلاثة أعوام في السجن في الثمانينيات من القرن الماضي بعد تمرده على الساسة
الشيعة، ولكنه يرفض التقارير الحكومية عن وصول الدولة الإسلامية إلى مناطق السنة، حيث يقول: "تنظيم الدولة لا قاعدة شعبية له في إيران". وأكد الشيخ أميني أن الدولة الإسلامية لا أتباع لها في كردستان الإيرانية، رغم أن نسبة 90% من السكان هم سنة ويعانون من اضطهاد بسبب طائفتهم ولكونهم أكراداً. ونفى الشيخ التقارير التي تقول إن أتباع الدولة يتجمعون في مسجد بسنانداج، عاصمة الإقليم.
وأكد قائلاٍ: "هذا غير صحيح"، مضيفاً "هناك 250 مسجداً سنياً في سنانداج، حتى لو تجمع متشددون سنة في المسجد فلا حاجة للقلق؛ لأنها قد تكون إشارة عن حالة إحباط من الشباب السني بسببب التمييز الذين يعانون منه"، بحسب الصحيفة.
ويحذر أميني قائلاً: "تنظيم الدولة الإسلامية هو نتيجة للظلم الذي تعرض له السنة، وعندما يكون هناك ظلم تكون انتفاضة".
وكان علي شمخاني، أحد المسؤولين الأمنيين الكبار في إيران، قد أكد في تصريحات سابقة للصحيفة أنه تم اعتقال 22 سنياً قبل اجتيازهم الحدود، حيث كانوا في طريقهم للانضمام إلى الدولة الإسلامية، وأن المتشددين السنة رفعوا أعلام الدولة في قرية تقع غرب إيران. ولكنه أكد أن لا علاقة بين "تنظيم الدولة والسنة في إيران"، وأضاف أن الجماعة المتشددة لم تكن قادرة على تجنيد مقاتلين من إيران.
وينقل التقرير عن محللين قولهم إن الدولة الإسلامية لن تستطيع تجنيد مقاتلين من أبناء السنة في إيران؛ نظراً لاتباع المسلمين هناك التفسير المعتدل للدين، ورغم وجود بعض التجمعات في سيستان- بلوشستان ممن تتبع تفسيراً محافظاً قريباً من التفسير السلفي المتبع في السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.
وتلفت الصحيفة إلى أن الإقليم يعد مركزاً للتمرد، حيث شهد سلسلة من الكمائن والاختطاف، التي قتلت مدنيين وعملاء للأمن. وقتل ثلاثة من مقاتلي الحرس الثوري في الإقليم نهاية الأسبوع، حيث حملت وكالة "فارس" للأنباء العصابات المسلحة المسؤولية.
ونقلت عن الجلال جافمي، وهو ناشط في حقوق الإنسان قوله إن "السنة المتطرفين لا يمكنهم التأثير على المجتمع الإيراني، لكنهم خطر من ناحية قيام بعضهم بعمليات انتحارية حتى لو كان عددهم قليلاً، مما سيجعل المدينة غير آمنة".
وتجد بوزرغمير أن النظام الإيراني لا يتسامح مع مطالب السنة بحقوق الإنسان، وهناك حوالي مئة من الناشطين الذين احتجوا على استمرار تنفيذ الإعدامات قابعون في السجون.
ويوضح التقرير أنه حتى السياسيون المعتدلون لم يستطيعوا تغيير هذه السياسة التمييزية، فلم يكن حسن روحاني قادراً على تعيين محافظ كردي لإقليم كردستان، رغم وعوده الانتخابية.
وتفيد الصحيفة أنه عندما قام وزير النفط باجان نامدار زنغني، وهو كردي شيعي، بتعيين عماد حسيني، وهو كردي سني، نائباً له لشؤون الهندسة، عبرت قيادات دينية عن دهشتها، خاصة في مدينة قم. ويرى السنة أن التعيين لا يساوي شيئاً، خاصة أن النظام لا يثق بهم؛ نظراً لطائفتهم وليس لعرقهم.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول أميني "سنكون سعداء حتى لو طبق القانون الحالي رغم ما فيه من جوانب قصور"، مبيناً "لا نحمل ضغينة ضد أحد، لكننا لن نجلس هادئين أمام الظلم".