قضت محكمة النقض المصرية، الثلاثاء، إلغاء حكم بالسجن ثلاث سنوات صدر بحق الرئيس السابق حسني مبارك في قضية استيلاء على أموال عامة وبإعادة محاكمته في هذه القضية المعروفة بـ"قضية القصور الرئاسية".
وكانت محكمة جنايات القاهرة برّأت مبارك في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي من اتهامات بالتورط في قتل متظاهرين إبان الثورة التي أطاحت بحكمه في عام 2011، ملغية الحكم بالسجن مدى الحياة الصادر بحقه في هذه القضية، غير أن مبارك بقي معتقلا في مستشفى عسكري في القاهرة، في سياق محاكمته في قضية الفساد.
مبارك يبقى في السجن
وقالت وسائل الإعلام الرسمية، نقلا عن مصادر أمنية في وزارة الداخلية، إن قرار محكمة النقض بإعادة محاكمة مبارك في قضية القصور الرئاسية "لا يعني الإفراج عنه على الفور".
وأفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط والتلفزيون الرسمي أنه "لن يتم إخلاء سبيل مبارك ونجليه، نظرا لأنه تمت إحالتهم إلى المحكمة محبوسين، وأن قرار محكمة النقض لم يشمل إخلاء سبيلهم (...) وسيكون قرار إخلاء سبيلهم بأيدي النيابة العامة، أو الدائرة الجديدة التي ستنظر القضية".
وأعلنت محكمة النقض، صباح الثلاثاء، إلغاء حكم صادر في أيار/ مايو 2013، بسجن مبارك ثلاث سنوات بتهمة اختلاس أكثر من عشرة ملايين دولار من الأموال العامة المخصصة لصيانة قصوره الرئاسية. وأمرت بإعادة محاكمته.
كما أنها ألغت الحكم على نجلي مبارك، علاء وجمال بالسجن أربع سنوات في القضية ذاتها.
وقال محامي مبارك (86 عاما)، فريد الديب، في قاعة المحكمة، إن موكله "أنهى قبل عشرة أيام" حكم السجن ثلاث سنوات، لكنه "يبقى في مستشفى المعادي (العسكري في القاهرة) وسيظل هناك"، لأنه يعاني من متاعب صحية.
وقال جمال عيد المحامي الحقوقي، وهو رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان، إنه "بغض النظر عن رأيي في مبارك، من الناحية القانونية يجب إخلاء سبيله، لأنه أمضى عقوبة ثلاث سنوات أو قارب على إنهائها، وإذا ظل محبوسا فإن ذلك سيكون بسبب ضغوط سياسية".
وقبض على مبارك تمهيدا للتحقيق معه ومحاكمته في نيسان/ أبريل 2011، وظل منذ ذلك الحين محبوسا معظم الوقت، باستثناء عدة أشهر وضع خلالها قيد الإقامة الجبرية.
وفي قضية قتل المتظاهرين بين كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير 2011، التي بُرّئ منها، فإن النائب العام أعلن في 2 كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، أنه سيستأنف هذا الحكم أمام محكمة النقض، التي يتوجب عليها اتخاذ قرار إما بإعادة محاكمته أو بتأكيد إسقاط الاتهامات.
وأثار الحكم بتبرئة مبارك في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي غضبا في مصر، خصوصا في أوساط الشباب، عبّر عن نفسه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أن القائد العام السابق للجيش عبد الفتاح السيسي حينها، الذي انتخب بعد انقلاب الجيش على حكم الرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013 وقمع أنصاره بشكل دموي، اكتفى بالتأكيد عقب صدور هذا الحكم أنه "لا تعليق على أحكام القضاء" ولا تدخل فيها.
ووعد السيسي عقب تبرئة مبارك بإصدار قانون يجرّم الإساءة لثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، التي أطاحت بحكم مبارك، إلا أنه لم ينفذ هذا الوعد حتى الآن.
وتتهم منظمات حقوق الإنسان الدولية بشكل منتظم نظام السيسي بأنه أكثر قمعية وتسلطا من نظام مبارك، منذ انقلابه على حكم مرسي في الثالث من تموز/ يوليو 2013.
وامتدت حملة القمع بعد ذلك لتشمل الشباب المنتمين للمعارضة غير الإسلامية، الذين أطلقوا الثورة على مبارك، والذين تم حبس عشرات منهم منذ الانقلاب.
وسيبقى مبارك في الحبس في مستشفى عسكري بعد أن أصدرت محكمة النقض قرارها بإلغاء حكم بسجنه ثلاث سنوات، وبإعادة محاكمته في قضية إهدار مال عام، بحسب وسائل الإعلام الرسمية.