بتبنيه
الهجوم ضد صحيفة "شارلي إيبدو"
الباريسية الساخرة، أراد تنظيم
القاعدة بحسب الخبراء أن يثبت قدرته على توجيه ضربة في الصميم في الغرب، تعيده إلى الواجهة بعد تراجعه أمام غريمه تنظيم
الدولة الإسلامية.
وقال المحلل المتخصص في شؤون اليمن لوران بونفوا إن "الهجوم على شارلي إيبدو يعيد تنظيم القاعدة إلى الساحة في إطار
التنافس مع تنظيم الدولة الإسلامية".
وأكدت المخابرات الأمريكية صحة تبني التنظيم المتحصن في اليمن لهجوم باريس.
وشهد العام 2014 خلطا للأوراق وتراجعا كبيرا لزعامة تنظيم القاعدة للتيارات الجهادية في العالم، خصوصا في العراق وسوريا، مع بروز تنظيم الدولة الإسلامية وسيطرته على مساحات واسعة من البلدين.
ورجحت الكفة لصالح تنظيم الدولة الإسلامية بعد معارك دامية مع مقاتلي جبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا.
إلا أن شبكة القاعدة التي يتزعمها على المستوى العالمي أيمن الظواهري منذ مقتل مؤسسها أسامة بن لادن في 2011، ظلت قوية وخطيرة في اليمن.
وبالرغم من الغارات المستمرة التي تشنها طائرات أمريكية من دون طيار ضدهم، فلا يزال قياديو تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب الذي تأسس في 2009 مع دمج الفرعين السعودي واليمني، يمثل تحديا لواشنطن. ويشكل مثالا على ذلك إحباط عملية نفذتها قوات أمريكية خاصة في كانون الأول/ ديسمبر لتحرير رهينتين، أمريكي وجنوب أفريقي. وانتهت العملية بموت الرهينتين.
ويرى الخبراء أن عملية باريس التي قضت على هيئة تحرير الصحيفة الفرنسية الساخرة في السابع من كانون الثاني/ يناير، تهدف إلى إعادة تعبئة المقاتلين واستقطاب جهاديين جدد واستعادة زمام المبادرة على جميع الأصعدة، بما في ذلك في مجال الدعاية.
وبعد الصعود القوي لتنظيم الدولة الإسلامية، يحاول تنظيم القاعدة بحسب أستاذ العلوم الإسلامية في جامعة تولوز ماتيو غيدير أن "يرد بعمليات شبيهة بتلك التي نفذها بين 2001 و2011".
واعتبر غيدير أن الهجوم على "شارلي إيبدو" هو "بروباغندا من خلال الفعل" هدفها إعادة جذب بعض الجهاديين الذين تركوا الشبكة وإعادة تعزيزها لا سيما وأن تنظيم الدولة الإسلامية "يشهد تراجعا جراء الضربات الدولية" التي يتلقاها في العراق وسوريا.
ولكن بونفوا يشير إلى أن "الإمكانات التي يملكها تنظيم الدولة الإسلامية أكبر من إمكانات القاعدة"، وإن كانت "القاعدة لا تزال تشكل تهديدا، وبخاصة أن المنافسة مع تنظيم الدولة الإسلامية يمكن أن تخلق سباقا بينهما".
من جانبها، ارتأت الخبيرة في شؤون اليمن آبريل لونغلي العاملة في مجموعة الأزمات الدولية (إنترناشنل كرايسس غروب)، أن "ضعف الدولة اليمنية" منذ سيطرة المسلحين الحوثيين الشيعة على العاصمة اليمنية صنعاء في أيلول/ سبتمبر "يمنح تنظيم القاعدة فرصا جديدة".
وأشارت لونغلي إلى أن رغبة تنظيم القاعدة في تصدر جبهة المواجهة مع المسلحين الحوثيين يتيح له ترويج خطاب "طائفي" و"اكتساب حلفاء جدد" في صفوف القبائل السنية، وذلك "ليس بدافع أيديولوجي بل في مواجهة عدو مشترك".
بدوره، رأى الأستاذ في جامعة العلوم السياسية في باريس جان بيان فيليو، أن الهجمات في باريس وقعت "مع اتساع المنافسة للاستقطاب والجذب داخل الأوساط الجهادية".
وبحسب فيليو، فإن "الرجل المحوري في هذه المؤامرة الكبيرة" هو بوبكر الحكيم، وهو جهادي فرنسي تونسي الأصل كان يقاتل منذ العام 2004 في صفوف القاعدة في العراق، وهو "الشخصية المرجعية" بالنسبة للأخوين كواشي اللذين نفذا الهجوم على "شارلي إيبدو"، ولم يتمكنا قط من الانضمام إليه في العراق.
تدرب الأخوان كواشي في العام 2011 لدى القاعدة في اليمن متأثرين بالإمام الأمريكي اليمني أنور العولقي الذي قتل في السنة نفسها في غارة لطائرة أمريكية من دون طيار، بحسب فيليو.
وقال الأستاذ الجامعي: "من الطبيعي إذن أن يعمل تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب على ضم عملهما إلى رصيده"، إلا أن بوبكر الحكيم المعروف باسم المقاتل، بات في الأثناء "كادرا محوريا في تنظيم الدولة الإسلامية"، وتبنى قتل السياسيين التونسيين العلمانيين شكري بلعيد ومحمد براهمي.
وقال فيليو: "نحن نشهد مزايدة بين تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية" الذي قال المهاجم الثالث في باريس أحمدي كوليبالي إنه ينتمي إليه. ونفذ كوليبالي عملية احتجاز رهائن دامية داخل متجر للمأكولات اليهودية في اليوم التالي من الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو".
غير أن تنظيم الدولة الإسلامية لم يتبن الهجوم الذي نفذه كوليبالي.
وبحسب ريتا كاتز، وهي من مؤسسي موقع "سايت"المتخصص في رصد النشاط الجهادي عبر الانترنت، فإن "تبني الهجوم (ضد صحيفة شارلي إيبدو) يمثل تبني أول هجوم ناجح لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب في الغرب بعد عدة محاولات باءت بالفشل"، مثل محاولة شاب نيجيري تفجير نفسه على متن طائرة متجهة إلى ديترويت الأمريكية يوم عيد الميلاد في 2009 أو عمليات إرسال طرود مفخخة إلى الولايات المتحدة في 2010.