استمرت المعارك العنيفة الأربعاء في شرق أوكرانيا الانفصالي في حين يلتقي في برلين وزراء خارجية روسيا وألمانيا وفرنسا وأوكرانيا في أجواء متوترة، خصوصا بسبب اتهامات كييف لموسكو بالتدخل العسكري المباشر على أراضيها.
وهذا التصعيد في العنف الذي بدأ قبل عشرة أيام بعد أسابيع من الهدوء النسبي، تضاف إليه مواجهة جيو-سياسية عن بعد بين موسكو وواشنطن.
ففي كلمته عن حالة الاتحاد في الكونغرس، أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه "لا يمكن للقوى العظمى أن تسيء معاملة البلدان الصغيرة" وأن روسيا "معزولة" أكثر من أي وقت مضى مع "اقتصاد في حالة يرثى له".
وردت روسيا باتهام واشنطن بالسعي إلى "الهيمنة على العالم"، إذ اتهمت الرئاسة الروسية واشنطن باستخدام النزاع الأوكراني لخنق" الاقتصاد الروسي و"الإطاحة" بالرئيس فلادمير بوتين.
وتشهد العلاقات الدبلوماسية بين أوكرانيا وحلفائها الغربيين (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي ..) من جهة، وروسيا من جهة أخرى، تدهورا غير مسبوق بعد إعلان سلطات كييف مساء الثلاثاء أن قواتها تعرضت لهجوم مباشر من جنود في الجيش الروسي في منطقة لوغانسك.
بدوره، قال حلف شمال الأطلسي الأربعاء إنه رصد زيادة في عدد الدبابات وقطع المدفعية ومعدات عسكرية أخرى ثقيلة تستخدمها القوات الروسية في شرق أوكرانيا، مجددا الدعوة لموسكو كي تسحب قواتها.
وقال الأمين العام للحلف ينس شتولتينبرج للصحفيين إن الحلف رصد قوات روسية في أوكرانيا لشهور، وزيادة في كمية المعدات في الآونة الأخيرة، ورفض ذكر أعداد محددة للقوات، بينما تنفي
روسيا أي وجود لقواتها في أوكرانيا.
وتعدّ هذه الاتهامات هي الأولى من نوعها منذ إبرام اتفاق مينسك في أيلول/ سبتمبر الذي أتاح إرساء وقف إطلاق نار تم انتهاكه بانتظام، بينما رد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "أين هي الأدلة؟" على اتهامات كييف.
وتحدث أندري ليسنكو المتحدث العسكري الأوكراني الثلاثاء عن "عدد كبير من الجنود الروس لا يحملون شارات" إضافة إلى عدد من الدبابات والعربات العسكرية.
وإزاء "تدهور الوضع" قرر الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو اختصار زيارته لسويسرا للمشاركة في منتدى دافوس الذي افتتح الأربعاء ليعود بعد الظهر إلى بلاده، قائلا قبل مغادرته المنتدى في دافوس (سويسرا): "يوجد أكثر من تسعة آلاف جندي من الاتحاد الروسي على أراضينا، مع أكثر من 500 دبابة وقطع مدفعية ثقيلة وآليات لنقل الجند".
وأدى النزاع في "جمهوريتي" لوغانسك ودونيتسك المعلنتين في جانب واحد، اللتين انفصلتا في نيسان/ أبريل الماضي عن أوكرانيا، إلى سقوط أكثر من 4800 قتيلا.
مؤتمر لمنع التصعيد
وإزاء خطورة الوضع يلتقي وزراء الخارجية الأوكراني والروسي والألماني والفرنسي مساء الأربعاء في برلين، لـ"منع تصعيد جديد في المواجهة العسكرية وتصعيد سياسي جديد بين كييف وموسكو"، بحسب ما أفاد وزير الخارجية الألماني فرنك فالتر شتايمنير.
ويحاول وزراء خارجية هذه البلدان منذ أسابيع معالجة الخلافات تمهيدا لعقد قمة سلام بناءة في كازاخستان بين الرئيسين بوتين وبورشنكو برعاية الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وفشل اجتماعهم الأخير في 12 كانون الثاني/ يناير في برلين، وأرجأت إلى أجل غير مسمى هذه القمة التي كانت مقررة في الأصل في 15 كانون الثاني/ يناير، وبدأت هذه المباحثات حول تطبيق اتفاق مينسك أشبه بحوار الصم، خصوصا بشأن سحب الأسلحة الثقيلة إلى "خط الفصل" بين المعسكرين.
وتريد كييف أن يكون هذا الخط مطابقا للمواقع أثناء توقيع اتفاق مينسك، لكن في الأثناء كسب المتمردون المزيد من الأراضي.
وقال لافروف الثلاثاء: "هناك أصلا اتفاق مع المليشيات لنقل الأسلحة الأثقل، ليس إلى الخط (الجبهة) الحالين بل إلى الخط الذي تريده كييف" مضيفا: "الآن على السلطات الأوكرانية أن تتحرك، "ليس من الصعب إبعاد الأسلحة الثقيلة".
من جهته، قال الرئيس الأوكراني في تصريحات إنه "للوصول إلى خفض التصعيد، لا بد من تجاوز الجعجعة. يجب ببساطة أن تنسحب القوات الروسية".
وقال لافروف إن وقف المعارك سيكون اتفاق الحد الأدنى، "سنسعى إلى وقف إطلاق نار فوري، سيكون لذلك الأولوية".
من جهتها اعتبرت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن مثل هذا الإجراء سيكون الخطوة الأولى لنزع فتيل وضع "غير مسيطر عليه بالكامل" و"يمكن أن يتحول إلى نزاع أوسع".
وفي حين يدور خلاف بين روسيا وأوكرانيا حول أسعار الغاز، قال بوروشنكو إن بلاده خفضت خلال السنة الماضية إلى النصف كمية الغاز التي تستوردها من روسيا وإنها ستواصل ذلك خلال الأشهر المقبلة، وتعهد بأن تتخلص بلاده من التبعية المكلفة لروسيا في مجال الطاقة بحلول 2017 بفضل الانتقال للاستيراد من أوروبا واستغلال ثرواتها من الغاز الصخري.