نفى رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أن تكون بلاده مسؤولة عن ظهور
الدولة الإسلامية في
العراق وسوريا، وعزا ذلك للغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
ويقول الكاتب باتريك كوكبيرن في مقال له في صحيفة "إندبندنت" البريطانية، إن المسؤول التركي، الذي يزور لندن، أقر بأن بلاده لم تكن قادرة على منع عبور المتطوعين الأجانب إلى
سوريا عبر الحدود التركية، ورأى أنه من الصعب وقفه، لأن السلطات التركية لم تكن قادرة على إغلاق حدودها، التي تمتد 510 أميال مع سوريا.
وتنقل الصحيفة عن داود أوغلو قوله إن
تركيا "لا يمكنها وضع جنود في كل مكان على الحدود"، وأضاف: "على أي حال، لم تعد هناك دولة على الطرف الآخر من الحدود".
وتذكر الصحيفة أن تركيا تؤدي دورا مهما في الأزمة السورية؛ بسبب الحدود الطويلة التي تفصل بين البلدين، ويسيطر على أجزاء منها تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ"داعش".
ويشير التقرير إلى وصف أوغلو للعلاقات الوثيقة التي أقامتها تركيا مع النظام السوري لبشار الأسد، حيث قال: "ذهبت إلى هناك 62 مرة خلال عشرة أعوام، ولكن العلاقات بدأت بالتدهور بعد عام 2011، عندما بدأ الأسد يقتل شعبه".
وأكد أوغلو أن تنظيم الدولة نشأ نتيجة الحرب على العراق والاحتلال الأمريكي له عام 2003، وأن تركيا التي استقبلت 1.5 مليون لاجئ سوري بسبب الحرب الأهلية، ونصف مليون آخر بسبب صعود تنظيم الدولة الإسلامية، لا علاقة لها بصعوده، بحسب الصحيفة.
وتبين الصحيفة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أكد في خطاب الاتحاد، الذي ألقاه يوم الثلاثاء، أن أمريكا ستواصل حملتها في العراق، وستقدم الدعم للجيش العراقي، عندما سيبدأ حملته ضد قوات الدولة الإسلامية.
ويستدرك التقرير بأن مصادر عراقية تقول إن الجيش العراقي في حالة سيئة بسبب الهزيمة التي تكبدها في الصيف الماضي على يد قوات الدولة الإسلامية، ولهذا فشل في إعادة تنظيم نفسه، رغم الدعم الأمريكي ووجود المستشارين العسكريين، الذين أرسلتهم واشنطن، ويصل عددهم حتى الآن إلى ثلاثة آلاف جندي. ولم يحقق الجيش العراقي تقدما واسعا، رغم الدعم الجوي الذي بدأته واشنطن في آب/ أغسطس 2014.
وبتوقع كوكبيرن أن تواصل الدولة الإسلامية حكمها للمناطق التي سيطرت عليها في كل من سوريا والعراق؛ لأن أعداءها فشلوا في التوحّد والعمل بشكل حاسم ضد الدولة. فإنه ليس بإمكان الجيش العراقي أو الجيش السوري التابع للنظام، إلحاق الهزيمة بقوات الدولة الإسلامية.
ويلفت الكاتب إلى أن تركيا قد تعرضت لانتقادات؛ لأنها لم تقم باتخاذ إجراءات مناسبة لوقف تقدم الجهاديين القادمين من الغرب إلى سوريا وعبر أراضيها.
ويورد التقرير تأكيد أوغلو أن تركيا تعارض كلا من تنظيم الدولة الإسلامية ونظام بشار الأسد. ويعتقد أنه في حالة فشل المجتمع الدولي في وضع قوات على الأرض في سوريا "فالخيار الأنسب هو تدريب المعارضة السورية وتسليحها"، ولأن قوات كهذه ليست موجودة، حيث تسيطر على الساحة القتالية في سوريا إما جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية، فإن تركيا تخوض حربا طويلة دون نهاية.
ويذهب الكاتب إلى أن الجيش السوري يعاني من نقص في الجنود، وهو في حالة إجهاد بعد أربعة أعوام من الحرب، فيما يعاني داعموه الرئيسيون، وهم حزب الله وإيران وروسيا، من مشاكلهم الداخلية.
وتفيد الصحيفة بأن الإدارة الأمريكية لا تملك خطة سياسية وعسكرية واضحة في العراق، قادرة على هزيمة الدولة الإسلامية بعد ستة أشهر من هزيمة الجيش العراقي، حيث لا تزال تسيطر على شمال العراق وغربه.
وتنقل "إندبندنت" عن الرئيس أوباما قوله إن المرحلة الأولى لهزيمة الدولة قد انتهت، حيث اشتملت على تشكيل حكومة موسعة وذات مصداقية، وقد حصل هذا. مضيفا أنه في المرحلة الثانية ستقدم الولايات المتحدة الدعم الجوي، وتهيئ الطريق أمام تقدم القوات العراقية.
ويرى كوكبيرن أن الوضع العسكري في بغداد مدعاة للتفاؤل؛ فرغم استبدال نوري المالكي وتعيين حيدر العبادي مكانه، ومع تفاؤل الإدارة الأمريكية، إلا أنها لا تزال تشك في مدى سيطرة العبادي على الوضع. فأكبر فشل هو عدم قدرة النظام على بناء قوات عراقية يوثق بها بعد تفككها في مدينة الموصل يوم 10 حزيران/ يونيو، ولا يزال الجيش يعاني من مشكلة الجنود الوهميين.
ويوضح الكاتب أن الجيش العراقي حقق بعض النجاحات القليلة، مثل استعادته مصفاة بيجي نهاية العام الماضي، إلا أن الدولة الإسلامية عادت وهاجمت المدينة من جديد، وشنت عملية انتحارية نفذها أبو سليمان البريطاني، حيث قاد شاحنة محملة بثمانية أطنان من المتفجرات، قتل فيها جنرالا في الشرطة وهو فيصل الزاملي.
وتكشف الصحيفة عن أنه وخلافا لتأكيدات الرئيس الأمريكي، فالقوات الفاعلة في مواجهة الدولة الإسلامية هي الميليشيات الشيعية، التي قامت بتطهير بلدات في جنوب غرب بغداد، وحققت انتصارات في مناطق ديالى التي يعيش فيها السنة والشيعة. وبسبب ترويع هذه الميليشيات للسنة فستجد الولايات المتحدة صعوبة في إقناع القبائل السنية في المشاركة في قتال الدولة الإسلامية.
ويقول التقرير إن التنظيم يستفيد من الغارات، ومن حالة التشتت التي يعيشها مقاتلو المعارضة المعتدلة.
ورفض أوغلو التقارير التي تحدثت عن عدم التزام واشنطن بالإطاحة بنظام الأسد، لخوفها من أن تملأ جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية الفراغ الذي سيتركه، وفق التقرير.
وقال أوغلو إنه لا يصدق هذا الكلام؛ لأن أمريكا تقول صراحة "ومن خلف الأبواب المغلقة إنها تريد رحيل الأسد".
ويذكر الكاتب أن تركيا تؤدي دورا مهما في الأزمة السورية. ولا يخفي أوغلو غضبه من الطريقة التي تم فيها تفسير الدوافع التركية لدعم الثورة السورية، حيث فسرت على أنها دعم للدولة الإسلامية. وأشار إلى أن تركيا تقدم العون والمساعدة إلى مليون ونصف المليون من السوريين الذين فروا من هجمات الأسد، إضافة إلى 200 ألف فروا من مناطق الدولة في سوريا، و300 ألف عراقي.
ويلفت التقرير إلى أن أوغلو قال إن الدولة الإسلامية نشأت بسبب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. لكن سياسة تركيا اتسمت بالتقدم خطوة والتأخر أخرى، خاصة عندما هاجمت الدولة الإسلامية بلدة عين العرب (كوباني) في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، واقتربت من السيطرة عليها.
ويختم كوكبيرن تقريره بالإشارة إلى رفض الرئيس التركي دعم المدافعين عن كوباني من الأكراد، بسبب انتمائهم لقوات الحماية الشعبية التابعة لحزب العمال الكردستاني "بي كي كي"، رغم أن الحكومة التركية فتحت الباب أمام اللاجئين الأكراد للدخول إلى أراضيها، وسمحت لـ 150 من مقاتلي البيشمركة العراقيين بالدخول إلى البلدة.