سبعة تحديات داخلية وخارجية وشخصية تواجه الملك السعودي الجديد سلمان بن عبدالعزيز الذي تولى مقاليد الحكم، الجمعة، خلفا لأخيه الملك عبدالله الذي وافته المنية في اليوم ذاته.
وتعد
إيران عنوانا بارزا لعدة تحديات تواجه المملكة بعد اتهامات موجهة للأولى بدعم الحوثيين في
اليمن (الجارة الجنوبية للمملكة)، ولميلشيات شيعية في العراق (الجارة الشمالية للمملكة)، والتدخل في الشأن البحريني عبر دعم المعارضة في المملكة الحليفة للسعودية التي تقع شرقها، إلى جانب دعمها لرئيس النظام السوري بشار الأسد الذي تعمل
السعودية على إسقاطه وتدعم المعارضة ضده.
كما تعد الأزمة اليمنية، لا سيما في حالة الفراغ التي تعيشها البلاد في ظل سيطرة الحوثيين على صنعاء وتمددهم في البلاد، تحديا مستقلا بذاته.
وتولى الملك سلمان مقاليد الحكم بعد يوم واحد فقط من استقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته، على خلفية الأزمة الذي تشهدها البلاد منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في أيلول/ سبتمبر الماضي.
سيطرة الحوثيين-الذين تقول السلطات اليمنية إنهم مدعومون من إيران- على الجارة الجنوبية للمملكة، يشكل أبرز تحدٍ يواجهه الملك الجديد، في ظل صراع المملكة الصامت مع إيران.
ورغم أن العمل جارٍ حاليا على تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع السياج الحديدي على الحدود السعودية اليمنية، إلا أن السياج لا يكفي وحده، فضلا عن أن تنفيذه قد يستغرق وقتا طويلا.
وكان العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، قد افتتح في 5 سبتمبر/ أيلول الماضي، مشروع السياج الأمني الذي أقامته المملكة على حدودها الشمالية مع العراق بطول 900 كيلومترا، واستغرق العمل فيه ست سنوات، بهدف إحكام السيطرة على الحدود الشمالية ومنع أي مخاطر محتملة.
ويتكون المشروع الذي يحمل اسم "مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود لأمن الحدود- المرحلة الأولى" من مليون و450 ألف متر شبكة ألياف بصرية و 50 راداراً و خمس سيلجات أمنية بطول 900 كيلو مترا مكونة من نظامي آلفا وبرافو ولها ساتر ترابي وسياج من الشبك (شينلنك) وسياج من الشبك الملحوم وساتر ترابي.
التحدي الثالث الأبرز هو
الدولة الإسلامية التي تتمدد في كل من العراق وسوريا، ولم تتورع في الكشف عن أنها تستهدف المملكة أيضا، ولعل الدولة هي بمثابة تحد أمني مزدوج داخليا وخارجيا، بعد الكشف عن وجود حركات وخلايا متطرفة تابعة للدولة الإسلامية أو متعاطفة معها.
ولعل الدولة الإسلامية أصبحت تحمل عداء شخصيا للعاهل السعودي الجديد، بعد أن كشفت تقارير مؤخرا -لم تنفها السعودية- أن نجله خالد شارك في أول ضربة جوية نفذتها السعودية ضد الدولة في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، ضمن مشاركتها في تحالف دولي يوجه ضربات جوية ضد الدولة الإسلامية.
على صعيد التحديات الداخلية، ليس بعيدا عن الدولة الإسلامية، يعد التحدي الأمني (مكافحة الإرهاب)، ووجود حركات مثل القاعدة ومقاتلي الدولة الإسلامية، من أبرز التحديات التي ما تزال تواجه السعودية، لا سيما بعد تعرض قوات أمنية سعودية لعشر هجمات خلال العام الماضي، معظمها شرق المملكة ذات الأغلبية الشيعية.
التحدي الداخلي الثاني يرتبط بالأول أيضا، وهو ملف مزمن يتمثل في الشيعة الذين يتهمون السلطات السعودية بممارسة التهميش بحقهم في الوظائف الإدارية والعسكرية، وخصوصا في المراتب العليا، وتعد المنطقة الشرقية الغنية بالنفط المركز الرئيسي للشيعة الذين يشكلون نحو عشرة بالمئة من السعوديين البالغ عددهم نحو 20 مليون نسمة.
ورغم أن ما يحدث في العوامية (شرق) يبرره البعض بأسباب اقتصادية، إلا أن هناك في المقابل من يرى أن من يحرك الأحداث بالعوامية إيران، ويعتبرون أن أحداث العوامية ذات طابع طائفي، ويدللون على ذلك بأنه من حيث الفقر، هناك أماكن أشد فقرا من العوامية في المملكة، ولم تشهد أحداثا مماثلة.. أيضا يعتبرون أن الأحداث تزداد وتيرتها وتخف طبقا للتقلبات التي تشهدها المنطقة.
الملف الثالث هو تسريع وتيرة الإصلاح في السعودية، التي بدأها الملك الراحل، وإن سارت بوتيرة أقل.
ولعل أول اختبار على صعيد حقوق المرأة من المقرر أن يتم خلال العام الجاري، حيث يترقب السعوديون والسعوديات موعد الإعلان عن أول انتخابات بلدية تشارك فيها المرأة في المملكة مرشحة وناخبة، والمقرر إجراؤها خلال العام الجاري.
ولم تشارك المرأة في الدورتين الأولى والثانية لانتخابات المجالس البلدية عامي 2005 و2011، فيما قرّر الملك عبد الله بن عبدالعزيز في 25 أيلول (سبتمبر) 2011 مشاركة المرأة في انتخابات المجالس البلدية ناخبة ومرشحة، "وفق الضوابط الشرعية".
أيضا هناك تحد هام آخر يواجه العاهل السعودي الجديد، وإن كان شخصيا، يتمثل في كبر عمره، حيث يبلغ 79 عاما، وتظهر انحناءة قليلة في مشيته بسبب تقدمه في العمر، وإن كان يحسب له سرعة دفع الجيل الثاني من نسل الملك المؤسس عبدالعزيز في شرايين السلطة، وهو الأمر الذي يتطلب استمراه في المرحلة القادمة.
وتعد سرعة تعيين ولي ولي العهد، وهو المنصب الذي يتطلب موافقة هيئة البيعة عليه، واختيار الأمير محمد بن نايف لهذا المنصب، الذي كان يطمح فيه أيضا الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني ونجل العاهل السعودي الراحل، من أبرز المفاجآت.
وجاء في الأمر الملكي الصادر أمس أنه "قد اخترنا الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولياً لولي العهد، وأمرنا بتعيينه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية".
وبتولي الأمير محمد بن نايف هذا المنصب يصبح ثاني شخصية تتولي هذا المنصب الذي استحدثه العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 27 مارس/ آذار الماضي، وعين أخاه غير الشقيق الأمير مقرن بن عبدالعزيز بالمنصب، ويصبح بن نايف أول حفيد من أبناء الملك عبدالعزيز مرشحا لتولي أعلى منصبين في قمة هرم السلطة في السعودية، ولي العهد ثم الملك (مستقبلا).
أيضا أصدر الملك الجديد قرارا ملكيا أمس عين بموجبه نجله الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وزيراً للدفاع إضافة إلى عمله، ليكون أول حفيد من أحفاد الملك عبدالعزيز يتولى منصب وزير الدفاع منذ عام 1962، كما صدر أمر آخر بتعيين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيساً للديوان الملكي ومستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين بمرتبة وزير إضافة إلى عمله.
وبهذه التعيينات، أصبح الطريق ممهدا للجيل الثاني من نسل الملك عبدالعزيز في السعودية لتولي الحكم في البلاد، مع توقعات بتغييرات جديدة خلال الفترة القادمة، تضخ مزيدا من الدماء الشابة في شرايين السلطة.