تلقى مادة
اللحوم البيضاء المستوردة رواجاً واسعاً في الأسواق في القسم
الحلبي الخاضع لسيطرة الثوار، نظراً لتهاود أسعارها مقارنة بأسعار اللحوم الحمراء. وتعتمد كثير من العائلات الحلبية على هذه اللحوم المجمدة مصدرًا وحيدًا للبروتين الحيواني الذي يحتاجه جسم الإنسان، وتتغاضى الأسر عن الجودة والمذاق، مقابل توفير قليل من المال لتلبية الحاجات الضرورية الأخرى.
ويأتي هذا في وقت تصاعدت فيه التحذيرات حول مدى صلاحية هذه المواد من الدجاج والأسماك، ومدى احتوائها على العناصر الغذائية بعد طول فترة تجميدها، الأمر الذي يعرضها لفقدان الكثير من العناصر الغذائية الهامة، فضلاً عن أحاديث تدور عن فساد كميات منها، وذلك بسبب عدم اتباع شروط التخزين التي تحافظ على سلامتها.
وأفاد شهود عيان عن تكرار حوادث التسمم بين بعض الأهالي جراء استهلاكهم لهذه اللحوم، بالمقابل يبدي كثير من المواطنين رضاهم عن تواجد هذه المواد في الأسواق، لأن أسعارها تناسب الفقراء بعد أن ساهمت الحرب في تزايد أعدادهم.
يقول محمد نعسو (45 عاماً) لـ"عربي21": "أعتمد على مادة الفروج المجمد مصدرا وحيدا للحوم على المائدة، فاللحوم الحمراء أصبحت باهظة الثمن، وسعر الكيلو الواحد يصل إلى 1800 ليرة سورية (حوالي تسعة دولارات)، بينما يصل سعر كيلو الفروج المجمد إلى الربع فقط".
وحول مدى توفر العناصر الغذائية فيها، يقول محمد ضاحكاً: "الأهم عندي أن يشعر أولادي بأنهم يأكلون اللحم، فأنت تعرف حب أهالي حلب للحوم، وولعهم باستهلاكها".
بدورها، تبدي ربة المنزل "ليلى" عدم رضاها عن مذاق هذه اللحوم، لكونها تتعرض لفترة تجميد طويلة، إلا أنها تستدرك بالقول: "سعرها فقط هو الذي يجعلنا نقبل على استهلاكها، حتى هذه اللحوم لا يستطيع الكثيرون تسوقها، بسبب عوزهم الشديد".
وتشهد الأسواق الحلبية في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار غياباً تاماً لأدنى أشكال الرقابة
التموينية، الأمر الذي جعل المستهلك الحلبي تحت رحمة التجار، وسط عجز مالي تعانيه مؤسسات المعارضة المعنية بهذا المجال.
وبحسب رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب عبد العزيز مغربي، فإن مجلس المحافظة كان بصدد تأسيس هيئة تموينية مهمتها مراقبة أسواق المدينة، إلا أن النقص الشديد في الوارد المالي للمجلس يعيق ذلك.
وأكد مغربي، في حديث لـ"عربي21"، على عدم تهرب المجلس من التزاماته تجاه المواطن، إلا أنه نوه إلى أن المجلس يوازن في منظومة الخدمات التي يقدمها بحسب ضرورتها، وبما يتناسب مع قدراته، مثل المياه والكهرباء والنظافة، مشيراً إلى حالة العجز المالي الشديدة التي يعانيها منها المجلس خصوصاً، وكل المؤسسات المدنية للمعارضة عموماً.
ومؤخراً، أصدرت إدارة معبر باب السلامة الحدودي قراراً يقضي بفرض قيود ومعايير على المواد الغذائية والصناعية والزراعية المستوردة، تفادياً لدخول المواد الفاسدة منها من الأراضي التركية إلى الداخل السوري.
وقالت الإدارة في قرارها، الذي حصلت "عربي21" على نسخة منه، إنها اتخذت إجراء أوليا، يقضي بتأسيس مخبر متطور لتحليل عينات من كافة المواد قبل السماح بإدخالها.