تحل الذكرى الرابعة لثورة 11 فبراير التي أطاحت بالرئيس
اليمني الأسبق علي عبدالله صالح من الحكم، بعد أيام من إعلان ما تسمى بـ"اللجنة الثورية"، التابعة لجماعة "أنصار الله" (الحوثي)، في القصر الجمهوري في صنعاء الجمعة الماضي، ما أسمته "إعلانا دستوريا"، يقضي بتشكيل مجلسين رئاسي ووطني، وحكومة انتقالية، وحل مجلس النواب اليمني.
وتشهد ساحة التغيير بالعاصمة اليمنية صنعاء انتشارا كثيفا لمسلحي الحوثي، وذلك لمنع شباب الثورة الذين من المقرر أن يحتفلوا بثورة 11 فبراير اليوم الأربعاء، من الوصول إليها، وسط دعوات حركات ثورية وشبابية لجعل هذه المناسبة موعدا لاستعادة الدولة اليمنية وإسقاط الانقلاب الحوثي.
ذكرى ثورة وأجواء انقلاب
وبهذه المناسبة، قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان إن "ذكرى ثورة فبراير، جاءت واليمن ليس على ما يرام، عقب الانقلاب المليشياوي الحوثي على إرادة اليمنيين، واحتلالهم للعاصمة صنعاء، وإسقاطهم لمؤسسات الدولة السيادية، وقيامهم بنهب معسكرات الجيش، وإنهاكها بالحروب والقتل والاختطاف، ومصادرتهم وانتهاكهم للحقوق والحريات".
وأضافت في رسالة وجهتها لشباب
ثورة 11 فبراير، أن "جماعة الحوثي، دمرت كل قواعد العمل السياسي، ونسفت كل تقاليد الدولة المؤسسية، لفرض إرادة أحادية إشباعًا لنزواتها في التفرد والتسلط، وتنفيذا لأجندات إقليمية".
وأكدت كرمان أن "ثورة 11 فبراير، مثلت رمزية حضارية في تاريخ الثورات باعتراف العالم، عندما كان الشباب اليمني الحالم بالحرية والكرامة ودولة الرفاه والأمن والعدل والقانون، أكثر حرصًا على نجاحها بدون دماء، مؤمنًا بأن قدرها أن تنتصر اليوم أو غدًا، ولذلك فهي لم تستجب في البداية لدعوات العنف والصراعات التي حاول نظام صالح وقتها إثارتها".
واتهمت الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح بانتهاج سياسة العنف والصراعات لإفشال ثورة فبراير، وارتكابه مجازر في حق شباب الثورة، ومنها مجازر جمعة الكرامة ورئاسة الوزراء وكنتاكي والستين والملعب الرياضي، إلى جانب محرقة تعز واستهداف شباب عدن والحديدة وحضرموت، منوهة إلى أن "كل مدينة وشارع في البلاد، هناك للدم اليمني المسفوح فيها ذاكرة وذكريات".
واتهمت صالح أيضًا "بتسليم محافظات بكاملها للمليشيات المسلحة، عقب انطلاق ثورة فبراير في 2011"، مستدلةً على ذلك "بما حدث في محافظة أبين جنوب اليمن التي سيطر عليها تنظيم القاعدة، وكذا محافظة صعدة عندما سقطت بأيدي الحوثيين".
وقالت الناشطة اليمنية: "النظام الساقط في اليمن يريد هو وحلفاؤه اليوم في الثورة المضادة أن يجروا اليمن إلى حرب أهلية وقتال طائفي ومذهبي وصراع مناطقي لنترحم على طريقة إدارته للحكم، في حين مكث ثلاثة عقود لم يبن فيها مؤسسات مدنية وعسكرية قابلة للبقاء في وجه العواصف، بل إن ترسانته العسكرية ومؤسساته العائلية حتى ها هي تسقط وتسلم للمليشيات".
ولفتت كرمان إلى أن "اليمن اليوم على مفترق طرق، إما أن يغرق في الفوضى والحرب، أو يتم كسر الخيارات العنيفة بإرادة شعبية عرفها العالم في الحادي عشر من فبراير الخالد".
ودعت أحرار اليمن قائلة: "أنتم مدعوون في هذا لتقولوا كلمتكم الفصل بأن ما قامت به مليشيات الحوثي هو انقلاب مكتمل الأركان ولا بد من إسقاطه حفاظًا على أمن اليمن واستقراره ووحدته، وأمن المنطقة، والسلم والأمن الدوليين".
وخاطبت الحائزة على جائزة نوبل للسلام الرعاة الدوليين: "انقلبت مليشيات الحوثي بإعلان وصفته بالإعلان الدستوري، على كافة الاتفاقات والوثائق المتعلقة بنقل السلطة التي رعيتموها من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وصولاً إلى الانقلاب على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاقية السلم والشراكة".
وأكدت كرمان أن "الرئيس اليمني المستقيل وحكومة الكفاءات، كانوا على قدر المسؤولية وجديرين بالاحترام حينما وضعوا الجميع أمام مسؤولياته بتقديمهم للاستقالة على إثر احتلال المليشيات للعاصمة اليمنية واستيلائها على مؤسسات الجيش والأمن والمؤسسات العامة".
وطالبت الأحزاب والقوى السياسية "بعدم منح الانقلاب الحوثي المشروعية بالاتفاق والحوار، إن كنتم غير قادرين على تنفيذ ما توافقتم عليه".
ودعت أبناء المحافظات والمدن الرافضة للتواجد الحوثي بقولها: "إن رفضكم للانقلاب وعدم اعترافكم بشرعية احتلال صنعاء، وكل ما يصدر من سلطة المليشيات، بالتزامن مع مقاومة كل محاولات الاجتياح، هو ما يتعيّن عليكم فعله الآن، حتى سقوط الانقلاب وزوال الاحتلال".
فرصة لاستعادة وهج الثورة
من ناحيته، يرى الصحفي والناشط في الثورة اليمنية عبدالله المنيفي أن "المرحلة التي تمر بها اليمن اليوم صعبة للغاية، تزامنًا مع حلول الذكرى الرابعة لثورة 11 فبراير السلمية، التي تتعرض لضربات موجعة من قبل جماعات العنف المسلحة، التي قامت باحتلال عدد من المدن اليمنية بما فيها عاصمة البلاد، التي ترزح اليوم تحت قبضة مليشيات جماعة الحوثي".
وأضاف لــ"عربي21" أن "11فبراير، يأتي هذه المرة، ومؤسسات الدولة المختلفة، قد انهارت أمام مسلحي الحوثي، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية".
وأوضح الصحفي المنيفي أن "هناك طرفين مسؤولين بشكل رئيس عما يجري، الأول قوى الثورة السلمية وفي مقدمتها أحزاب المشترك الرئيسة (الإصلاح والاشتراكي والناصري) التي تغافلت عن مسار الثورة، وركنت للعمل السياسي المسير من قبل المجتمع الدولي الذي تتضارب حساباته مع حسابات الربيع اليمني"، على حد وصفه.
أما الطرف الثاني، وفقًا للناشط اليمني عبد المنيفي فهو "حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي صالح الذي وزع أدواره بين التواطؤ مع جماعة الحوثي في تدمير البلاد، والوقوف موقف الشامت من قوى ثورة 11 فبراير التي أطاحت به من الحكم في 2011".
ودعا الصحفي والناشط اليمني القوى السياسية اليمنية إلى "مراجعة حساباتها السياسية في ذكرى ثورة فبراير المجيدة، وتقديم المصلحة العليا لليمن، وكذا تأجيل خلافاتها السياسية لوقف جماح العنف وشهوة السيطرة بالقوة. على السلطة من قبل مليشيات الحوثي"، مشيرا إلى أن "هناك فرصة أمام شباب الثورة اليمنية لإعادة وهجها، والعمل على تحقيق أهدافها التي تكاد تنطمر"، وفق تعبيره.
هذا، واحتشد شباب الثورة في مدينة تعز جنوب اليمن، في مظاهرة ليلية، جرى فيها إيقاد شعلة الثورة في نسختها الرابعة، وسط تعهدات من قبل المتظاهرين بإسقاط الانقلاب الحوثي.
وانطلقت الثورة اليمنية ضد نظام علي عبدالله صالح، في 2011، وأجبرته على التنحي بموجب اتفاق سياسي رعته دول مجلس التعاون الخليجي في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام ذاته، وتسليم السلطة إلى نائبه حينها، عبدربه منصور هادي، عبر انتخابات توافقية جرت في شباط/ فبراير من عام 2012.