عنونت صحيفة "الغارديان" البريطانية افتتاحيتها بـ"من نورث كارولاينا إلى كوبنهاغن: التهديد ذاته للحرية"، وتقول فيها إنه رغم أن الهجمات مختلفة، وكانت على أشخاص من
أديان مختلفة، إلا أن ما جرى في بلدة
تشابل هيل في جامعة نورث كارولاينا، والعاصمة
الدانماركية كوبنهاغن، كانت الهدف المقصود هو
الحرية.
وجاء في الافتتاحية: "في يوم الثلاثاء قتل ثلاثة شبان مسلمين في شقتهم في تشابل هيل، وعلى ما يبدو أن القاتل هو جارهم كريغ هيكس، الذي زعم أن دينهم يعد إهانة لمبادئه الإلحادية. أما
هجوم يوم السبت على العاصمة الدانماركية كوبنهاغن فقد كان أوسع، ومع أن الفيديو يظهر زخات من الرصاص أدت إلى مقتل شخص واحد، فإن الفاعل كان يقصد ارتكاب مجزرة ضد أشخاص كانوا يناقشون حرية التعبير، حيث كان يشارك في النقاش الفنان السويدي المثير للجدل لارس فيلكس والسفير الفرنسي في الدانمارك. وهرب المسلح من هذا المكان، وعاد وظهر مرة أخرى، وقام بالهجوم على مشاركين في احتفال يهودي، بهدف واحد هو ترويع المجتمع اليهودي. ولم يوقفه سوى شرطيين شجاعين والحارس المتطوع دان أوزان الذي مات مقتولا رميا بالرصاص".
وتضيف الصحيفة أن "الحرية ضرورية للديمقراطية، وهي عرضة لما أسمته الكاتبة اليهودية ناتاست ليهرر (سرد الاستقطاب)".
وتبين الافتتاحية أنه "لن تكون هناك قائمة فائزين لضحايا هذه الأفعال الإرهابية، ولكن في الدول الإسكندنافية، التي ترى أنها محظوظة من ناحية تماسكها الاجتماعي، وكما قال أحد المعزين إنها (دولتنا السحرية)، فإن الهجوم سيترك أثرا صادما على حس الإيمان بالنفس".
وتوضح الصحيفة أنه "قبل خمسة أعوام قام المتطرف أندريه بريفك بذبح 70 تلميذ مدرسة كانوا في معسكر صيفي في النرويج. واليوم يعاني الدانماركيون الألم ذاته. وتماما مثل فرنسا بعد (
شارلي إيبدو) الشهر الماضي، فهم يدفعون ثمن حمايتهم للحرية. وكما في فرنسا فإن حق الحرية مورس بطريقة مثيرة للجدل، مع نشر صور مسيئة للنبي محمد في أيلول/ سبتمبر 2005. ولكن الدول الأوروبية كلها تعيش اليوم كفاحا من أجل تحقيق التوازن في الحقوق الأساسية، التي لا تقدر بثمن، وهي ميراث من مرحلة ما بعد الحرب والمبادئ التي يؤمن بها المواطنون، والعزيزة على قلوبهم، فحق حرية التعبير يجب أن يتوازن مع أهمية حماية الاختلاف، ذلك أنه من خلال حماية طرف هناك تظهر إمكانية التأثير على حق الآخر".
وتتابع الافتتاحية بأن "الأمر يصدق في البحث عن موازنة بين الحرية والأمن. فمن جهة كان القاتل على ما يبدو معروفا للسلطات الأمنية، ما يعني أنه لم تكن هناك حاجة للرقابة الشديدة. ومع ذلك فيجب أن نقدم التحية لقتله بسبب توافر الصور الكثيرة له، التي التقطتها الكاميرات، وهي التي ترى فيها دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا خرقا للخصوصية".
وترى الصحيفة أن "حرية التعبير هي واحدة من الحريات التي تتعرض للهجوم. فهناك حرية العبادة، أي حرية أن تكون مختلفا. فبعد أن قام أحمدو كوليبالي بقتل أربعة متسوقين في متجر للكوشير في باريس الشهر الماضي، والقتل السابق في المعبد اليهودي في بروكسل، فإنه من الواضح أن المجتمعات اليهودية في أوروبا تقبع تحت التهديد، وهذا يرجع إلى الحقد الذي يقول الكثيرون إنه نابع من المعارضة لإسرائيل والصهيونية، ولكنه حقد يشبه التاريخ الأسود لمعاداة السامية".
وتشير الافتتاحية إلى أن "رئيسة الوزراء الدانماركية هيلي ثورنينغ- شميدت قامت بإصدار تصريح مهم في الدفاع عن المجتمع اليهودي الصغير المهم. وقد نتفهم موقف البعض من أن تصريحاتها جاءت متأخرة بعض الشيء، لكن هذا لا يبرر الدعوة غير الحكيمة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (لهجرة جماعية) إلى بلاده. فمن الواضح أنه لم يتم الانتباه إلى صعود الهجمات ضد المجتمعات اليهودية".
وتجد الصحيفة أنه "في سياق مختلف، فإن هناك عدم اهتمام للتهديدات التي تتعرض لها المجتمعات الدينية في الولايات المتحدة. فقتل ثلاثة طلاب مسلمين من مسلح تحتوي صفحته على (فيسبوك) تهديدات للأديان المنظمة كلها، وبينها الإسلام، حيث وصفت عملية القتل في البداية بأنها خلاف حول مواقف السيارات. ولا يزال مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) مترددا في تأكيد أنه يقوم بالتحقيق بجريمة كراهية".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول: "بالتأكيد أن كل أمريكي مسلم يؤمن أنها جريمة كراهية، وعلينا أن نتعلم من الدرس القديم وهو: أن اليقظة الدائمة هي الكفيلة بحماية حرياتنا كلها".