كتب المعلق الأمريكي ديفيد إغناتيوس في صحيفة "واشنطن بوست"، متحدثا عن الدور الذي باتت تؤديه المملكة الأردنية الهاشمية في الحرب ضد
تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
ويقول الكاتب إن الملك عبدالله الثاني يؤدي دورا واضحا في المعارضة العربية ضد المتطرفين، وهو تطور غير عادي، ولكنه مهم، لأن الولايات المتحدة تظل حليفا غير موثوق في العالم العربي.
ويبين إغناتيوس أن الملك عبدالله الثاني يتحرك ضد الجهاديين على جبهتين، أيديولوجية وعسكرية. وقد عزز موقفه الإجماع الشعبي، الذي حصل عليه بعد إعدام الطيار معاذ الكساسبة حرقا، فالأردنيون كلهم يحملون منذ مقتله يافطات كتب عليها "كلنا معاذ".
ويجد الكاتب أن المهم في النشاط الأردني هو أنه يعطي التحالف وجها عربيا ومسلما، بدلا من الوجه الأمريكي فقط، ففي المنطقة التي ينظر فيها للولايات المتحدة بنوع من الشك، ويوصم من يتعاون معها من القادة العرب بأوصاف كـ"دمية في يد الصليبيين"، فإن الملك عبدالله الثاني يقرر كسر هذا "التابو"، رغم ما يحمله قراره من مخاطر سياسية.
ويشير إغناتيوس إلى أنه "في الجانب الأيديولوجي فإن الحملة ضد تنظيم الدولة ستبدأ بجهود تشارك فيها مجموعة من الدول العربية والمسلمة الرئيسة، من التي تتشارك في معارضتها للتنظيم. ومن المتوقع أن تضم بالإضافة إلى الأردن، مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة والمغرب وباكستان".
ويفيد الكاتب بأن "هذا التحالف المسلم يخطط لعقد مؤتمر الشهر المقبل في جامعة الأزهر، التي تعد مركز تدريس الإسلام السني لقرون طويلة. ومن المؤمل أن يقدم الأزهر الشرعية الدينية من أجل مواصلة المعركة ضد المتطرفين. وستساعد الولايات المتحدة في خلق صفة دولية من أجل مواجهة رسالة المتطرفين، وستتم مناقشة هذه الرؤية في البيت الأبيض هذا الأسبوع في مؤتمر لمواجهة التطرف".
ويورد إغناتيوس أنه "على الجانب العسكري، يواصل الأردنيون ولأسابيع قصفهم لمواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وأهم ما في جهودهم هو تعاونهم مع الحكومة العراقية لتدريب وتسليح (الحرس الوطني)، الذي سيقوم في مرحلة لاحقة بتحرير المناطق السنية التي سيطر عليها تنظيم الدولة، فقد كان هذا التعاون مع حكومة شيعية نوعا من الهرطقة في الماضي".
ويذكر الكاتب أن الأردنيين يبدون مقتنعين بالتعاون الجاد مع
السنة، رغم صداقة بلدهم مع إيران. وقد وضع أسس التعاون بين البلدين وزير الدفاع خالد العبيدي، الذي زار عمان في كانون الأول/ ديسمبر. وقام الجنرال مشعل الزبن، رئيس هيئة الأركان الأردني بزيارة مماثلة إلى بغداد الأسبوع الماضي، من أجل مناقشة تفاصيل خطة التدريب، ولكن الاتفاق لم يوقع بعد، ما أثار مخاوف السنة الذين قالوا إن التعاون "مجرد كلام".
ويعلق إغناتيوس بأن "قادة العشائر السنية وجدوا أنفسهم بين حنقهم على مقاتلي تنظيم الدولة، الذين سيطروا على بلداتهم، وشكهم في حكومة العبادي. وكان موقفهم واضحا يوم الجمعة، عندما قابلتُ اثنين من قادة العشائر، وهما الشيخ زيدان الجبوري وجلال القعود، فقد عبرا عن مخاوفهما من التعاون مع بغداد، طالما أن العبادي يسمح للمليشيات الشيعية بالعمل في محافظة الأنبار. وأظهر لي الجبوري، الذي كان غاضبا، صورا بشعة لجثتين لاثنين من أبناء عشيرته، كانا قد اغتيلا بطريقة بشعة على يد مليشيات شيعية في الرمادي".
ويستدرك الكاتب بأن "الدعم السني للتعاون زاد على ما يبدو ليلة الجمعة، عندما التقى في عمان خمسون شيخ عشيرة مع محافظ الأنبار ورئيس مجلس الحكم هناك. وقال الزوار العراقيون إن رئيس البرلمان السني، سليم الجبوري، سيعقد مؤتمرا في بغداد قريبا من أجل حشد الدعم ضد الجهاديين. وعاد شيوخ العشائر وهم يشعرون بالثقة".
ويرى الكاتب أن ما سيؤثر على الاتفاق هو فشل العبادي في منع المليشيات الشيعية بالعمل في المناطق السنية، ما يعني انهيارا للتحالف بين عمان وبغداد. ويعد هذا مثالا على المعضلة المركزية التي تواجه الاستراتيجية الأمريكية، التي تقتضي تعاونا بين جماعتين خاضتا حربا طائفية ضد بعضهما البعض.
ويختم إغناتيوس مقاله قائلا: "حتى يتوفر دليل قوي على جدية العبادي في تسليح العرب السنة، وتشكيل الحرس الوطني، ويقوم باحتواء المليشيات الشيعية، فأنا أشك في نجاح الاستراتيجية، ولكنني أتفق مع القعود، زعيم عشيرة البونمر، التي عانت من فظائع المتطرفين، الذي قال لي بعد الكوارث التي أصابت عشيرته، إنه لو تم تحقيق توازن عادل فعندها (سيتم إنقاذنا جميعا من السقوط في الهاوية)".